احتلال إسرائيل لحوض اليرموك وسد الوحدة تهديدات للأمن المائي في الأردن
تُعد السيطرة الإسرائيلية على مجرى نهر اليرموك وسد الوحدة خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. هذه السيطرة تمنح إسرائيل القدرة على التحكم في أحد أهم مصادر المياه في سوريا، مما يتيح لها التأثير بشكل مباشر على الموارد المائية في كل من سوريا والأردن.
السيطرة الإسرائيلية شملت مدينة البعث وخان أرنبة وقطنا، بالإضافة إلى الجانب السوري من جبل الشيخ، مما يمنحها موقعًا استراتيجيًا يطل على دمشق.
السيطرة الإسرائيلية على الموارد المائية في سوريا
تُعتبر منطقة حوض اليرموك من المناطق الجغرافية ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة في الريف الغربي لمحافظة درعا جنوب سوريا. يمتد الحوض كجزء من وادي نهر اليرموك، الذي يُعد من أكبر روافد نهر الأردن. هذه المنطقة ليست مجرد ممر جغرافي، بل تُعد نقطة تقاطع مهمة لمصالح مائية وزراعية وأمنية في المنطقة، مما يجعلها محل نزاع دائم بين الأطراف المتنافسة، خاصة مع محاولات السيطرة الإسرائيلية المتكررة على أجزاء منها.
تأثير السيطرة الإسرائيلية على الأردن
تُعد سيطرة إسرائيل على حوض اليرموك وسد الوحدة ذات تأثيرات عميقة على الأمن المائي في الأردن، الذي يعاني بالفعل من ندرة مزمنة في المياه. هذه السيطرة تمنح إسرائيل القدرة على التحكم في تدفق المياه إلى الأردن، مما يزيد من تعقيد الأزمة المائية في البلاد. الأردن يعتمد بشكل كبير على مياه نهر اليرموك لتلبية احتياجاته من مياه الشرب والزراعة، وأي تغيير في تدفق هذه المياه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد..
الأبعاد السياسية والاقتصادية
تُعتبر السيطرة على الموارد المائية جزءًا من استراتيجية إسرائيلية أوسع لتعزيز نفوذها في المنطقة. هذه الخطوة تأتي في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تغيرات سياسية كبيرة، مع انهيار نظام الأسد وتزايد التوترات الإقليمية. السيطرة على المياه تمنح إسرائيل ورقة ضغط قوية يمكن استخدامها في المفاوضات السياسية والاقتصادية مع الدول المجاورة، بما في ذلك الأردن وسوريا.
تهديداً للأمن المائي للأردن
يقول الدكتور منذر حدادين، وزير المياه الأردني السابق، إن وصول الجيش الإسرائيلي إلى "سد الوحدة"، المشترك بين الأردن وسوريا، لا يشكل تهديداً للأمن المائي للأردن.
وأكد الدكتور حدادين، أن الخطر الحقيقي الذي يهدد المنطقة يأتي من التوسع الإسرائيلي الحالي في الاتجاهات كافة، ومنها احتلال الأراضي السورية، مشدداً على أنه لا يجوز السكوت مطلقاً عن هذه الانتهاكات الإسرائيلية، التي وصفها بـ"السرطان الذي يجب اجتثاثه".
وكان المرصد السوري الذي يوثق الأحداث في سوريا قد أكد في وقت سابق أن القوات الإسرائيلية دخلت قرية كويا وسد الوحدة التاريخي القريب من الحدود السورية-الأردنية، وتمركزت في مواقع استراتيجية بعد تحذير السكان بتسليم السلاح في المنطقة.
ويقع سد الوحدة على نهر اليرموك، الذي يشكل الحدود الأردنية السورية، شمال الأردن.وتم البدء في تنفيذ السد عام 2003، وبدأ التخزين في بحيرة السد عام 2006، ويعمل على تأمين الأردن بـ 30 مليون متر مكعب من المياه لأغراض الزراعة، و50 مليون متر مكعب للاستعمالات المحلية في العاصمة عمان.
وقال الدكتور حدادين في التفاصيل، إن الجيش الإسرائيلي موجود على الضفة الأخرى من نهر اليرموك منذ احتلال الجولان السورية، ولم يهدد هذا الوجود الأمن المائي للأردن، مؤكداً أن الأردن بموجب اتفاقية السلام المبرمة مع إسرائيل، ضمن حصته من مياه نهر اليرموك.
وأوضح أن الخطر الذي يهدد البلدان العربية بشكل عام، وليس مواردها المائية فقط، هو التوسع الإسرائيلي الذي ينفذ حالياً في العديد من البلدان العربية، مشبهاً الانتهاكات الإسرائيلية للأراضي العربية بالسرطان الذي يجب مواجهته بكل حزم وعدم السكوت عنه.
وفيما يتعلق بعلاقات التعاون بين الأردن والنظام الجديد في سوريا في موضوع المياه، قال حدادين إنه لا يمكن الحكم على طبيعة هذه العلاقات في الوقت الراهن، وذلك إلى حين اتضاح توجهات النظام الجديد في دمشق.
يُشار إلى أن التوغلات الإسرائيلية الحالية في الأراضي السورية المحاذية للحدود الأردنية، والتي وصلت إلى سد الوحدة في الجانب السوري، قد أثارت المخاوف من تهديد هذه التحركات الأمنية للأمن المائي للأردن، خاصة في ظل الأهمية الكبيرة للسد بالنسبة للأردن، حيث يشكل شريان الحياة بالنسبة للأردنيين.