المشاريع المنزلية الصغيرة سبيل للعمل لأسر ترأسها نساء في الزعتري

مخيم الزعتري للاجئين السوريين
الرابط المختصر

بدأت معاناة ازدهار الوالي بعد عودة زوجها إلى سوريا لتصبح المعيلة الوحيدة لأطفالها الخمسة وابنها المصاب بمتلازمة داون، تقول الوالي والحزن يعتمل نفسها: "شعور صعب أن تكون متطوع بأجر مع إحدى المنظمات في المخيم، وفجأة يقلّ التمويل عنها وتضطر لترك العمل، ولا تستطيع عندها تأمين متطلبات أطفالك".

وتشير الوالي إلى ضرورة دعم النساء المعيلات لأسرهنّ بمشاريع تمكنهنّ من الاعتماد على أنفسهنّ في ظل قلة فرص العمل التي لا تغطي الأعداد الكبيرة للاجئين في المخيم، فتذكر فكرتها: "ياريت يتم افتتاح سوق دائم وخاص بالمخيمات في إحدى محافظات المملكة، لتتمكن النساء من خلاله عرض أعمالهنّ من المنتجات، وبيعها كالحرف اليدويّة والصابون والأشياء التراثية وغيرها".

وحال بسمة الرفاعي (43 عاماً) لا يقلّ قسوة عن حال الوالي، فهي تعاني من حالةٍ مرضيّة إلى جانب إعالتها لابنتها وابنها، وقد عملت لفترة وجيزة من الزمن مع إحدى محال الألبسة، لكن العمل لساعات طويلة مع أجر قليل اضطرها لترك العمل، لتعاني اليوم من عدم وجود مصدر دخل لهم، وتنوه: "ياريت يتم فتح مشاغل خياطة للنساء داخل المخيم، يعني مثل وضعي أُجيد الخياطة وغيري من النساء بس إحنا بحاجة فرص عمل بهذا المجال".

فيما تقترح أماني أبو خشريف (33 عاماً) فكرة لتمكين الخياطات في المخيم: "بنتمنى يكون في تنسيق بين مشاغل خياطة خارج المخيم وبيننا كنساء خياطات ليزودونا بقطع مقصوصة نشتغلها مقابل أجر مادي، ويكون الأمر تحت إشراف جهة رسمية"، وأماني معيلة لأطفالها الثلاثة بعد توفي زوجها، وتعمل في إحدى محال الخياطة في المخيم، لكن الإقبال ضعيف عليه، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة لأغلب الأسر داخل المخيم.

إستمع الآن

وفي ظل معاناة بعض الأسر في المخيم وخاصة النساء من تأمين دخل لأبنائهنّ، تُعنى بعض المنظمات في دعم المشاريع الصغيرة، ومن هذه المنظمات "الاتحاد اللوثري" ويشير المساعد التقني لمشاريع سبل العيش في هذه المنظمة أيمن الخالدي أنه تم تنفيذ مشروع "سبل العيش" داخل المخيم خلال عامي 2019 و2020 وجزء من عام 2021، وكان دورهم كمنظمة في المرحلة الأولى تقديم برامج أكاديمية وممنهجة للمستفيدين تتعلق بكيفية إدارة الأعمال، والتخطيط  للمشاريع والأمور المالية، وكيفية التعامل مع الزبائن والالتزام بأخلاقيات المهنة.

ويبين الخالدي أنه بعد اجتياز المستفيدين للمرحلة الأولى انتقلوا للمرحلة الثانية، وقد أُتيح لهم خلالها تقديم مقترحات الحصول على منح، وبعد دراسة الطلبات تم تمويل عدد من المشاريع المنزلية الصغيرة، وكانت الفئة المستهدفة ذكور وإناث من عمر 18 سنة فما فوق، وكان التركيز الأكبر على النساء المعيلات لأسرهنّ، ولديهنَّ حالات خاصة وأطفال ذوي إعاقة، وعائلات ليس لديهم مصدر دخل.

ويضيف الخالدي إن الهدف من المشروع توفير فرص عمل لبعض الأسر في المخيم وخاصة النساء، وهذا بدوره يمكنهنَّ من الاعتماد على الذات وتوفير دخل دائم لهنَّ، إلى جانب حصولهنّ على حقوقهنّ وضمان الحماية للأسرة وشعور الأطفال بالأمان، كما ينوه لإمكانية إعادة فتح نفس المشروع في السنة القادمة إن شاء الله لمساعدة المزيد من الأسر داخل المخيم.

 ومن المستفيدات من هذا المشروع مها الحريري (60عاماً) المعيلة لزوجها المريض وحفيدتها، تقول: "دعمتنا منظمة الاتحاد اللوثري لفتح مشروع صغير وهو دكانة جنب البيت، واليوم الحمد لله أصبح لي ولعائلتي دخل مالي دائم"، وتوضح أن وضعهم قد تحسن بعد أن مروا بظروف عصيبة في السابق.

ومن جهتها تشير آمنة العيد المعيلة لابنيها ذوي إعاقة، أن الدعم المقدم لها من قبل المنظمة  والذي ساعدها على فتح محل ألبسة بجانب بيتها كان كطوق نجاة من ظروف قاسية، لأنها لم تكن تستطيع تأمين أدنى متطلبات أسرتها في السابق، وتقول:" الحمد لله هذا المشروع الصغير وفرّ لنا مصدر دخل، وبنفس الوقت أنا بظل جنب أولادي، وهذا الشي ريح نفسيتي"، وهي تشجع لاستمرارية هذا المشاريع في المخيم، لأنها تخدم النساء بشكل فعلي.

ومن جانبها تذكر نعمة عبيدات (50 عاماً) كم كان الأمر صعب عليها حين عاد أخيها وزوجته إلى سوريا لتبقى بلا معيل، وبالرغم أنها تطوعت بأجر مع عدة منظمات في المخيم، لكن قلة فرص العمل أجبرها أن تترك عملها ليتاح لغيرها من النساء نفس الفرصة، حيث  كابدت خلالها ظروف صعبة لحين التحاقها ببرنامج سبل العيش مع منظمة الاتحاد اللوثري الذي من خلاله فتحت محل ألبسة وأمّنت بضائع له.

كما اعتبرت عبيدات هذا المشروع أفضل من فرص التطوع المأجورة الغير ثابتة، تقول:" اليوم بفضل من الله وبدعم من المنظمة شعرت بقيمة ذاتية كبيرة لأنني أصبحت امرأة منتجة قادرة تأمن دخل لنفسها وتساعد أختها وأولادها الأيتام بسوريا"، وتتمنى عبيدات أن يكون هناك دعم دائم من الممولين لهذه المشاريع التي تخدم النساء وأولادهنّ، لأنهم من أكثر الفئات ضعفاً في المجتمعات.

ويذكر المنسق التقني في منظمة الاتحاد اللوثري مفلح الفاعوري أن مشروع سبل العيش الذي نُفذ من قبلهم قد مرّ بدورتين، خلال الدورة الأولى قدموا 20 منحة منها 11 منحة للنساء وقد تضمنت مواد عينيّة، أما بالنسبة للدورة الثانية قدموا 35 منحة منها 17 منحة للنساء، وزودوهم بمبلغ مالي مع متابعتهم فيما يتعلق بالفواتير وشراء المواد اللازمة للمشروع، والتأكد من افتتاح المشاريع التي تم تمويلها.