المجتمع العربي في إسرائيل يصنع من النفايات فناً

الرابط المختصر

الناصرة -روزين عودة – مضمون جديد

عتبة المنزل مليئة بأصص الزهور الملونة، النوافذ الخارجية في الطابق الأول، وعلى الجدران الرخامية أيضاً، وأينما تقع عينك، تجد أصصاً تخفي معالمها المتواضعة أوراق الزهور الممتدة والمتسلقة.

بيدي أحمل غصناً صغيراً أخذته من أحد الأصص بحثت بتحريكه يميناً ويساراً عن معالم الأصص فذهلت من كونها ليست أكثر من قناني بلاستيكية مختلفة الأحجام، تم تنسقيها على شكل أصيص جميلة... وفي الزاوية إبريق للماء.. اقتربت أكثر فذهلت من كونه غلن كان يوماً غلن مواد تنظيف للبلاط !
ابتسامة استنكارية استقبلتني فيها جارتنا، وقالت:" صدقي أفضل من الأصص التي نشتريها بمئات الشواقل، وأصلاً البلاستيك يحتاج لمئات السنين ليتحلل في الطبيعة، وأنا قمت باختصار الطريق".

ومئات المنتجات والحاجات في حياتنا اليومية من الممكن اختصارها في تصنيعها من النفايات الصلبة، فمرة نوفر تكاليفها ومرة نوفر الحرص لبيئتنا.

وفي السياق كان لنا حديث مع الخبيرة البيئية ميّ أسدي، حول الاستعمال الثانوي للنفايات الصلبة، تقول إن" هناك العديد من أنواع النفايات الصلبة يمكننا أن نستعملها مرة أخرى لكن بمنتج آخر، فمثلاً نستطيع أن نصنع من عجلات السيارات التالفة مقاعد بيئية جميلة وملونة وأبدية، ويمكننا أن نصنع فيها أراجيح لساحات المنزل أو الحدائق العامة، وأيضاً يمكننا أن نصنع فيها أصص كبيرة للأشجار أو الورود، وقطعاً عديدة يمكننا أن نصنعها مرة ثانية من النفايات الصلبة والتي تعبر عن جودة عالية ويمكن أن تبقى للأزل".

وعن ترميم حديقة في حي عين إبراهيم في مدينة أم الفحم، حيث صنع الأطفال حينها منتجات جديدة كانت في السابق نفايات صلبة، تقول أسدي والتي أشرفت على المشروع إن" الأطفال كانوا أذكياء بما فيه الكفاية ليرمموا الحديقة بأكملها عن طريق النفايات الصلبة التي قاموا بجمعها، فأبدعوا في تلوينها، وتصميمها، وإعادة بنايتها وخلق منتجات جديدة، وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدل على الثقافة البيئية ولو البسيطة التي أدركها الأطفال والتي أضافت لهم معنى آخر للنفايات الصلبة".

وتضيف ميّ أسدي:" هناك نفايات صلبة تشكل بوجودها في البيئة خطراً على المحيط، وأيضاً لو تواجدت هذه النفايات في غير مكانها الصحيح لشكلت أيضاً خطراً على البيئة، مثل البطاريات، وأعتقد أن الوعي البيئي يمكنه أن يُطور التوجه لدى شرائح المجتمع للنفايات الصلبة، فكلماً تأخرنا في إرسال النفايات الصلبة للحاوية نكون قد خففنا كمية النفايات والضرر الناتج عنها".

وفي حديث مع هبة خطيب طالبة طب الأسنان في سنتها الثانية، قالت:" أعتقد أن فكرة استغلال النفايات بهدف صنع قطع فنية هي الفكرة الأسمى للتعبير عن صداقتنا للبيئة، والمثير للاهتمام في تطبيق هذه الفكرة أنها لا تحتاج لتقنيات عالية وذات جودة كبيرة أو حتى إمكانيات واسعة ومهارات شخصية أو حتى تكاليف، وأعتبر أن فكرة أن نصنع قطعاً فنية من النفايات تشبه الفن الذي يخلق من الإمكانيات البسيطة المتواجدة في المحيط".

وتضيف حول تجربتها كمرشدة في مشروع "بيرح" للمدارس في البلاد:" نجحنا في مشروع "بيرح" أن نخلق بشكل عفوي ثقافة بيئية ولو كانت بسيطة لدى الطلاب في مرحلتهم الابتدائية، حيث أننا كمرشدين نعمل معهم في كل لقاء على بناء مجسم مثلاً، أو قطعة فنية صغيرة ومعبرة لتزيين الغرفة أو الصف، أو ساحة المنزل.

وكلها أفكار ترتكز في تنفيذها على النفايات أو على أدوات أخرى إضافية لكن بالأساس نستعمل النفايات الصلبة، لماذا لا نعمل على تحويل العلب المعدنية الفارغة إلى علبة جميلة للأقلام؟ أو أصيص زهور صغير للنافذة في الغرفة؟ لماذا لا نصنع من العجلات المطاطية التالفة أراجيح؟ وهناك العديد من التساؤلات والتي لا تحتاج بتاتاً للتكاليف أو الجهد، ناهيك عن أننا خلقنا إمكانية للطالب في المرحلة الابتدائية أن يتبادل مع أصدقائه هدايا رمزية من منطلق أن ميزانيته محدودة".

وتعتقد خطيب أنه "بإمكان أي شخص أن يستثمر في النفايات ليصنع منها أدوات يحتاجها وبالتصميم الذي يريد والذي يحب، وبالتالي لو كل منّا صنع في الأسبوع الواحد منتج يخصه لوفرنا الكثير من عمليات التدوير التي تحتاج لجهد وتكلفة".

وتبدع طالبة جامعية أخرى باللوحة التي أهدتها لصديقتها، وهي عبارة عن بنطلون تالف، قامت بقص جيوبه التي ألصقتها على لوحة خشبية صغيرة بشكل لطيف، وقامت لاحقاً برسم بعض الورود والتي كأنها خارجة من الجيوب، مع إطار جميل وهكذا كانت قد صنعت لغرفة صديقتها هدية رمزية رائعة، ومن إبداعاتها أيضاً أصص الزهور على عتبة المنزل والي صنعتها من القناني البلاستيكية التي كانت في طريقها إلى الحاوية.