الصناعة في "الزعتري" تساهم بدفع عجلة التجارة الداخلية
في الوقت الذي يشهد فيه مخيم الزعتري، زيادة في التعداد السكاني ليغدو خامس أكبر تجمع سكني في المملكة، بات يحظى بخصوصية أسواقه التجارية والصناعية النشطة، والتي وصل عددها إلى أربعة أسواق رئيسة يتهافت عليها ما يصل إلى 120 ألف لاجئ سوري في المخيم بصورة رسمية.
الصناعة، هي العنوان الحافل في الحركة الاقتصادية داخل الزعتري، حيث جلب اللاجئون معهم خبراتهم الطويلة من سورية، واستطاع بعضهم استغلالها داخل المخيم في ظل منعهم من العمل خارج حدوده، وحاجة سكانه إلى الكثير من المنتجات المصنوعة بتكلفة قليلة دون الإضرار بجودتها.
ويرى اللاجىء السوري زين الراضي في القوانين التجارية المفروضة من الدولة الأردنية على اللاجئين، سببا في نمو أسواق الزعتري، موضحا أنها لا تسمح للاجىء بالعمل خارج المخيم إلا بتراخيص وأوراق رسمية، بالإضافة إلى نقص الكثير من المواد التي يحتاجها اللاجئون، مما دفعه لفتح محل للحدادة وصناعة الأدوات المنزلية وكل ما يحتاجه اللاجىء السوري من أدوات مصنوعة في مخيم الزعتري .
ويضم المخيم 1300 محلا تجاريا، و260 مطعماً وأكشاك طعام على جوانب الأسواق هناك، حيث بلغ سعر المحل التجاري في المخيم 3000 دينار أردني، ووصل سعر المتر المربع إلى 350 دينار في شارع السوق الرئيسي للمخيم، والذي أطلق عليه اسم "الشانزيليزيه" نسبة إلى أعرق الشوارع الفرنسية وأكثرها شهرة.
راغب الأبازيد لاجىء سوري من منطقة نوى في درعا، كان يمتلك محلاً لبيع القطع الكهربائية في بلدته، لجأ الأبازيد إلى الأردن ليقطن في مخيم الزعتري، حيث بدأ العمل في النجارة لينتهي به الأمر كخبير في صنع المفروشات والخزائن الخشبية، ونقش الرسوم والأشكال الهندسية عليها، يقول أنه أحب مهنته الجديدة وسيقوم بتطويرها والعمل فيها عند عودته إلى سوريا.
ومن بسطة يبيع ما عليها في أروقة المخيم، إلى محل من صفيح رأس ماله زهيد بحجم الظروف، استطاع اللاجئ بهاء الدين المفعلاني أن يكون اليوم مالكا لسوق تمويني ناجح في المخيم.
الباحث الاجتماعي الدكتور محمد حباشنة أكد لـ"سوريون بيننا" أن اللاجئين السوريين استطاعوا خلال وقت قصير أن يخففوا عن أنفسهم من حدة الإرباك المعيشي ومتاعب اللجوء وما يحيطها من ظروف الفقر وعدم توافر أدنى سبل الحياة العادية، مما يعكس سماتهم الحضارية وقدرتهم على تطبيق ثقافة عمل متطورة وعالية المستوى.
اللاجئ في المخيم أبو كرم يؤكد أن ما دفعه إلى العمل في التنجيد والتفصيل في محل يملكه داخل المخيم، هو استمرار الحرب في سورية، كإشارة منه إلى ضرورة التعامل مع واقعهم كلاجئين، مؤكدا أن غالبية اللاجئين في المخيم دفعتهم الفكرة نفسها إلى العمل كل في مهنته.
وكان المفوض العام لشؤون اللاجئين أندرو هاربر، قد تحدث سابقا عن فكرة السوق التي توسعت نسبياً من بسطات يقف عليها باعة جوالون، إلى سوق يباع فيه مختلف أنواع المنتجات المصنوعة داخل الزعتري، إضافة إلى محال لتناول الطعام وبيع الخضار، معتبرا أن الحركة الاقتصادية "الجيدة" قد بدأت تزدهر بشكل ملحوظ.
بات سكان المخيمات السورية يتصالحون مع قضية الإقامة غير المعروف أجلها حتى اليوم، مقتنعين أكثر بضرورة استئناف حياتهم بصورة طبيعية، ورغم مرور أربعة سنوات على الأزمة السورية، إلا أن هذه المدة ستحسب لهم لدى التمعن في النظام التجاري القائم على الصناعة بصورة رئيسة ليلبي احتياجاتهم بأقل تقدير.
إستمع الآن