الزواج المبكر بين اللاجئين... ثقافة "أصيلة" أم ظاهرة مؤقته؟

الزواج المبكر بين اللاجئين... ثقافة "أصيلة" أم ظاهرة مؤقته؟
الرابط المختصر

لا يزال الجدل مستمرا حول انتشار الزواج المبكر بين اللاجئين السوريين، في وقت اعتبره فيه كثيرون ثقافة "أصيلة" في المجتمع السوري قبل اللجوء، فيما يؤكد آخرون أنه ظاهرة تعلقت بالظروف السيئة التي واجهها السوريون في بلدان اللجوء.

اللاجئة السورية حنان سليمان تؤكد لـ"سوريون بيننا" أن الزواج المبكر بين اللاجئين السوريين ثقافة موجودة في المجتمع السوري، وأنها كانت مقبولة اجتماعيا قبل الأزمة السورية، ولكن بعد انتقال السوريين إلى بلدان اللجوء أصبحت مستهجنة، وأصبحت وسائل الإعلام تطرحه على أنه ظاهرة تنتشر في أوساط اللاجئين، وترى سليمان أن الزواج المبكر ليس معيبا وليس مناقضا للأخلاق، لكنها لا تجد أن الظروف الصعبة سببا لتزويج الفتاة مبكرا، مؤكدة أن ثقافة ذوي الفتيات وحدها من تدفع الأهل لتزويج بناتهم مبكرا، وتقول أن من يريد تزويج ابنته مبكرا سيوزوجها حتى ولو كانت ظروفه المادية جيدة.

فيما تنفي اللاجئة السورية منى الصالح اعتبار الزواج المبكر ثقافة، معتبرة وجوده ظاهرة موجودة في المجتمع السوري مثله مثل باقي المجتمعات العربية، منوهة أنه أصبح أكثر سهولة بعد الأزمة السورية، حيث لم يعد هناك متطلبات للزواج.

وكشفت دراسة للمنظمة الحقوقية البريطانية بعنوان "صغار جدا على الزواج" أن الزواج المبكر والقسري بين الفتيات في مجتمع اللاجئين السوريين تضاعف منذ اندلاع الحرب في سورية، مبينة أن حالات الزواج المبكر قبل اندلاع الأزمة كانت تشكل 13% من مجموع الزيجات، لكنها تضاعفت بين صفوف الفتيات بعد اللجوء، وأوضحت الدراسة أن 48% من هؤلاء الفتيات تم إجبارهن على الزواج، وبحسب تقرير اليونيسيف فقد ارتفع معدل الزواج المبكر من 18% خلال عام 2012 ليصل إلى 32% خلال عام 2015.

وتشير اللاجئة السورية علياء موسى إلى أن الزواج المبكر في المجتمع السوري انتشر بعد اللجوء بشكل كبير بسبب الظروف الصعبة التي تحيط باللاجئين السوريين، فبعض العائلات أصبحت تشعر بأن بناتها قد أصبحن عبئا عليهم، ولايستطيعون أن يتحملوا مسؤوليتهن ومصاريفهن، حسب رأي موسى.

من جهته يلفت اللاجئ فادي محمود إلى أن الزواج المبكر يتلخص بحالات فردية تم تسليط الضوء عليها، ويعتبرها جريمة بحق الفتاة التي لا زالت أصغر من أن تفهم مسؤوليات الزواج، واصفا قرار ذويها بتزويجها بالظالم حتى لو وافقت الفتاة نفسها عليه.

الأخصائية الاجتماعية منتهى التيم عضو اتحاد المرأة الأردنية تؤكد لـسوريون بيننا" أن الزواج المبكر ثقافة موجودة في المجتمع السوري عامة، وخاصة في الأرياف كباقي المجتمعات العربية، إلا أن اللجوء ضاعف من انتشاره بين اللاجئين بسبب الظروف القاسية والتخوف من العنف، وخاصة لدى اللاجئين الموجودين في المخيمات.

وتضيف أن هذا الخوف ليس مبررا للتزويج مبكرا، معتبرة إياه عنفا ليس له أي مبرر، مشيرة إلى مخاطر هذه الظاهرة على الصعيد الاجتماعي والنفسي، كتحمل الزوجين مسؤولية كبيرة كتربية الأطفال وعدم معرفتهم بحقوقهم وواجباتهم مما يسبب للطرفين قلقا وعدم الشعور بالأمان، وحرمان الفتاة من تعليمها.

وتنوه التيم إلى أنه في حال حصل الزواج فإن الجهات المعنية لا تسعى إلى حل المشكلة عبر الطلاق، وإنما بمحاولة إخضاع الفتاة لجلسات توعية وتثقيف مكثفة.

طفلة لا زوجة، طالبة لا عاملة، شعارات لم تنقذ الفتاة السورية من براثن العادات والتقاليد التي حرمتها من حقها في تقرير مصيرها، لتضاف إليها أزمة لجوء اعتبرها كثيرون مبررا لتزويج بناتهم.