رفع أقساط التأمين الإلزامي... مخرج للشركات أم أعباء إضافية على المواطنين؟

الرابط المختصر

أثار قرار توجه شركات التأمين رفع رسوم التأمين الإلزامي على المركبات بقيمة 50 دينارا جدلا واسعا، خاصة بين سائقي المركبات والعاملين على التطبيقات الذكية، لما يشكله من عبء إضافي على التكاليف المعيشية والتشغيلية التي تشمل الضرائب ورسوم الترخيص، في وقت تبرر فيه شركات التأمين هذا التوجه بضرورة حماية القطاع من الخسائر المتزايدة.

وتحذر شركات التأمين من أن استمرار الوضع الحالي قد يعيق قدرتها على تقديم خدمات التأمين الإلزامي للمواطنين المشتركين مستقبلا.

في المقابل يقول عضو اللجنة القانونية النيابية آية الله الفريحات في تصريحات له، إن تلويح اتحاد شركات التأمين بوقف خدمات التأمين الإلزامي مرفوض جملة وتفصيلا، مضيفا أن تلويح اتحاد شركات التأمين بوقف خدمات التأمين الإلزامي واشتراطه رفع الرسوم لن يكون مقبولا لمجلس النواب، مشيرا إلى أن ملف التأمين في الأردن مضبوط بالقانون ولا يحتاج تعديلات.

 

أسباب رفع التأمين

بحسب تقديرات شركات التأمين، فقد خرجت 3 شركات من السوق من أصل 20 شركة خلال العام الأخيرة، فيما اقتصرت ممارسة التأمين الإلزامي على 10 شركات فقط، نتيجة تحول هذا النوع من التأمين إلى عبء مالي أثقل ميزانيات الشركات وأدى إلى الاستغناء عن بعض الموظفين وصعوبة في تغطية الالتزامات المالية.

رئيس اللجنة القانونية في الإتحاد الأردني لشركات التأمين الدكتور حازم مدادحة يوضح  لـ "عمان نت"، أن الأسباب الرئيسية وراء المطالبة برفع قيمة رسوم التأمين، تأتي لحماية المجتمع من خلال وجود جهة قادرة على دفع التعويضات بسرعة وفعالية، مشيرا إلى أن التأمين الإلزامي يخضع بالكامل لضوابط وشروط تضعها الدولة، بما في ذلك الأسعار والأقساط، ولا تتدخل شركات التأمين في تحديدها، موضحا أن الشركات، مثل المواطنين، ملتزمة بتطبيق هذه الشروط دون استثناء.

ويضيف مدادحة أن هناك أسباب مباشرة لارتفاع تكاليف التأمين من أبرزها ارتفاع نسبة الحوادث، فالأردن يسجل واحدة من أعلى نسب الحوادث عالميا مقارنة بعدد السكان والمركبات، بالإضافة الى زيادة تكلفة إصلاح المركبات، فدخول المركبات الكهربائية إلى السوق الأردني ساهم في ارتفاع تكلفة قطع الغيار، مما زاد من كلفة الحوادث.

في عام 2023 تشير التقديرات إلى أن الحوادث المسجلة  بلغت حوالي 171 ألف حادث، على الرغم من جهود إدارة السير وتعديل قانون السير.

أما الأسباب غير المباشرة يوضح مدادحة أن ظاهرة الاحتيال التأميني شهدت ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وتأخذ عدة أشكال، كافتعال الحوادث وهي حوادث تركيبية تهدف للحصول على تعويضات متعددة لنفس المركبة، مما يضاعف قيمتها السوقية،  والتلاعب بالتقارير الطبية، واصفا اياها بالظاهرة المنظمة حيث تتضمن تقارير طبية أولية خالية من أي إصابات تستغل لاحقا لطلب تعويضات.

لحل هذه التحديات يشدد مدادحة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على استمرارية نظام التأمين الإلزامي، بما يشمل، زيادة أقساط التأمين بشكل عادل، للحد من خسائر الشركات وضمان قدرتها على الاستمرار، ومحاربة الاحتيال.

 

إفلاس التأمين وأثره على المواطنين

في ظل هذه التحديات التي تتحدث عنها شركات التأمين، يطالب عدد من المواطنين المتضررين من حوادث السير بضرورة  إيجاد حلول عاجلة لمشكلة إفلاس شركات التأمين، مؤكدين أن هذه الظاهرة تسببت لهم بخسائر كبيرة نتيجة عدم تسديد تلك الشركات إلتزاماتها المالية.

ويدعو خبراء قانونيون المتضررين ان يبادر السائقون ومالكو المركبات، الذين لديهم بوليصة تأمين خاصة بشركة مفلسة او متعثرة، بالتأمين من جديد مع شركات تأمين أخرى سارية المفعول لتغطية المدة المتبقية من عقودهم. ذلك لتجنب مزيد من الخسائر في حال تعرضهم لحوادث مرورية.

من جانبه قال الوسيط التأميني عمر أبو فلة في تصريحات له، إنه يحق للمتضرر رفع قضية ضد المتسبب بالحادث للحصول على تعويضاته، في ظل إفلاس شركة التأمين المأمن عليها، معبرا عن أسفه لإفلاس تلك الشركات، وخاصة أن الوضع الاقتصادي الحالي محليا ودوليا غير إيجابي للنهوض بهذا القطاع خلال وقت قصير.

يؤكد مدادحة، أن آلاف المواطنين تضرروا نتيجة إفلاس شركات التأمين، مضيفا أن هناك ثغرات تشريعية تسببت في غياب الحماية الكافية للمواطنين في مثل هذه الحالات، إلا أن البنك المركزي الأردني يعمل حاليا على تطوير تشريعات التأمين من خلال إنشاء "صندوق إعسار شركات التأمين"، المتوقع أن يبدأ بتغطية الحالات اعتبارا من عام 2026.

ويشير إلى أن التأمين الإلزامي يعاني من استنزاف كبير للشركات بسبب خسائر متلاحقة على مدار السنوات الماضية، مرجعا الأسباب إلى ثبات أسعار التأمين الإلزامي، حيث تم تحديد أسعار التأمين الإلزامي منذ ما قبل عام 2000، ولم تتغير رغم الزيادة الكبيرة في حجم التعويضات والمسؤوليات، وارتفاع سقف التعويضات مقارنة بالأقساط المدفوعة للشركات أدى إلى تفاقم الأعباء المالية.

وفقا لقانون السير ونظام التأمين الإلزامي، يتوجب على جميع المركبات المرخصة أن تغطي مسؤوليتها المدنية عن الحوادث والأضرار الناتجة عنها من خلال الحصول على وثيقة تأمين رسمية، كما يلزم القانون بتسجيل وثيقة التأمين في دائرة الترخيص لاعتمادها عند إصدار "مخطط الكروكة" للحوادث.