رغم كل شئ، الفلسطيني لا يزال يفضل المنتجات الاسرائيلية!
بيت لحم - هبة لاما- مضمون جديد
ينظر عماد بفخر إلى منتجات مصنعه على ارفف المحال التجارية الفلسطينية، فهو أخيراً تخلص من الكتابة "العبرية" على بطاقات التعريف الخاصة بمعظمها، واستبدلها بالعربية، محققا بذلك جزءا من حلمه.
لكن حلم عماد، وهو صاحب شركة للصناعات الكيماوية في بيت لحم، يتعدى ذلك بخطوات كثيرة؛ إذ لطالما راودته فكرةَ انشاء مصنعٍ لمنتجات وطنية تكون بديلة للمنتجات الإسرائيلية التي تكتسح الأسواق الفلسطينية والبيوت على حد سواء.
إلا أنه لم يخطر بباله ولو لمرة واحدة أن إقبال المستهلك الفلسطيني على منتجاته سوف يتراجع في حال تغيرت اللغة التي يعرِّف بها المنتج.
يقول عماد "عندما بدأت بتعريب بطاقات التعريف على منتجاتي كنت أعتقد أنني سوف أكسب المزيد من الزبائن لأن هدفي الأساس هو المستهلك الفلسطيني، لأفاجأ بعد فترة قصيرة من هذا التغيير أن المبيعات قلت وتراجع إقبال المستهلكين على منتجاتي المعربة".
ويضيف عماد: "كنت أصاب بالإحباط حينما كان المواطن يأتيني قائلاً: أين الصابون الإسرائيلي؟،
فأجيبه: أنا لا أحضر منتجا إسرائيليا ولم أحضره قط، هذا يا عمي منتجي لكنني كنت أضع عليه التعريف بالعبرية والآن قد غيرته، لكنه ذات المنتج دون أي اختلاف".
ويتابع "كل ذلك الوقت وهم يشترون منتجي دون معرفتهم أن مصنعي هو الذي يخرج هذه المواد ويعتقدون أن هذه المنتجات التي يستهلكونها في بيوتهم هي إسرائيلية، هذا فعلاً محبط".
وعماد، الذي يصنع مواد التنظيف المختلفة من صابونٍ للاستحمام ومنظفات للأرض وما شابه ذلك، يوزع منتجاته في بيت لحم والخليل ورام الله ولفلسطينيي الداخل بأسعار مقبولة كما يقول.
ويختم عماد قائلا "أستغرب من المستهلك الفلسطيني الذي يتعامل مع المنتج بحسب مصدره فقط، وهو مستعد أن يبتاع الإسرائيلي الباهظ الثمن لكنه لا ينظر حتى للمنتج الوطني الذي يباع بأسعار معقولة".
الشكل أم الجودة
يفضل بعض الفلسطينيين المنتجات الإسرائيلية، ظناً منهم أنها أفضل جودة، إذ يقول أحد المواطنين "هناك فروقات واضحة بين المنتج الإسرائيلي والفلسطيني من ناحية الجودة، فالمنتجات الإسرائيلية تضاهي الفلسطينية من حيث النوع، لذلك فإنها المفضلة لدينا".
ويثق بعض المواطنين بالمنتج الإسرائيلي لأسباب عديدة اهمها كما يقول احدهم ان "المصانع الإسرائيلية تخضع لرقابة صارمة من قبل الحكومة، لهذا فإننا نثق بها أكثر من الفلسطينية".
كما ان البعض يرى أن المنتج الإسرائيلي يقدَّم بطريقة أفضل، حيث يقول أحدهم "للمنتج الإسرائيلي شكله المميز الذي يجذب المشتري بعكس نظيره الفلسطيني، لهذا فإننا نرى العديد من المستهلكين يتوجهون لشرائه ويتركون المنتج الفلسطيني ذا الشكل العادي".
وفي المقابل، يعتقد البعض أن المنتج الفلسطيني يجب أن يدعم من قبل الشعب والحكومة من أجل أن يتطور ويحقق نجاحاً.
يقول أحد المواطنين "كيف نريد لمنتجنا أن يتطور ونحن لا نشتريه ولا ندعمه، يجب علينا أن نقاطع البضائع الإسرائيلية جميعها ونكف عن دعم الاقتصاد الإسرائيلي مهما كان الفرق في الجودة، مع العلم أن العديد من المنتجات الفلسطينية أصبحت الآن ذات جودة عالية تنافس نظيرتها الإسرائيلية".
جانبان
بدوره يشير المحلل الاقتصادي خليل العسلي أنه بالرغم من زيادة الوعي لدى الشارع الفلسطيني بأهمية الاعتماد على المنتج المحلي خلال السنوات الماضية، إلا أن البعض يفضل المنتج الإسرائيلي لعدة أسباب أهمها يكمن في أن المستهلك قد اعتاد على فكرة أن المنتج الفلسطيني ليس ذا جودة عالية بعكس الإسرائيلي الذي يتمتع بالجودة والرقابة.
أما السبب الآخر فيتمثل -بحسب العسلي- في أسعار المنتج الفلسطيني فإما أن تكون عالية وتنفر المستهلك ولا تستطيع المنافسة، وإما أن تكون منخفضة جداً بحيث تشكك المستهلك بجودتها.
ويشير العسلي إلى ضرورة التوعية الإعلامية لأن العديد من هذه المنتجات الفلسطينية تكون ذات جودة عالية خاصةً منتجات الأجبان والألبنان.
ويقول "إن معظم هذه المنتجات كانت رديئة في السابق إلا أن غالبيتها قد تحسن من ناحية الجودة والمظهر وأصبحت منافِسة للمنتجات الإسرائيلية إلا أن المستهلك قد أبقى الفكرة السابقة دون تغيير معتقداً أن الحال لم يتغير".
ويلوم العسلي أصحاب هذه المنتجات؛ فالمطلوب من وجهة نظره، أن يثق صاحب المصنع ببضاعته ويستطيع أن يسوقها ليعيد ثقة المستهلك في هذه المنتجات من خلال الجودة والسعر المعقول.
وهو اذ ذاك يرى انه بالرغم من جميع حملات التوعية التي نظمتها وزارة الاقتصاد والمؤسسات الأخرى بضرورة مقاطعة المنتج الإسرائيلي والتوجه للفلسطيني، إلا أن الكثيرين لا يزالون على تفكيرهم السابق.
من جانب آخر فإن حملات التخفيضات المختلفة التي تتبعها إسرائيل بين الفينة والأخرى تساهم في الإقبال على المنتجات الإسرائيلية وترك الفلسطينية التي لا تستطيع المنافسة في هكذا ظروف.
ناهيك عن أن المنتج الفلسطيني يخرج من المصنع إلى رفوف المحال التجارية دون أن يتم الترويج له كما يجب أو إقناع المستهلك بجودته العالية أو حتى التعريف به، وهذا -كما يقول العسلي- يقع على عاتق أصحاب هذه الصناعة.
حملات مقاطعة
أطلقت وزارة الاقتصاد الوطني خلال السنوات الماضية عدة حملات مقاطعة للمنتجات الإسرائيلية منها حملة "من بيت لبيت" التي نظمتها الوزارة عام 2010 وحملة "من محل لمحل" وغيرها من الحملات المتعددة التي حاربت المنتج الإسرائيلي وعرّفت بالمنتج الفلسطيني.
وبالرغم من تحسن الوعي الشعبي حول ضرورة التوجه للمنتج الفلسطيني وعدم دعم الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة أن جودة هذه المنتجات قد تطورت في السنوات الأخيرة، إلا أن البعض لا يزال يثق بالمنتج الإسرائيلي ويفضله على الفلسطيني.
بدوره يؤكد منير الجاغوب أحد ناشطي هذه الحملات التي تطلقها وزارة الاقتصاد أن تأثير حملات التوعية يكون على المدى البعيد مشيراً إلى مدى التحسن الواضح في وعي الجمهور.
ويضيف الجاغوب: "بدأنا في وزارة الاقتصاد قبل حوالي الشهر، حملة جديدة لدعم المنتج الفلسطيني وتعريف الجمهور بحسناته وجودته عن طريق تجربته، ونأمل أن تسجل هذه الحملة التي تستهدف كافة المحافظات الفلسطينية نجاحاً مقبولاً كالذي سجلته سابقاتها".
وتقدر نسبة البضائع الاسرائيلية في السوق الفلسطيني بحسب اخر احصاء لوزارة الاقتصاد الفلسطينية بنحو ثمانين في المائة مقابل ثمانية عشرة في المائة فقط هي حصة المنتج الفلسطيني داخل أسواقه.
وبلغت واردات البضائع الاسرائيلية للسوق الفلسطينية أكثر من أربعة مليارات دولار سنويا ، بينما لا تدخل السوق الإسرائيلية من المنتجات الفلسطينية سوى 300 مليون دولار ما يخل بالغلاف الجمركي الموحد بين الجانبين
وكما يؤكد القائمون على حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، فان هذه الحملات حققت نجاحا حيث وصلت حد تخفيض استهلاك هذه المنتجات في السوق الفلسطينية الى نسبة 70%.
إستمع الآن