نقل خط الغاز من كريات آتا إلى سهل الدامون: جريمة بحق الإنسان والبيئة

تقرير: روزين عودة- مضمون جديد وكأن حق الأمن والعيش بأمان يخص فقط المواطنين اليهود في اسرائيل، وقد لا يمت بصلة للفلسطينيين الذين انتفضت أجسادهم غضبا حين سمعوا الخبر عن نقل خط الغاز من منطقة كريات آتا إلى سهل الدامون بالقرب من مدينة طمرة وكابول، في حين أن الإدعاءات تتمحور حول خطورة وجود حقل غاز في منطقة مركزية مأهولة بالسكان مثل كريات آتا، أليست المدن العربية أيضاً مأهولة بالسكان؟! هذا القرار قد اتخذه المجلس الأعلى للتنظيم والبناء التابع للمؤسسة الإسرائيلية، وحول ماهية القرار، يحدثنا د. حنا سويد:" شملت الخطة القطرية للتنقيب عن الغاز في الشمال اقتراحاً لتخزين 2000 طن من غاز الطبخ في سهل الدامون بالقرب من طمرة وكابول واعبلين وشفاعمرو وشعب من الناحية الأخرى، مع العلم أن خزانات الغاز المقصودة هي من فترة طويلة موجودة في كريات آتا، ومن هناك يتوزع الغاز إلى منطقة الشمال بالطرق التي نعرفها". ويقول د. حنا سويد:" المفاجئة في الموضوع، لا يوجد سبب مقنع لنقل هذه الخزانات من كريات آتا إلى سهل الدامون، فحتى المسافة بين المكان المقترح أي سهل الدامون عن القرى والمدن العربية في المنطقة هي نفس المسافة بين موقع الخزانات في كريات آتا عن المنطقة المبني فيها هناك". ويضيف "المشكلة ليست مشكلة مكان، إنما مشكلة دفن الخزانات تحت الأرض، حيث أنه كانت مساعِ عديدة ومطالبات حثيثة لدفن الخزانات في كريات آتا لكن لا حياة لمن تنادي، وهذا ما يشكل خطراً على المنطقة، فالتسرب أو الانفجار لن يأبه لمكان هنا أو هناك، ودفن الخزانات هو الحل الأمثل". ويقول:" الآن تقول الجهات المعنية أنها ستنقل الخزانات إلى سهل الدامون ومن ثم دفها، وهنا شر البلية ما يضح، فإذا تم استيعاب أن المشكلة هي مشكلة دفن الخزانات بالأساس فلماذا أصلاً يقومون بنقلها؟! لماذا لا يتم دفنها في مكانها الحالي في كريات آتا، بالرغم أن لا أفضلية للمكان المقترح على السابق". وطلب د. حنا سويد أن يتم الإجابة على هذا السؤال في الجلسة التي عقدت يوم 04.06.12 في الكنيست والتي ضمت رؤساء المجالس المحلية من القرى والمدن المتضررة، حيث يقول د. سويد إنه:" يتوجب عليّ القول بأن عدم استشارة السلطات المحلية المعنية في هذا المشروع وعدم إعطائها الفرصة لإسماع صوتها هو نقص كبير، حيث أن هذه السلطات المحلية لم تسمع عن الموضوع بتاتاً والذي سيؤثر ويجلب المخاطر على هذه السلطات المحلية وعلى سكانها، ومن الطبيعي أن يقلق ممثلو هذه السلطات على صحة المواطنين في نطاقها، وعلى سبيل المثال أذكر مصنع نيشر الموجود بين طمرة وكابول والذي تزين بوعود وتصريحات تقول "أحضرنا لكم إنجازاً لكلا البلدين حيث سيزيد الدخل من الضرائب المحلية، لكن هذا الانجاز تحول إلى لعنة تمنع من هذه القرى من أن تتطور إضافة إلى المخاطر الصحية النابعة من الكسارات". مخاطر مما هب ودب تحيط بهذه المدن والقرى العربية، والتي تشكل عائقاً أيضاً أمام توسعها وتطورها، والحال هنا أشبه بسياسة العصا والجزرة، حيث تكون الضرائب التي ستجنيها السلطات المحلية هي الجزرة والأضرار الصحية البيئية هي العصا. ويؤكد د. سويد في السياق أن:" في حالتنا هذه لا يوجد غير العصا، فالضرائب ستذهب مباشرة إلى السلطة المحلية "متي أشر" البعيدة عن مكان الدلتا حيث ستأخذ هي الجزرة". ويضيف "إن هذا الوضع لا يقبله أي منطق، فإن شركات الغاز قد اقترحت حلاً منطقياً ومقبولاً اقتصاديا حيث تمول هي دفن خزانات الغاز في كريات اتا، بضمان من الدولة أن تعطيهم هذا الحق لخمسة عشر سنة ولا تجبرهم على إخراجها قبل هذه المدة، بحيث ستتسبب في مخسر كبير لهذه الشركات. نحن أمام حالة غريبة وشاذة يكون فيها المعنيين في الموضوع متفقون على الحل، ولكن الدولة لا توافق معهم على ما يريدون باعتبار قلقة على مصلحتهم وبالتالي تضر بأناس آخرين لا يمتون بصلة للمشروع وفي هذه الحالة هم أهالي طمرة، كابول، شعب واعبلين". ويقول د. جمال زحالقة حول هذا الموضوع، أنه "كلياً هذه القضية سياسية بحتة وليست قضية تخطيط كما يدعون"، ويضيف "فقد شهدنا مثل هذا السيناريو، الذي أصبح يكرر نفسه في الكثير من الحالات، مثل كفرقرع وشارع 6 أو ما يسمي (عابر اسرائيل)، ما يحدث فعلياً هو إقرار مشروع الذي يضر بطريقة أو بأخرى بأراضي قسم من المستوطنات فتستغل تأثيرها السياسي القوي على صناع القرار لتغيير المخطط وبقدرة قادر يتم تغييره للمسّ فقط بقرى ومدن وأراضي عربية فاقدة للتأثير السياسي على صناع القرار"، ويردف قائلاً:" نتنياهو وباقي صناع القرار لا يهمهم ولا يؤثر عليهم رأي القرى العربية حيث أنها مستضعفة سياسياً، هم في أبراجهم العاجيّة، يعتقدون أن السكان العرب لا يملكون التأثير السياسي ولكنهم فعلياً وعلى أرض الواقع لديهم القوة والإرادة لإيقاف مشروع مثل هذا". ويقترح د. جمال زحالقة أن لا يكون هذا المشروع هو القشة التي ستكسر ظهر الجمل، حيث أن المواطنين العرب قد اختنقوا من المصادرات، التضييق، خط الغاز ومصنع نيشر على أراضيهم، فيقول:" لا تستمروا في دفع المواطنين العرب نحو الزاوية"، وبناء عليه اقترح د. زحالقة على المسؤولين البحث عن حل آخر، مثل المقترح الذي اقترحه حنا سويد فهو "منطقي ومقنع لكل من تهمه المصلحة العامة وليس المس بقسم من المواطنين بسبب حسابات سياسية غير نظيفة"، كما قال د. زحالقة. وجود خزانات الغاز فوق الأرض وفي أي مكان كانت أو تكون هي ليست أقل من خطر كبير تُشكله على حياة المواطنين، فيقول د. دوف حنين إن موقفه الذي يصرح فيه دائماً لم يتغير، "فوجود هذه الخزانات من الغاز بجانب أي مجمع سكني هو خطر دائم، والسبب الرئيس الذي من أجله تقرر أن يتم نقل الغاز هو كونها تشكل خطراً على السكان، لكت هل نحل هذه المشكلة بنقل الغاز لمنطقة أخرى فتشكل نفس الخطر لكن على سكان آخرين؟!" ويضيف "هناك بدائل لهذا الطرح، ولكن ما يهم مبدئياً هنا هو أن نتفق على أن نصل إلى صيغة تفاهم مفادها أننا لا يجب أن نوافق على وضع مثل هذه المخاطر بالقرب من تجمعات سكانية. وأيضاً بودّي أن أقول أن تكلفة نقل الخزانات إلى سهل الدامون بدلاً من إيجاد حلول أخرى هي في نهاية المطاف، باهضة أكثر من تكلفة الحل بحد ذاته، ومن يظن أن أهالي طمرة أو إعبلين هم أناس ساذجين وجاهلين هو مخطئ وهذا المشروع لن يمر مر الكرام". ولا يوافق تسفيتا كورين ممثل وزارة الداخلية د. جمال زحالقة، فيقول:" إن ما يحصل اليوم هو موضوع تخطيطي فقط، حيث أن لجنة التخطيط القطرية قد قدمت مقترحا لتفرقة مخازن غاز في ثلاث مواقع مختلفة، والفكرة ليست تبديل أو إزاحة الخطر عن كريات آتا ووضعها على عتبة قرى أخرى، الموقع المقترح على أراضي هذه القرى هو واحد من ثلاثة مواقع والموقعين الآخرين هما بالقرب من العفولة ومن حيفا، والهدف من هذا التوزيع هو تسهيل عملية نقل الغاز وتوسيع مساحة التخزين بسبب النقص في المخازن"، ويضيف "بالنسبة لموضوع الخطر فإن الحل هو في دفن هذه المخازن داخل الأرض وهذا موجود، وبالتالي لا يوجد خطر. إن الخطر الوحيد هو عندما تتم تعبئة ونقل هذه الغازات وهذا خطر لا يمكن تفاديه في نقل المخازن إلى قعر البحر حتى". ويضيف رداً على ادعاء د. سويد أن المساحة بين خزانات الغاز والمناطق المبني عليها:" إن البعد المقترح عن المدن والقرى العربية حسب الخارطة هو كافٍ لخلق مساحة أمان بحيث لا تشكل المخازن خطراً على المواطنين أبداً". نهاية، يطلب د. حنا سويد من كورين كممثل لوزارة الداخلية، إعطاء عوامل ومقاييس كمية، وقابلة للقياس لتحديد ما هو آمن ومناسب، ويقول:" الحديث الذي تفضل فيه ممثل الداخلية يخلو من أي معطيات كافية علميا وعملياً وعلينا أن نعرف المقاييس العلمية أولاً لنعرف المكان الأفضل". ويقول سمير عواد، عضو بلدية طمرة:" فوجئتُ صراحة من وجهات النظر المطروحة من قبل وزارة الداخلية، مكتب جودة البيئة، وآراء أخرى. أولاً وقبل كل شيء، من ناحية "التوزيع"، إذا تم قياس المسافة الهوائية بين كريات آتا وسهل الدامون، فهذا لا يُسمى توزيعاً!، هذا 10 كيلو متر هذا هراء!، هذا نسخ من كريات آتا لطمرة بكل الطرق المتاحة". ويضيف " في طمرة نحن لن نسمح، شركة الكهرباء وضعت في أراضي طمرة خط الكهرباء القطري، نيشر موجودة على أراضي طمرة، شارع 6 (عابر اسرائيل) موجود أيضاً على أراضي طمرة، والآن، ها هي شركة الغاز! منذ عشرة سنوات لم يكن باستطاعتنا التقدم والتطور والتوسع، فهم يتحدثون عن التأثير البيئي، ونقول لهم أيضاً نحن وقعنا ضحية لهذا التأثير مع "نيشر"، ونقول لم أيضاً أننا لم نصدق ولا كلمة كانوا قد قالوها، وواجب علينا أن نحمي وندافع عن المواطنين في بلداننا وقرانا". ويختتم قائلاً:" لم نكن شركاء في هذا المشروع، وأحد لم يدعونا، علمنا بالأمر عن طريق وسائل الإعلام، وأختصر كل هذا بجملة واحدة "هذا لن يكون في طمرة"".

أضف تعليقك