بين أروقة محادثات “فيينا” حول الأزمة السورية.. و”عقدة الأسد”
مع انطلاق أعمال محادثات “فيينا” حول الأزمة السورية، بدأ كتاب الرأي والمقالات في الصحف اليومية المحلية بإعادة قراءتها، مع التركيز على غياب الممثل السوري في الاجتماعات، ومحورية “عقدة” بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في سدة الحكم.
الكاتب عريب الرنتاوي يرى أن مجرد انعقاد الاجتماع، يعد قفزة للأمام على طريق إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، واصفا إياه ببداية مسار، وليست حدثاً يقع لمرة واحدة فقط، وينهي مختلف قضايا الخلاف والصراع.
ويشير الرنتاوي إلى التوافقات حول الأطر العامة للحل، والتي ظهرت في البيان الختامي لممثلي الدول والمجموعات الـ “17” التي شاركت في الاجتماعات.
ويرجع الكاتب غياب السوريين عن الاجتماع، إلى وجود أطراف إقليمية ودولية، ما كان لها أن تباشر مسار الحل السياسي من يومه الأول بحضور ممثلين عن النظام السوري من جهة، وعدم الاتفاق على تشكيلة وفد المعارضات السورية من جهة أخرى.
ويستعرض الرنتاوي أبرز ملامح البيان الختامي للاجتماع، من التزام المشاركين بوحدة سوريا واستقلالها وسيادة أراضيها، بما يعني التراجع عن فكرة التقسيم، وعلمانية الدولة التي تشكل مطلبا لقطاع واسع من السوريين.
أما أهم بنود البيان فيتمثل بما ورد في البند السابع والذي يتحدث عن مسؤولية النظام والمعارضة بتدشين عملية سياسية تنتهي إلى تشكيل حكومة قادرة وفاعلة وشاملة وغير طائفية، وهي الحكومة التي قد توصف بحكومة “الوحدة الوطنية”، أو”السلطة الانتقالية” وفقا للموقف السياسي.
فيما يرى الكاتب أيمن الصفدي أن معظم ما توافقت عليه الدول المشاركة بـ”فيينا” تعد مبادئ عامة تصلح لمعالجة أي من الصراعات نظريا، إلا أن المشكلة ليست في آليات الحل، وإنما بغياب إرادة تطبيقها وفي إبقاء سورية ورقة تفاوض بين الدول المتصارعة فيها.
ويضيف الصفدي بأن الأمم المتحدة لن تحقق أي اختراق سياسي إذا لم تتوافق الدول المؤثرة على شروطه، لافتا إلى عدم امتلاك السوريين “نظاما ومعارضة” لقرارهم، وهو ما يعني استحالة وجود عملية سياسية مجدية خارج آليات التفاوض المباشر بين الدول التي تتحكم بمسار الأزمة السورية.
عقدة الأسد
يذهب الكاتب ماهر أبو طير إلى أن الجميع يبحث في اجتماع فيينا وما بعده، عقدة الأسد، واذا ما كان سيبقى لمدة محددة، ويغادر بعدها، أم سيغادر فورا، أم سيبقى لمدة محددة ويترشح للانتخابات.
ووسط “هذا النفاق العالمي”، لا تسمع احدا يتحدث عن ذات سوريا، التي تم تدميرها على مستوى البنى التحتية الاجتماعية، وتشظيها إلى مكونات متحاربة على أساس ديني أو عرقي أو طائفي أو مذهبي، بحسب أبو طير.
ويخلص الكاتب إلى القول إن “تصغير القضية السورية، إلى مستوى عقدة الأسد فقط، يقفز عن حقائق اخطر، وعلينا أن نلاحظ هنا أن لا أحد هنا يتحدث عن نظام كامل جديد، وعلى ما يبدو أن كل الأطراف متوافقة على بقاء ذات النظام، ومختلفة حول رأس النظام.
الكاتب فهد الخيطان، يؤكد من جانبه، أن الخلافات بين الدول المشاركة في محادثات فيينا، تتجاوز في حقيقتها الموقف من الأسد، مشيرا إلى الفروق الكبيرة بين ما ورد من مضامين في البيان الختامي للاجتماع، وبين سلوك ومواقف الدول على الأرض.
ويوضح الخيطان، بأن “الديمقراطية في سورية” الواردة في البيان، لا تضمن مصالح ونفوذ دول إقليمية في المستقبل، كما تتبنى بعض القوى المعارضة المدعومة من دول مشاركة، “حكم الشريعة” علنا.
كما أن الموقف من الجماعات الإرهابية، فيتعدد بتعدد التعريفات، “فالنصرة وأحرار الشام جماعات مقاومة في عرف بعض الدول المشاركة، ومنظمات إرهابية بتعريف أطراف أخرى”.
“ومحصلة القول، خلاص السوريين من عذابات الحرب والفوضى، ليس وشيكا. محادثات فيينا طويلة، وقد تنتهي إلى ما انتهت إليه جهود سابقة، فالمشكلة ليست بين السوريين اليوم، وإنما بين القوى المتصارعة على سورية”، يختم الخيطان