الخدمات الطبية: الأردن جاهز لتعزيز دعمه الصحي لقطاع غزة بعد وقف إطلاق النار
بعد وقف إطلاق النار على قطاع غزة، تستعد القوات المسلحة الأردنية، بناء على توجيهات ملكية، لتكثيف الدعم الصحي لسكان القطاع، حيث يشمل ذلك إرسال الإمدادات الطبية وإنشاء البنية التحتية اللازمة للمستشفى الميداني، بما في ذلك تمديدات المياه والمولدات والجدران العازلة، وسيتم تجهيز الكرفانات وتركيب الأجهزة الطبية الحديثة، وذلك خلال فترة تتراوح بين أسبوعين إلى شهر، ستصل الكوادر الطبية.
ويؤكد قائد طب الميدان في الخدمات الطبية الملكية، الدكتور أحمد الصبيحات في حديث لـ "عمان نت" أن الكوادر ستضم 80 مختصا من أطباء متخصصين في التوليد، الأطفال، حديثي الولادة، التخدير والإنعاش، إلى جانب ممرضات وقابلات قانونيات وممرضات مختصات، ومن المتوقع أن يبدأ المستشفى عمله مع نهاية شهر شباط، بشرط عدم وجود عراقيل من الجانب الإسرائيلي.
المستشفى سيكون متكاملا ويضم 30 سريرا، غرفة عمليات متطورة، وحدة عناية خاصة لحديثي الولادة، وعيادات متخصصة لرعاية ما قبل الولادة وبعدها، إضافة إلى مختبر وصيدلية، هذا المشروع يهدف إلى تقديم خدمات طبية شاملة للسكان، مع التركيز على النساء والأطفال، وتوفير عمليات جراحية ورعاية صحية متقدمة، بحسب الصبيحات.
تقديم الرعاية الصحية منذ عام 2000
منذ عام 2000، تلعب المستشفيات الميدانية الأردنية دورا إنسانيا وطبيا بارزا في تقديم الرعاية الصحية المتقدمة في الأراضي الفلسطينية، بدأ هذا الدور بإنشاء المحطة الجراحية الأردنية في مدينة رام الله، والتي استقبلت منذ ذلك الحين أكثر من مليون وخمسين ألف مراجع، وفقا لتقديرات القوات المسلحة الأردنية.
وفي عام 2002، تم إرسال محطة جراحية أردنية أخرى إلى مدينة جنين، حيث قدمت خدماتها لأكثر من مليون ومائة ألف مراجع حتى الآن.
أما في قطاع غزة، فقد بدأت المستشفيات الميدانية الأردنية عملها هناك منذ عام 2009، مع إنشاء مستشفى ميداني في منطقة تل الهوى شمال غزة، الذي استقبل حتى الآن أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مراجع.
وفي الحرب الأخيرة على قطاع غزة في شهر تشرين الثاني عام 2023، تم إنشاء مستشفى ميداني أردني جديد في مدينة نابلس، والذي استقبل أكثر من 158,300 مراجع.
وفي شهر كانون الثاني من نفس العام، تم إنشاء مستشفى ميداني آخر في خان يونس، حيث قدم خدماته لأكثر من 277,407 مراجعين، ليصل مجموع المستفيدين من خدمات المستشفيات الميدانية الأردنية إلى أكثر من 521,193 مراجع خلال تلك الفترة.
الدور الأردني في أوقات الأزمات
يوضح الصبيحات أن المستشفيات الميدانية الأردنية في تل الهوى وخان يونس ونابلس تمتاز بتقديم خدمات طبية متكاملة وشاملة، حيث تحتوي على العديد من الاختصاصات الجراحية الدقيقة والفرعية، تشمل هذه التخصصات الجراحة العامة، وجراحة العظام، وجراحة الشرايين، وجراحة الأطفال، والتجميل، والفم والفكين، والدماغ، والإصابات، ويتم تجديد الكوادر الطبية العاملة في هذه المستشفيات كل ثلاثة أشهر لضمان استمرارية الخدمات بجودة عالية.
ويضيف الصبيحات أن ما يميز الدور الأردني في هذا المجال هو العمل بصمت وبتوجيهات ملكية دون أهداف دعائية، مع الالتزام بالمبادئ الإنسانية والأخلاقية التي تعكس القيم الأردنية الأصيلة وأخلاقيات القوات المسلحة الأردنية.
في أوقات الأزمات مثل إغلاق كافة قنوات المساعدات إلى قطاع غزة، يوضح الصبيحات أن الأردن كان هو الجهة الوحيدة التي تمكنت من إيصال المساعدات عبر الإنزالات الجوية، حتى المساعدات الدولية كانت تمر عبر تنسيق مباشر مع الأردن، وتميز العمل الأردني بالمرونة والتجاوب مع احتياجات السكان المحليين، مثل إرسال مستشفى نسائي متخصص بالتوليد عندما أظهرت التقارير حاجة ماسة لخدمة أكثر من 50,000 امرأة حامل في القطاع.
خلال الحرب الأخيرة، أرسل الأردن فرقا طبية مكونة من 1650 شخصا للعمل في المستشفيات الميدانية في غزة والضفة الغربية، تم تقسيم الكوادر بواقع 126 شخصا لخدمة مستشفى جنوب غزة، و35 شخصا لمستشفى شمال غزة، و125 شخصا لمستشفى نابلس، بحسب الصبيحات.
إنجازات وأرقام
نفذت المستشفيات الميدانية أكثر من 21,729 عملية جراحية خلال السنة الماضية، منها، مستشفى خان يونس 19,908 عملية، مستشفى نابلس 1,492 عملية، مستشفى تل الهوى: 379 عملية.
أما إصابات الحرب تعاملت المستشفيات مع 57,795 إصابة حرب، منها مستشفى تل الهوى أكثر من 28,000 إصابة، مستشفى خان يونس أكثر من 28,000 إصابة، مستشفى نابلس 1,045 إصابة.
ويمتد الدور الإغاثي الأردني ليشمل 32 دولة حول العالم، حيث تعمل المستشفيات الميدانية الأردنية في مناطق الحروب والكوارث، مع التركيز على تقديم الدعم الطبي لأقرب الناس إليه، وهم أهل الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي أصعب الظروف، مثل القصف والخطر، قام الأردن بإخلاء العديد من الحالات من غزة لعلاجها في المدينة الطبية، وكل ذلك بشكل مجاني.
مبادرة الأطراف الصناعية
أطلقت الخدمات الطبية الملكية مبادرة "استعادة الامل"، لدعم مبتوري الأطراف في غزة ، استجابة للارتفاع الكبير في أعداد الإصابات الناتجة عن الحرب، والتي تجاوزت قدرة مستشفيات غزة في إدارة هذه الحالات والتعامل معها.
يقول الصبيحات إن إطلاق هذه المبادرة جاء بناء على تقارير تفيد بوجود ما بين 13,000 إلى 15,000 شخص من مبتوري الأطراف في غزة، ولتلبية هذه الحاجة الملحة، اعتمدت المبادرة تقنية حديثة تعرف باسم "إنبالو شوكت"، وهي تقنية متطورة تتميز بالكفاءة والفعالية العالية.
تتميز هذه التقنية بسهولة الاستخدام، أي لا تحتاج التقنية إلى مشغل لتصنيع الأطراف، وتحمل الأوزان حيث يمكن للطرف الصناعي تحمل وزن يصل إلى 150 كغ، ومرونة التعديل يمكن إعادة تشكيل الطرف ليتناسب مع التغيرات في وزن المريض.
كما تتحمل الأطراف المصنعة السير لملايين الخطوات، حيث يستطيع المريض استبدال العكازات والمشي على الطرف الجديد خلال ساعة ونصف فقط.
حتى الآن، استفاد من المبادرة 267 شخصا من مختلف الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال والشباب وكبار السن، و تقوم الفرق الطبية يوميا بتركيب ما يصل إلى خمسة أطراف صناعية، وذلك باستخدام عيادتين متنقلتين مجهزتين خصيصا لتركيب الأطراف، بحسب تقديرات الصبيحات.
مقارنة مع الطرق التقليدية، عادة يحتاج مبتورو الأطراف إلى إجراء ما بين 10 إلى 12 زيارة لمراكز الأطراف الاصطناعية، وتتطلب العملية التقليدية فترة تمتد من 3 إلى 4 أشهر حتى يتمكن المريض من استخدام الطرف بشكل وظيفي.