التجارة الإلكترونية توفر فرص عمل جديدة.. وسطاء يعملون كحلقة وصل بين العملاء والشركات

الرابط المختصر

بالتزامن مع تزايد الاعتماد على التجارة الإلكترونية في العالم، ظهرت مهن جديدة وأدوار متخصصة لتسهيل هذا التحول الرقمي، من بين هذه الأدوار "وسطاء التجارة الإلكترونية"، الذين أصبحوا حلقة وصل بين الشركات العالمية والعملاء المحليين.

يعتبر هذا العمل بمثابة فرصة جديدة لكثير من طالبي الوظائف لتحقيق دخل مستقل، وتبرز أهميته كوسيلة لتحسين الدخل واستثمار المهارات الفردية، وبخاصة للنساء اللاتي يبحثن عن فرص عمل مرنة تناسب ظروفهن الأسرية لا تتطلب منهن الخروج من المنزل. ولا يحتاج العمل إلى مؤهلات تعليمية أو خبرات كبيرة، ويعتمد على مهارات بسيطة مثل التواصل الجيّد عبر منصات التواصل الاجتماعي وإدارة الطلبات بكفاءة.

فيما، يعتبر خبراء اقتصاديون مهنة الوسيط بالتجارة الإلكترونية نموذجاً جديداً في سوق العمل الحديث، توفر للأشخاص مرونة في العمل ودخلاً إضافياً مع تحديات تتعلق بالتنظيم القانوني والأمان الرقمي، ومع تزايد أعداد العاملين فيها، تبرز الحاجة للتنظيم بما يضمن لهم الحقوق العمّالية ويوفر لهم حماية اجتماعية ودخل مستدام، ليصبح جزءا متكاملاً من الاقتصاد الرقمي والناتج المحلي الإجمالي.

 

عمل مرن للنساء 

الحاجة إلى زيادة الدخل كانت الدافع الرئيسي لعمل الشابة سلمى كوسيطة لإحدى شركات التجارة العالمية الإلكترونية، إلى جانب قدرتها على استخدام التطبيق الإلكتروني الخاص بالشركة بفضل دراستها لعلم الحاسوب. 

تقول سلمى في حديثها لـ"صوت شبابي" إنها استطاعت بناء ثقة مع عدد جيّد من العملاء من خلال تعاملها ونصائحها المفيدة لهم، وتتعرف على جودة المنتجات من خلال التعليقات تحت كل منتج داخل التطبيق، وهو ما يساعدها على تقديم نصائح موثوقة لعملائها. فيما تواجه أحياناً تأخر الطلبات من الشركة، ما يجعلها تبذل جهوداً إضافية للحفاظ على رضا العملاء.

وتعتمد سلمى على تطبيق الشركة للطلب وتستخدم الهاتف المحمول وتطبيق واتساب وآلة حاسبة ودفتر وقلم لتدوين المعلومات وطلبات العملاء وتتلقى إشعارات الموافقة وتاريخ التسليم، وبعدها تنسق مع مندوبي شركات التوصيل.

وتوضح أنها تستخدم منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من العملاء، والإعلان عن خدماتها كوسيطة لشركة تجارة إلكترونية، ما يُسهم بتوسيع قاعدة عملائها وزيادة دخلها، ولا يوجد وقت محدد لعملها، ويعتمد الأمر على التواصل المستمر مع العملاء وتجمع الطلبات مرتين في الشهر لتحقيق أفضل الخصومات، ما يرفع من أرباحها ودخلها.

تتفاوت مداخيل سلمى بحسب الطلبات والمناسبات، في بعض الأشهر تُجاوز 300 دينار، بينما تنخفض في أشهر أخرى إلى نحو 100 دينار. وتلاحظ أن هذا النوع من الأعمال مناسب للنساء، وبخاصة اللاتي لا يستطعن الخروج من المنزل بسبب الالتزامات الأسرية، وتشجعهن على دخول بهذا المجال لتحسين دخلهن.

وتتوقع سلمى نمو هذا المجال مستندة إلى تزايد أعداد شركات التجارة الإلكترونية وتوسع قاعدة العملاء. وترَ أن التجارة الإلكترونية توفر الوقت والجهد والمال على الزبائن، وتساعد في تحسين الدخل للأفراد الذين لديهم التزامات مالية لا يمكن تغطيتها عبر وظائفهم الأساسية.

وتأمل سلمى في ظل نمو هذه المهنة أن يجري تنظيم هذا النوع من الأعمال للحد من التحديات الأمنية مثل الاختراق والتحايل وسرقة الحسابات، وتعتبر تنظيم هذه المهنة خطوة إيجابية لضمان سلامة الوسطاء وحماية حقوقهم.

 

فرصة لتحقيق دخل

ما جذب الشابة روعة التي تعمل وسيطة لإحدى شركات التجارة الإلكترونية العالمية منذ ستة أشهر، لهذا العمل هو بساطته ومرونته وعدم الحاجة إلى خبرات سابقة، ووجدت فيه فرصة لتحقيق دخل من خلال الربح على كل طلبية تنجح في إتمامها، ما يعني أن دخلها يزيد بزيادة الطلبات التي تتلقاها.

تقول روعة في حديثها لـ"صوت شبابي" إن المهام اليومية لعملها تبدأ بمراجعة طلبات العملاء وأسعار المنتجات عبر التطبيقات المختلفة التي تستخدمها، وتعتمد في عملها بشكل أساسي على هاتفها المحمول، وتطبيقات التواصل الاجتماعية مثل تطبيق الواتساب وتطبيق الشركة التي تعمل معها.

وتوضح أنها تختار المنتجات التي تسوقها بناءً على تجارب العملاء وردود أفعالهم، ما يساعدها على تسويق منتجات ذات جودة عالية تلبي احتياجاتهم، وعلى الرغم من تحديات التواصل وساعات العمل المتغيرة، فإنها لا ترَ صعوبات كبيرة تعيق سير عملها اليومي.

 

تتطلب تحسين ظروف العاملين 

يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور أيمن خزاعلة على أن التطورات التقنية أضافت مهناً جديدة إلى سوق العمل، تتطلب مهارات متنوعة مثل تطوير التطبيقات، تصميم تجربة المستخدم والتحليل البياني، فضلاً عن التسويق الرقمي، ومن ميزات هذا المجال إتاحة العمل عن بُعد ويمكن للموظفين أداء مهامهم من أي مكان ما يفتح المجال لفرص وظيفية متنوعة ويعزز الاقتصاد الرقمي العالمي.

ويلاحظ أن التجارة الإلكترونية تطورت وأصبحت أكثر من مجرد وسيلة لبيع وشراء المنتجات، بل باتت نظاماً متكاملاً يعتمد على أحدث التقنيات لتعزيز تجربة العملاء وزيادة كفاءة الأعمال، ومع استمرار هذا النمو والتحولات السريعة في القطاع، تفتح التجارة الإلكترونية فرصاً للابتكار وتوفير وظائف جديدة، ما يجعلها إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الرقمي في المستقبل.

ويلفت إلى أن وسطاء التجارة الإلكترونية يواجهون مجموعة من التحديات المباشرة، من بينها المنافسة الشديدة في السوق الرقمي والتي تتطلب تقديم خدمات متميزة بأسعار تنافسية، ومع تزايد المعاملات عبر الإنترنت بات أمن البيانات وحمايتها أحد أهم التحديات، ما يستوجب إجراءات أمنية لحماية بيانات العملاء من أي اختراقات قد تضر بسمعتهم. 

ويشير إلى أن هناك تحديات متعلقة بإدارة المخزون وتكاليف الشحن والتسليم في الوقت المناسب، وبخاصة عند التعامل مع الشحنات الدولية، وفي هذا الخصوص يتعين على الوسطاء مواكبة التشريعات المتغيرة محلياً ودولياً، لضمان الامتثال للقوانين وتجنب أي عقوبات قانونية.

ويشدد الخزاعلة على ضرورة تحسين ظروف عمل الوسطاء من خلال التدريب المتخصص على أحدث الأدوات والتقنيات في إدارة المخزون والتسويق الرقمي وخدمة العملاء، ورفع الأجور بما يتناسب مع المهام وتقديم حوافز مالية تشجيعية من قبل الشركات إلى جانب تحسين بيئة العمل وتوفير مرونة العمل عن بُعد.

كما ويشدد على أهمية توفير أدوات تحليلية وبرمجية لتسهيل العمل، مثل أنظمة إدارة الطلبات، وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المشاركة في التجارة الإلكترونية من بائعين ومستودعات وشركات توصيل. 

 

ضرورة وضع نظام خاص 

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش في حديثه لـ"صوت شبابي" إن هذا النوع من الأعمال غير واضح ويمكن تصنيفه ضمن الاقتصاد الموازي غير المنظم، والعاملين فيه خارج الإطار القانوني ويعملون بنظام العمولة وليس بنظام الراتب.

ويوضح أن العاملين بهذا النوع من الأعمال ليس لديهم حمايات اجتماعية مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، فيما لا يوجد أرقام ونسب عن حجم التجارة بهذا النوع من التجارة الإلكترونية ولا حتى أرقام بعدد العاملين بهذا المجال.

ويلفت إلى أن هذا النوع من التجارة يؤثر على الناتج المحلي الإجمالي، في الوقت ذاته لا يجري احتسابه ضمن الناتج المحلي، والأمر يستدعي أن يكون ضمن الناتج المحلي.

ويطالب الحكومة بتوفير قاعدة بيانات وأرقام ونسب حول هذا النوع من الأعمال وانتقاله من الاقتصاد الموازي إلى الاقتصاد الرسمي دون فرض رسوم على العاملين وإن لزم الأمر أن تكون رسوم قليلة.

كما ويطالب بوضع نظام خاص ينظم كل جوانب هذا النوع من الأعمال حتى يكون التعامل مع العاملين بشكل قانوني وليس بمزاجية وهو ما يزيد الثقة بينهم وبين الزبائن، بالإضافة إلى شمول العاملين بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي بشكل لا يؤثر على ما يحصلون عليه.