لم تستطع السنوات الماضية التي مرت من الأزمة السورية ولجوء السوريين إلى الأردن من محو الصورة المظلمة للأحداث التي شهدوها في سوريا، من استحضار لذكريات مؤلمة وأزمات متكررة في المناسبات والأعياد.
هذه السنة، التي يعيش فيها العالم بأجمعه ظروفا استثنائية، ينتظر السوريون في الأردن، داخل وخارج المخيمات، العيد وسط ظروف معيشية واقتصادية سيئة، لكن ذلك ليس بجديد عليهم، إذ يقول محمد خلف الذي يعيش في مخيم الزعتري، إن هذا العيد سيكون مختلفا في ظل حظر التجوال وعدم القدرة على زيارة الأقارب وتبادل المعايدات، فهو يشبه ما عشناه سابقا في سوريا بسبب الحرب.
ويضيف " رغم ذلك فإن بعض نساء المخيم يحاولن إعطاء البهجة العيد لأطفالهن، على الرغم من سوء الحالة الاقتصادية".
وأطلق خلف مبادرة "نيو لوك" لأطفال المخيم لقص شعر 500 طفل، ممن أعمارهم دون الـ 14 عاما لزرع البسمة على وجوه الأطفال في ظل حظر التجوال.
ويضيف أن كلفة حلاقة الشعر ربما تكون مقبولة نسبيا في بعض الأحيان لكنها تبقى خارج أولويات العوائل ذوي الدخل المحدود.
ويسعى محمد إلى إطلاق مبادرة جديدة "بكم نفرح" لتوزيع هدايا على الأطفال خلال العيد في مخيم الزعتري.
ولا يختلف حال من يعيشون خارج المخيمات كثيرا عن ذويهم في داخلها، حيث تقول السيدة الثلاثينية الهام، معيلة لأسرتها وتقيم في عمان، إنها كانت تحظِّر الحلويات وتشتري ملابس لأطفالها لكنها لم تقم بأي تجهيزات للاحتفال هذا العام بسبب الحالة الاقتصادية وأولوياتها التي اصبحت تأمين إيجار المنزل ومستلزماتها الغذائية في ظل الحجر الصحي المفروض على المملكة.
وكشف استبيان حديث أجرته المفوضية واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي، عن أن أكثر من 90% من اللاجئين الذين يعيشون في المملكة لديهم أقل من 50 دينار أردني (70 دولارًا) من المدخرات المتبقية، بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من اللاجئين الذين كان مصدر دخلهم من سوق العمل غير الرسمي للعمل -حوالي 40 بالمائة من اللاجئين في الأردن -أصبحوا من دون دخل.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الاثنين 11/5/2020، إن حوالي 18 ألف أسرة لاجئة ستتلقى مساعدة نقدية طارئة لمرة واحدة من المفوضية السامية، لمساعدتها على الصمود في ظل الآثار الاقتصادية لفيروس كرونا.
وأشارت إلى أنه سيتم توزيعها من خلال أجهزة الصراف الآلي والمحافظ الالكترونية، وسيتم التواصل مع اللاجئين الذين يستوفون معايير الاحتياج عن طريق الرسائل القصيرة عندما تكون مساعدتهم جاهزة للصرف.
أما إسراء، التي تعيش في المفرق مع أطفالها الثلاثة، التي اعتادت على انعدام فرحة العيد منذ بداية الأزمة السورية وما عاشته في مدينة درعا قبل لجوئها إلى الأردن، والتي تمثلت بعدم قدرتها على الخروج من المنزل وسوء وضعها المادي، تقول إن أزمة كورونا سيحرمها مجددا من زيارة أقاربها وهو الشيء الوحيد الذي تبقى لها من طقوس، وإنها ستكتفي بالاطمئنان عليهم من خلال وسائل الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي.
وفي حديث مع المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش حول تأثير جائحة كورونا على العيد يقول إن جائحة كورونا أحدثت تغيرا عميقا في المجتمعات وفرضت ايقاعها على علاقات الناس ببعضها وأهم هذه العادات هو الحذر بما يتعلق بهذه الحميمية في العلاقات الاجتماعية بين الاقارب التي ستكون موضع اختبار حقيقي في العيد لضبطها الى مستويات آمنة.
وأضاف ان المبادرات المجتمعية لها دور كبير في تسهيل عملية التكيف وتعطي القدرة على تحمل النتائج المترتبة على هذه الأزمات وأهم هذه المبادرات التأكيد على التباعد الاجتماعي والتواصل الانساني الآمن، إضافة إلى الدعم المعنوي والنفسي والمادي للعائلات التي تضررت بشكل مباشر من نتائج أزمة كورونا وهنا يبرز دور المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والشركات ودور المجتمع المدني بأطيافه المختلفة.
ويعيش في الأردن نحو 656 ألف سوري مسجلا لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بينهم 124 ألف داخل المخيمات، بينما تقول إحصائيات حكومية إن مليون و300 ألف سوري يعيشون على أراضيها.