لا يخفى على أحد ما خلفته جائحة كورونا من ركود اقتصادي في الأردن والعالم، أدى لتعطل الكثير من القطاعات وخسائر مالية فادحة وبالتالي فقدان الكثير من الوظائف.
اللاجئون السوريون في الأردن كان لهم النصيب الأكبر بالتأثر بالجائحة لعدم وجود مدخول شهري منتظم يساعدهم على تجاوز هذه الأزمة وبسبب تعطل الكثير من القطاعات التي تعمل بنظام المياومة، هذه القطاعات التي يتجه إليها اللاجئون السوريون للعمل بها كقطاعي الزراعة والإنشاءات.
لم يكن يتوقع اللاجئ السوري محمد الحريري أن رسالة واحدة ستعيد له الأمل بعد أن أثقل كاهله توقف عمله بسبب جائحة كورونا، وتراكم إيجار منزله.
الحريري لاجئ سوري قدم إلى الأردن في العام 2013 وهو رب أسرة مكونة من 6 أفراد يبلغ من العمر 50 عاما يسكن في محافظة اربد ويعمل في مجال الإنشاءات ويبلغ دخله الشهري ما يقارب 250 دينارا.
وبحديثه لموقع عمان نت قال، إنه مع إجراءات الحظر الصحي وتوقف العمل اضطر للجلوس في المنزل وإن عمله هذا هو مصدر دخله الرئيسي في المنزل، ويضيف أن "كما تعلم لدينا التزامات شهرية إضافية كوننا لدينا أجار للمنزل في البداية استدنت المال لأدفع أجار المنزل الذي يكلفني نصف راتبي الشهري لكن مع استمرار توقف العمل وإجراءات الحظر لم يعد بمقدوري الاستدانة وتراكم علي الإيجار شهر تلو الأخر."
ويتابع الحريري قوله والغصة تملأ عينيه "ليس باليد حيلة إلا الدعاء والطلب من صاحب المنزل أن يعطينا مهلة في الدفع حتى أرجع لعملي وأستطيع تسديد الديون التي تراكمت علي."
إلا أن رسالة من صاحب المنزل كانت بمثابة جرعة أمل والذي جاء بها حسب الحريري "الأخ أبو خالد (محمد الحريري) لأن الظروف صعبة على الجميع إن شاء الله إحنا سامحنا بإجار المنزل إلي عليك ونتمنى منكم الدعاء.
قصة اللاجئ الحريري ما هي إلا قصة واحدة من عشرات القصص التي تشابهت من حيث فعل الخير مع تغير الأشخاص.
وتأتي هذه القصة ضمن ظروف اقتصادية صعبة إذ تقول المفوضية أن أكثر من ٤٣ ٪من اللاجئين السوريين فقدوا وظائفهم وان ٩٥ ٪ منهم لا يوجد لديهم مدخرات تزيد عن ٥٠ دينار وبالتالي هم غير قادرين على دفع المصروفات كإيجار البيت وفواتير الكهرباء والماء وغيرها الكثير."
ويؤكد عبد الله منير، أردني يمتلك عقارات وشقق استثمارية، أن الدوافع للمسامحة كثيرة، ويضيف أن "الأمور إلي بتجمعنا أكثر من إلي بتفرقنا أحنا أهل وعرب ومسلمين وهي عاداتنا وتقاليدنا منوقف مع المظلوم ونساعد المحتاج."
ويتابع "إذا ما وقفت مع أخي بهي الظروف متى رح وقف وبالنهاية نحنا ما عملنا شي هي أشياء بسيطة طول عمرنا منروح على سوريا ويستقبلونا وما يقصروا معنا، بينا نسب وقرابة."
ولفت إلى أن الظروف سيئة على الجميع في ظل هذه الجائحة لكن وضع اللاجئ السوري مختلف تماما، حيث انه لا يمتلك بيتا ولا عملا ثابتا، والاعمال اليومية توقفت بفعل آثار جائحة كورونا، معتبرا أنهم الأكثر تأثرا بالجائحة.
ويشير منير أنه لم يكن موضوع المسامحة مقتصراً عليه بل هناك العديد من أصدقائه قاموا بنفس الفعل وذكر بأن هناك تجار كثر سامحوا.
مبادرات تتسم بالرقي
وترى أستاذة علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة اليرموك، آيات نشوان، أن هذه المبادرات تتسم بالرقي لأنها تظهر الجانب الإنساني لأفراد المجتمع.
وتضيف أن "هذه المبادرات والأفعال ليست غريبة على مجتمعاتنا، مجتمعاتنا خيرة، مجتمعنا تحكمه القيم وهي مجتمعات متدينة فبالتالي قضية إغاثة الملهوف وقضية تفريج الكربة ليست من الأمور المستغربة والدافع الأقوى للأشخاص للقيام بهكذا أفعال هو الجانب الإنساني."
وتشير نشوان لأهمية تأثير هذه المبادرات على المجتمع حيث قالت، إن هذه المبادرات تبدأ بشكل فردي ثم تمتد لتكون بشكل جماعي و"علينا أن نساهم بنشر هكذا أمثلة ومبادرات ليكون الشخص قدوة للآخرين في مسامحته سواء كان في الإيجار للأخوة السوريين أو التعامل معهم".
ويعيش في الأردن 666,692 لاجئ سوري مسجل لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بينهم 128,579 داخل المخيمات، بينما تقول إحصائيات حكومية إن 1.3 مليون سوري في المملكة.