"الفجوة الرقمية في الأردن: تحديات وحلول للمستقبل الرقمي"

الرابط المختصر

تواجه هيام (30 عامًا) تحديات عدة تعيقها عن تطوير مهاراتها التقنية، أهمها: ندرة الدورات التدريبية والتعليمية التي تتيحها المؤسسة التي تعمل بها، وتقديم الذكور رؤساء العمل على الإناث في الفرص التدريبية "هذه نظرة نمطية تفترض أن الرجال لديهم قدرة أكبر على التفرغ وسهولة أكثر في التنقل وحمل المسؤوليات" معتبرةً أنها نظرة تعزز الفجوة الرقمية بين النساء والرجال.

إلى جانب ذلك، تواجه هيام، وهي عاملة في إحدى الشركات الخاصة، ضغوطًا متزايدة في العمل بالإضافة إلى العائق المادي، حيث تعتبر الدورات الرقمية المكلفة عائقًا آخر في حال رغبت في تحمل تكاليفها شخصيًا. كما أن محاولاتها للتدريب عبر الإنترنت لم تكن بنفس فاعلية الدورات التي تُقدم بشكل تفاعلي مع مدربين محترفين.

على النقيض من ذلك، استطاعت بتول، وهي معلمة وأم لثلاثة أطفال، أن تجد فرصًا كبيرة لتطوير مهاراتها الرقمية. وفي حديثها لـ"عمان نت"، قالت بتول إنها تعلمت العديد من المهارات التي ساعدت في تسهيل استخدام أطفالها وطلابها للتطبيقات ومتابعة الدروس عن بُعد. كما أنها استفادت من الدورات التدريبية عبر الإنترنت ومن الاستعانة بأشخاص ذوي خبرة، مما ساعدها على سد الفجوة التي كانت تعاني منها في استخدام التقنيات الحديثة.

 

تشجيع مشاركة النساء في القطاع الرقمي

وفق الإحصاءات التي ذكرتها جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات "إنتاج" بلغت نسبة مشاركة المرأة في الأردن في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في سوق العمل 33 بالمئة، بينما بلغت 4 بالمئة في المناصب الإدارية.وذكرت الجمعية، في بيان لها، أن نسبة مشاركة المرأة في المناصب التقنية، بلغت 16 بالمئة، و30 بالمائة كمؤسسات وأعضاء في الفرق التنفيذية للشركات الناشئة، وفق الأرقام الرئيسية لعام 2023.

وقالت المهندسة في البرمجيات سارة يونس، المعروفة بلقب “TechMama”، وهي أول صانعة محتوى تقني في الشرق الأوسط. إن الفجوة الرقمية بين النساء في الأردن تمثل تحدياً واضحاً، وهي ناتجة عن عوامل متعددة، منها الفجوة التعليمية، والوصول المحدود إلى التكنولوجيا، والقيود الاجتماعية التي قد تحد من انخراط النساء في القطاعات التقنية رغم تقدم الأردن في العديد من المجالات، ما زالت هناك فجوة في تمكين النساء للاستفادة الكاملة من التكنولوجيا لتطوير حياتهن المهنية والشخصية.

 

قالت يونس إن من الحلول الممكنة للتقليل من الفجوة الرقمية هي التدريب والتعليم بتوفير برامج تدريبية تستهدف النساء لتطوير مهاراتهن التقنية، سواء في المدارس أو المجتمعات المحلية، تحسين الوصول إلى التكنولوجيا والتفاعل مع المحتوى التقني وذلك ضمان توفر الأجهزة الذكية والإنترنت بأسعار معقولة ومناسبة للجميع. وتغيير المفاهيم الثقافية من خلال إطلاق حملات توعية للتشجيع على مشاركة النساء في القطاعات التقنية دون قيود اجتماعية.

وذكرت يونس عدة برامج يتم العمل عليها للتقليل من الفجوة الرقمية وتمكين النساء هناك بعض المبادرات كالمبادرات حكومية: مثل مراكز التعلم المجتمعي، التي تقدم دورات في الحاسوب والمهارات الرقمية.

وشركات تقنية محلية ودولية تسعى لتوظيف النساء في مجالات البرمجة والتكنولوجيا من خلال برامج تدريبية مكثفة. ومع ذلك، هناك حاجة ماسة لتوسيع هذه البرامج لتصل إلى جميع الفئات العمرية والمناطق الجغرافية.

وقدمت يونس عدة نصائح لتقليل الفجوة الرقمية تتمثل في التعليم المبكر إدخال المواد التقنية في المناهج الدراسية من المراحل الأولى، مع التركيز على إشراك الفتيات بشكل أكبر.

وتوفير فرص تدريبية  للنساء في جميع الأعمار، وخاصة في المناطق الأقل حظاً. والشراكات بين القطاعين العام والخاص لإطلاق مبادرات مستدامة لتطوير المهارات الرقمية للنساء.

ودعم المحتوى المحلي إنشاء منصات تعليمية وبرامج تدريبية باللغة العربية، لتسهيل الوصول إلى المعرفة التقنية.

 

وحدة حكومية

أكدت الناطق الرسمي باسم وزراة الاقتصاد الرقمي شروق هلال أن وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة قد أعلنت عن انشاء وحدة الشمول كجزء من الوحدات التابعة لها، في خطوة تهدف إلى تعزيز العدالة الرقمية والاجتماعية وضمان إدماج كافة فئات المجتمع في الاقتصاد الرقمي، بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة 2030.

تهدف الوحدة إلى تضييق الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية، وخلق فرص العمل في المناطق غير المخدومة، مع التركيز على التغلب على العزلة الرقمية وتحقيق العدالة في الوصول إلى الخدمات الرقمية للفئات الأقل حظا.

وقالت هلال من المخرجات المتوقعة أن الوحدة ستعمل على تطوير سياسات واستراتيجيات شاملة تعزز تكافؤ الفرص، إلى جانب إطلاق مبادرات مبتكرة، أبرزها بوابة "تواصَل"، التي تمثل منصة حكومية موحدة للمشاركة الإلكترونية. وتهدف البوابة إلى إشراك كافة شرائح المجتمع في عملية صنع القرار من خلال إتاحة مساحة تفاعلية للمواطنين للإدلاء بآرائهم واقتراحاتهم حول السياسات والخدمات الحكومية، مما يسهم في تحقيق التشاركية بين الحكومة والمجتمع.

وإعداد مسودة الشمول الرقمي، التي تتضمن مشاريع وطنية تركز على مبادئ العدالة الرقمية، وإتاحة فرص التعليم والعمل عن بُعد لجميع الفئات.

كما أن الوزارة تؤكد التزامها بتعزيز الابتكار والريادة المجتمعية كأداة فاعلة لتطوير حلول مستدامة تُسهم في تحقيق الشمول الاجتماعي والاقتصادي، وتُعزز مكانة الأردن كدولة رائدة في التحول الرقمي.

على الرغم من التقدم الذي أحرزه الأردن في مجال التحول الرقمي، إلا أن الفجوة الرقمية بين النساء والرجال ما زالت تمثل تحدياً كبيراً. وهناك حاجة إلى تكثيف الجهود لتوفير التدريب، والدعم المالي، والمساواة في الوصول إلى التكنولوجيا لضمان تمكين المرأة الأردنية بشكل كامل في العصر الرقمي. فقط من خلال ذلك يمكن تحقيق التنمية المستدامة والتمكين الحقيقي للنساء في المجتمع الأردني.