في يومهم العالمي.. ماذا حقق قانون حقوق الطفل بعد عامين من تطبيقه؟
رغم مرور عامين على بدء العمل بقانون حقوق الطفل منذ عام 2022، إلا أنه حتى اليوم لم تعلن أي من الجهات المعنية، حجم الأثر الذي أحدثه القانون أو مدى تحقيقه للأهداف التي وضع من أجلها، لتحسين حياة الأطفال.
ومع ذلك يعتبر خبراء في مجال حقوق الطفل أن إقرارا القانون يعكس تحسنا ملحوظا في أوضاع الأطفال في المملكة، وذلك بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للطفل الذي يصادف اليوم الأربعاء.
يأتي هذا القانون بعد 35 عاما من انضمام الأردن إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، ليضع إطارا قانونيا يضمن حماية من هم دون سن 18 عاما، ومع دخوله حيز التنفيذ قبل عامين، شكلت لجنة خاصة لرصد تطبيقه وتقييم أثره، فضلا عن اقتراح التعديلات الضرورية لتحسينه.
ومن بين أهم البنود التي نص عليها القانون، ما يفترض أن ينعكس مباشرة على حياة الأطفال، مثل حصولهم على خدمات صحية أولية مجانية وفقا للمادة 10، وضمان تمتعهم بأعلى مستوى صحيا ممكنا عبر التدابير التي تتخذها وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المختصة بحسب المادة 11.
كما يضمن القانون للأطفال حق العيش بمستوى معيشي ملائم والحماية من الفقر، مع تولي وزارة التنمية الاجتماعية وضع سياسات وبرامج لدعم الأسرة وتمكينها من أداء دورها في رعاية الطفل وتعليمه وفقا للمادة 12، أما التعليم، فقد شددت المادة 15 على حق الطفل في التعليم الإلزامي والمجاني، بما يتماشى مع أحكام الدستور.
إنجازات لصالح الأطفال
مديرة مديرية التطوير التشريعي في المجلس الوطني لشؤون الأسرة، نائلة الصرايرة، تؤكد في حديث لـ "عمان نت" على تطور المنظومة القانونية الخاصة بالطفل في الأردن منذ صدور قانون حقوق الطفل.
وتضيف الصرايرة أن المادة 10 من القانون، التي تنص على توفير الرعاية الصحية المجانية للأطفال، شهدت جهودا بالتعاون مع وزارة الصحة لإعداد نظام للرعاية الصحية الأولية المجانية، موضحة أن هذا النظام، الذي يغطي الفئات العمرية من 8 إلى 18 سنة بشكل متدرج، وصل إلى مراحله التشريعية النهائية، ومن المتوقع صدوره قريبا.
وبينت أنه تم افتتاح أول مركز لعلاج إدمان الأحداث في الأردن الأسبوع الماضي، وهو إنجاز نوعي نص عليه قانون حقوق الطفل، هذا المركز، الذي يتسع لـ 18 حالة، يهدف إلى معالجة وتأهيل الأطفال المدمنين.
أما في مجال السلامة الرقمية، كشفت الصرايرة عن إطلاق مشروع تدريبي في العام المقبل يركز على حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت، وتوعية الأهالي بكيفية التعامل مع الأدلة الرقمية والتطبيقات المختلفة لتقليل الفجوة التقنية بين الآباء والأبناء.
تحديات تواجه تطبيق القانون
تشير الصرايرة إلى أن أبرز التحديات في تطبيق قانون حقوق الطفل تتعلق بالموازنات المالية، إذ يفرض القانون التزامات متعددة على المؤسسات، إلى جانب نقص الموارد البشرية، حيث توجد حاجة إلى المزيد من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين لدعم البرامج والخدمات.
وتؤكد الصرايرة أن متابعة المؤشرات الخاصة بالقانون تكشف أوجه القصور، وتحدد المهام المطلوبة التي لم تنجز، مشيرة إلى أن الالتزام بمعايير جودة الخدمات حقق نجاحا ملحوظا، حيث تم تكريم ثلاث مؤسسات حصلت على المستوى الذهبي في تقديم خدمات متميزة للأطفال فاقدي السند الأسري.
ويعمل المجلس على إعداد تقرير سنوي حول حالة حقوق الطفل، بالإضافة إلى تشكيل لجنة تضم نحو 35 مؤسسة لوضع مؤشرات قياس أثر قانون حقوق الطفل، كما يتم بالتعاون مع منظمة اليونيسف إعداد مصفوفة تتضمن خارطة طريق تسهل على المؤسسات تنفيذ المهام المطلوبة وفق القانون.
فجوة كبيرة في وعي الأهالي
بالتزامن مع احتفال الأردن باليوم العالمي لحقوق الطفل، كشفت دراسة أجرتها مؤسسة إنقاذ الطفل في الأردن أن 15.8% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاما تعرضوا لأحد أشكال الإساءة الرقمية، مثل التنمر الإلكتروني، وقرصنة الحسابات الرقمية، والابتزاز، وتبرز أهمية الدراسة في تسليط الضوء على التجارب الرقمية للأطفال والمخاطر المرتبطة بها.
مديرة الإعلام والمناصرة في مؤسسة انقاذ الطفل نادين النمري تشير إلى وجود فجوة واضحة بين وعي الأهل وواقع تجارب أطفالهم الرقمية، إذ اظهرت الدراسة أن 16 % من الأطفال أقروا بتعرضهم للعنف الرقمي، بينما فقط 3.6% من الأهالي كانوا على دراية بذلك.
وتؤكد النمري أن المشكلة تكمن في تعريف مفهوم العنف الرقمي لدى الأهل، حيث بينت الدراسة أن العديد من الأهالي يعتمدون على أبنائهم لمساعدتهم في الأمور التقنية، مثل تنزيل التطبيقات وضبط إعدادات الهواتف، هذا الاعتماد يخلق فجوة بين الأهل وأطفالهم، ما يحتم على الأهل ضرورة الوعي بمخاطر العالم الرقمي والاقتراب أكثر من حياة أطفالهم الإلكترونية.
وتوضح أن رغم تصريح غالبية الأهل بأنهم يراقبون أطفالهم على الإنترنت، فإن هذه المراقبة غالبا ما تكون سطحية، مثل وجود الطفل في نفس الغرفة أثناء استخدام الأجهزة، بينما نسبة استخدام تطبيقات الرقابة الوالدية لم تتجاوز 9%، وهي نسبة تعتبر منخفضة، كما لفتت الدراسة إلى ضعف المعرفة ببنود قانون الجرائم الإلكترونية المتعلقة بحماية الأطفال وآليات طلب المساعدة عند الحاجة.
وتعد نتائج الدراسة مدخلا أساسيا لمشروع الحقوق والسلامة الرقمية للأطفال، الذي تنفذه مؤسسة إنقاذ الطفل بالشراكة مع المجلس الوطني لشؤون الأسرة، بهدف إعداد خطة تنفيذية وطنية تضمن الحقوق والسلامة الرقمية للأطفال، خاصة مع تزايد استخدام الإنترنت من قبلهم بعد جائحة كورونا.
وتظهر الدراسة أن 76.7% من الأطفال في الفئة العمرية 10-17 عاما يصلون إلى الإنترنت يوميا، مع ارتفاع النسبة إلى 86.5% في الفئة العمرية 16-17 عاما، ولم تظهر فروق ملحوظة بين الجنسين في هذا السياق.