في يومها العالمي.. تعهد جديد لسد الفجوة الجندرية في الإعلام وتقدم بمشاركة المرأة السياسية والاقتصادية

الرابط المختصر

في اليوم العالمي للمرأة، تتجه الأنظار نحو تحقيق المساواة الجندرية في قطاع الإعلام، حيث أطلقت قياديات إعلاميات عالميات تعهدا جديدا لسد الفجوة الجندرية في المناصب القيادية، بمبادرة من برنامج WAN-IFRA WIN يأتي هذا التعهد بالتزامن مع إصدار تقرير "خريطة القيادة الإعلامية النسائية لعام 2024"، الذي يستعرض واقع المرأة في مواقع صنع القرار الإعلامي عالميا، ويهدف إلى تسريع الجهود نحو بيئات عمل أكثر شمولا، وإحداث تغيير جوهري في المشهد الإعلامي.

تأتي أهمية هذه المبادرة، بفضل صدور التقرير الذي يسلط الضوء على الفجوة الجندرية في القيادة الإعلامية في إفريقيا، وشرق آسيا، والمنطقة العربية، فإصدار التعهد جاء نتيجة قناعة بضرورة اتخاذ خطوات عملية، بدلا من الاكتفاء برفض الفجوات، وذلك من خلال تحفيز المؤسسات الإعلامية والصحفيات لسد هذه الفجوة.

في عام 2024، تشير البيانات إلى أن النساء يشاركن بنسبة 19% فقط كخبيرات في النشرات الإخبارية، وبنسبة 37% كمراسلات على مستوى العالم، مقارنة بتواجدهن في ربع نشرات الأخبار التلفزيونية والإذاعية والمطبوعة.

 

مشاركة المرأة في القطاع الإعلامي

تشير مديرة المندوبين في جريدة الرأي والمتخصصة في قضايا المرأة والمجتمع المدني، سمر حدادين إلى أن تقرير 2024 أظهر تحسنا طفيفا مقارنة بعام 2022، حيث ارتفعت نسبة النساء في المناصب القيادية التحريرية والإدارية من 21% إلى 24%، بينما بلغت نسبة النساء في المناصب القيادية التحريرية وحدها 30%، ورغم أن هذه الأرقام مشجعة نسبيا، إلا أن الحاجة إلى مزيد من التقدم لا تزال قائمة.

وترى أن أحد الحلول الفعالة لتقليص هذه الفجوة هو تعزيز دور القياديات الإعلاميات، مشيرة إلى أن قمة ملاوي، التي جمعت ممثلات من 14 دولة ضمن برنامج WAN-IFRA، ناقشت أفضل السبل لتحقيق هذا الهدف، وتمخضت عن التعهد المذكور.

وتشير حدادين إلى أن هذه الخطوات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، ولا تتطلب جهودا كبيرة من القياديات اللواتي تعهدن بها،  مؤكدة أن توسيع دائرة الالتزام بهذه المبادرة من خلال تشجيع مزيد من الصحفيات والمؤسسات على الانضمام إليها، يمكن أن يسهم في تحقيق تقدم ملموس على نطاق أوسع.

أما عن التحديات التي تواجه النساء في الوصول إلى مناصب صنع القرار داخل المؤسسات الإعلامية، فتوضح حدادين أن أبرزها هو محدودية هذه المناصب، والتي تكون شديدة التنافسية، وغالبا ما تمنح للصحفيين الذكور دون التفكير تلقائيا في ترشيح النساء، كما أن بعض الصحفيات قد يفتقرن إلى المهارات القيادية، مما يستدعي ضرورة تقديم برامج تدريبية مكثفة لتعزيز قدراتهن.

وتضيف أن قلة النماذج النسائية في المناصب العليا تجعل الصحفيات يفتقرن إلى تجارب يمكن الاستفادة منها، ما يؤدي أحيانا إلى تردد بعضهن في قبول المناصب القيادية حتى لو عرضت عليهن، بسبب الخوف من الفشل أو العبء الكبير الذي قد يترتب عليها، لا سيما في ظل التزاماتهن الأسرية والاجتماعية.

ويتضمن التعهد عدة خطوات رئيسية، من أبرزها تعميم برامج الإرشاد داخل المؤسسات الإعلامية، حيث يعد الإرشاد الفردي وسيلة فعالة لدعم الصحفيات، من خلال وضع خطط واضحة لمساعدتهن على تجاوز العقبات المهنية، ودعم السياسات المؤسسية التي تسهم في تقليص الفجوة الجندرية، سواء عبر تشريعات جديدة أو سياسات داخلية تسهل وصول النساء إلى مناصب قيادية.

كما يتضمن التعهد تحفيز الصحفيات اللواتي يمتلكن إمكانيات قيادية، من خلال توفير التدريب والترقيات اللازمة، لضمان تهيئتهن لشغل المناصب العليا، وتعزيز التواصل بين الصحفيات في مختلف المؤسسات الإعلامية، لتبادل الخبرات وتحفيزهن على تبني هذه الخطوات داخل مؤسساتهن.

 

مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية

تظهر البيانات أن مشاركة المرأة في سوق العمل ما تزال من أدنى المعدلات عالميا، وفقا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة، بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للإناث اللاتي أعمارهن 15 سنة فأكثر 15.1% في الربع الرابع من عام 2023، مقارنة بـ14% في نفس الفترة من عام 2022. 

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت نتائج مسوح قوة العمل للربع الرابع من عام 2023 أن معظم المشتغلات هن مستخدمات بأجر بنسبة بلغت 95.9%، في حين لم تتجاوز نسبة المشتغلات لحسابهن الخاص وصاحبات الأعمال 4%.

من جانبها توضح الأمين العام لتجمع لجان المرأة الوطني، الدكتورة ربى مطارنة، أن النساء في الأردن حققن العديد من المكتسبات والإنجازات، خاصة في ظل مخرجات منظومة التحديث الشامل على المستويات السياسية والإدارية والاقتصادية، حيث شهدنا تعديلات تشريعية تعزز تقدم المرأة وتطورها، لا سيما في المجال السياسي.

ومن تلك المكتسبات تبين مطارنة، إدخال تعديلات مهمة على قوانين مثل قانون الضمان الاجتماعي، بهدف تعزيز مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية وسوق العمل، ومن بين هذه التعديلات، تمديد إجازة الأمومة إلى 90 يوما في القطاعين العام والخاص، وإقرار إجازة الأبوة، إضافة إلى تحسين الأنظمة المتعلقة بدور الحضانة وتأمين الأمومة، مما يسهم في تذليل العقبات التي تواجه النساء ويفتح المجال لمشاركة أوسع لهن في الاقتصاد.

إلى جانب ذلك، أطلقت العديد من المبادرات والجهود من قبل جهات مختلفة، مثل اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة واللجان الوزارية والوزارات المعنية، لتعزيز وعي المرأة بحقوقها، وشمل ذلك إصدار أدلة قانونية، وإنشاء منصات رقمية على وسائل التواصل الاجتماعي توفر معلومات وإجابات حول قضايا المرأة، مؤكدة مطارنة أن امتلاك المعلومة يمثل قوة حقيقية، حيث يعد الوصول إليها نصف الحل لأي مشكلة قد تواجهها المرأة.

 

مشاركة المرأة في الحياة السياسية

أظهرت البيانات ارتفاع نسبة القاضيات من 18.9% في عام 2015 إلى 28.7% في عام 2022، وبنسبة ارتفاع بلغت 52%، فيما ارتفعت نسبة المحاميات من 23.7% في عام 2015 إلى 30% في عام 2022.

وتشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة مشاركة النساء في الأحزاب السياسية من 35.5% في عام 2015 إلى 42.1% في عام 2022.

تؤكد الدكتورة ربى مطارنة أن الأردن يتمتع بمنظومة تشريعية متقدمة، مشيرة إلى أن هذه المنظومة تتضمن العديد من التشريعات الداعمة للمرأة، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي، ورغم ذلك، لا تزال نسبة مشاركة النساء في الحياة الاقتصادية منخفضة، حيث تتراوح بين 14% و15%، وهو ما يتطلب المزيد من الجهود لرفع هذه النسبة.

وفيما يتعلق بالتمكين السياسي، توضح مطارنة أن التعديلات على قانوني الأحزاب والانتخاب أثمرت عن نتائج ملموسة في انتخابات مجلس النواب العشرين لعام 2024، حيث ارتفعت نسبة تمثيل النساء في البرلمان إلى 19.6% بواقع 27 نائبة، موضحة أن دور البرلمانيات في المجلس الحالي يتجاوز مجرد الأرقام، إذ يتمتعن بخبرات ومعارف متنوعة، ويمثلن النساء في أكثر من عشر لجان برلمانية، إضافة إلى عضوية بعضهن في المكتب الدائم لمجلس النواب ومجلس الأعيان.

كما تسلط مطارنة الضوء على التفاعل المتزايد بين البرلمانيات والحراك النسوي في الأردن، مشيرة إلى أن البرلمان أصبح داعما للمشاركة النسائية من خلال تعزيز التشبيك مع المنظمات النسائية والمشاركة في برامجها، واصفة هذه التجربة بأنها غنية وتعكس تطور دور المرأة في الحياة السياسية.

أما على مستوى الأحزاب، فقد أسهمت التعديلات الأخيرة على قانون الأحزاب في تعزيز مشاركة النساء، حيث أقر أن لا تقل نسبة تمثيلهن كأعضاء مؤسسين عن 20%، إلى جانب ذلك، شهدت المرحلة الأخيرة مشاركة نسائية فاعلة في المناصب القيادية داخل الأحزاب، وطرحت بعض الأحزاب أسماء مرشحات على قوائمها في مواقع متقدمة، وتعد التجربة الحزبية للنساء في الأردن ليست جديدة، إذ تعود جذورها إلى خمسينيات القرن الماضي، غير أن التعديلات التشريعية الأخيرة وفرت فرصا أكبر لمشاركة النساء وتعزيز دورهن في العمل الحزبي.