د. مهند العزة

حينما تشرفت بالعمل لأول مرة مع المركز الوطني لحقوق الإنسان في بواكير عام 2007، من خلال المشاركة في حزمة تدريبات للسادة القضاة ومرتبات جهاز الأمن العام على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن برامج تدريبية متكاملة حول اتفاقيات حقوق الإنسان كان ينفذها المركز بدعم من الأمم المتحدة، تفاجأت حينما طلب

«إنما الأعمال بالنيات»، قول يجري على ألسنة الناس بمناسبة وبدونها دون إدراك من كثيرين خطورة النية وأثرها الواقعي والقانوني على الأفعال التي قد تنزل من مصاف المباح إلى درك الجرائم المعاقب عليها. كان «القصد الجنائي» أو ما يعرفه غير المتخصصين ب«النية» السبب الرئيس الذي جعلني أتعلق بعلم القانون الجنائي

من المحزن أن تغدو حملات التنمر وانتهاك خصوصية الناس في الفضاء الافتراضي قاعدةً لا تستثير نخوةً ولا خلقاً ولا تشحذ يراعاً ليكتب عنها وعن دلالاتها، فقد نجحت نفايات المواقع الألكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي في فرض فضائها الملوث ورائحتها المنتنة على كل ما هو جميل وأصيل. في غمرة هذا العفن الأخلاقي،

لم أعد أحتمل مقاومة الإنساط لضربات قلبي وهي تردد بعضاً من عباراته وكل لزماته. لم يتبقى في عقلي مساحة لأي شيء آخر يقاطعه وهو يتحدث في أذنيّ وصدى صوته يتردد في جنبات صدري .. أحاول استحضار كل ما هو جاد وتافه، فلا يجد أي منها سبيلاً عليه وهو يخترق وجداني ويستغرق تفكيري ويستهلك كل عواطفي حتى أصبحت قطعة

من غير الضروري أن تعرف الشهيدة شيرين أبو عاقلة أو أن تكون قد التقيتها لينفطر قلبك ويتفجر في صدرك غضبك حيال اغتيالها بدم بارد من قبل كتائب جوقة القتلة المتسلسلين في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ يكفي أن تكون شبه إنسان لديك أطلال مشاعر ومن الأخلاق بقية؛ لتدين القتلة تلقائياً وبالسجية وتلمع عيناك بدمعة

كن ابنَ من شئتَ واكتَسِب أدباً = يُغنيكَ محمودهُ عن النسبِ. فليسَ يُغني الحسيبُ نسبتهُ = بلا لسانٍ لهُ ولا أدبِ. إنَّ الفتى من يقولُ ها أنا ذا = ليسَ الفتى من يقولُ كانَ أبي. حينما أنشد أسلافنا العرب هذه الأبيات، كان عماد مجتمعهم وتولي مواقع القيادة فيه من حظ سليلي القبائل والعائلات العريقة بتاريخها