بعد أن لجأت السيدة السورية حلا الكردي إلى الأردن سنة2012 أعادت رسم ملامح مشروعها الخاص الذي طمست الحرب معالمه في سورية؛ لتصبح حلا نموذجا من النماذج الكثيرة التي تدرج تحت عنوان "الريادة في مجال الأعمال " بعد نجاح مشروعها الخاص في الخياطة والاعمال اليدوية.
حلا الكردي لاجئة سورية من مدينة دمشق تبلغ من العمر 51 عاما وهي أم لثلاثة شباب، صنعت شيئا من اللا شيء، فاليوم وبعد مضي عشر سنوات بات لديها مشغل صغير خاص بالخياطة يضم ماكينة درزة وحبكة صناعية وطاولة قص كبيرة وغيرها من احتياجات الخياطة وتستقبل طلبات إصلاح ملابس لمحلات تجارية، وتصنع مستلزمات الحج والعمرة من سجادات مطرزة للصلاة وأغطية مختلفة وملونة لعبوات الماء والتمر.
بالإضافة إلى الخياطة والتطريز تقوم الكردي بإعادة استخدام المواد الأولية من بقايا أقمشة الملابس والجلود لصناعة بعض الأشغال اليدوية البسيطة من أغطية طاولات ومفارش ملونة وأزهار للزينة.
من أكياس تغليف الخيام التي تصرف لكل عائلة لاجئة في مخيم الزعتري، بدأت الكردي عملها فصنعت لنفسها حقيبة سفر خاصة بها، لتطلب منها إحدى الجارات بعد أن اعجبت بالحقيبة، حسب قولها.
ومكثت الكردي ثمانية عشر يوما بالمخيم تصنع هذه الحقائب وتحصل بالمقابل على مبلغ مالي بسيط مقابل كل حقيبة، لتستطيع بعد ذلك الخروج من المخيم والعيش في محافظة السلط لتكون هذه البداية هي النقلة النوعية في حياتها.
وتقول الكردي إنها بدأت العمل بالسلط بعد أن قامت بإصلاح ملابس وتطريز أخرى مقابل مبلغ 20 دينار لتحصل بهذا المبلغ على ماكينة خياطة من إحدى الجارات، لتبدأ العمل من بيتها ولتعرف فيما بعد ب "الخياطة السورية "، وعندما تكاثفت عليها أعمال الخياطة قام جارها وهو أحد ابناء العشائر الأردنية بإعطائها المستودع الموجود أسفل منزله بمبلغ مادي شبه مجاني لتضع الماكنة فيه وتبدأ العمل.
وتوسع عمل الكردي لاحقاً ليضم الأشغال اليدوية فبدأت بشراء بقايا الأقمشة المستخدمة في صناعة الستائر فكانت تشتري الكيس الذي يحتوي على بقايا قطع الاقمشة بدينار واحد و تشتري ب 75 قرش الخيوط اللازمة لتصنع بها شراشف للطاولات وملابس للأطفال والكثير من الاشغال اليدوية الاخرى كالورود ومن من بقايا قطع الجلود المستخدمة في تنجيد السيارات كانت الكردي تصنع حقائب مختلفة الأشكال والحجام .
"انتقلت بعدها إلى عمان، وبلشت مشروعي الخاص بالخياطة وبتشتغل معي أكثر من 10 سيدات ومن جنسيات مختلفة، سورية وأردنية وفلسطينية وعراقية ويمنية".
وتستعين الكردي بابنها الأكبر وخياط أردني عندما يكون لديها الكثير من الاعمال وخاصة في الاعياد والمناسبات العامة.
وعلى الرغم من كل ذلك النجاح فالكردي ما زالت تعاني من عقبات كثيره "فهي لا تملك الكثير من المال لتفتح معرضاً تعرض فيه الاشغال اليدوية التي تقوم بصناعتها، إذ انها تقوم بحمل هذه البضائع وعرضها على أصحاب المحلات التجارية المختصة بمثل هذه الأعمال للتسويق لها لتحصل بالمقابل على مبلغ مالي بسيط."
وحصلت الكردي فيما بعد على شهادة تدريب من "مركز الترابط المجتمعي " بعد أن شاركت في تدريب الكثير من النساء والفتيات على الخياطة والتطريز.
ولم تقتصر قصة الكردي على ذلك فكان للجانب الإنساني جزء كبير فيها، لتجعل من بيتها ملجئ لكل قط يحتاج إلى علاج أو عناية لتعرف الكردي ب " أم هريرة " فمنزلها يضم 26 قطة تقوم بتقديم كافة الخدمات لهم من طعام وعناية وعلاج وعلى حسابها الخاص ودون دعم من أي جهة أو شخص، وفق قولها.
"شاركت بالكثير من المجموعات الإلكترونية الخاصة بالعناية بالقطط في الأردن لأوصل لأكبر عدد من القطط التي تحتاج إلى علاج ورعاية خاصة، بالإضافة إلى بعض المجموعات المعنية بتبني القطط" تضيف الكردي في حديثها لعمان نت.