أزمة مخيم المحطة.. الهدم يهدد 400 شخص.. وسط غياب تعويضات عادلة
ليست المرة الأولى، التي يجد فيها أصحاب محال وأهالي مخيم المحطة أنفسهم في مواجهة قرار هدم يهدد استقرارهم، هذه المرة بدأت أمانة عمان بتنفيذ حملة لإزالة عدد من المنازل والمحال التجارية التي تعتبرها مخالفة، وهو ما ينفيه السكان، مؤكدين أنهم يعملون على تجديد تراخيص محالهم منذ ما يزيد عن 60 عاما.
أمانة عمان كانت قد أبلغت الأهالي مؤخرا بضرورة إخلاء منازلهم، مع تحديد بدء تنفيذ أوامر الهدم التي تشمل المحال التجارية اعتبارا من غدا الأربعاء، ومن ثم البدء بهدم المنازل السكنية بتاريخ 30 من الشهر الحالي، وفقا لسكان المنطقة.
وفي ظل غياب تعويضات عادلة وكافية للمتضررين، دعت لجنة الدفاع عن أهالي منطقة المحطة إلى المشاركة في اعتصام سلمي وتشكيل سلسلة بشرية على امتداد شارع الجيش في المخيم، اليوم عند الساعة الرابعة عصرا، تعبيرا عن رفضهم للقرارات التي تهدد نحو 400 شخص من سكان المخيم، الذين يعتمدون في معيشتهم على هذه المنازل والمحال التجارية.
يقع مخيم المحطة في شرق العاصمة عمان بالقرب من منطقة الهاشمي الشمالي، حيث تأسس عقب نكبة فلسطين عام 1948 بعد أن سكنه نازحين فلسطينيين.
المخيم، الذي لم يعترف به رسميا من قِبل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين "الأونروا"، يضم منازل صغيرة بمساحات لا تتجاوز 70 مترا، إلى جانب المحال التجارية التي شكلت مصدر رزق رئيسي للسكان.
تطورات أزمة الإخلاء
بأن أمانة عمان وزعت خلال الأشهر الماضية 43 إنذارا بالإخلاء الفوري على المحال التجارية والمساكن في المنطقة، وقد جددت الأمانة هذه الإنذارات مؤخرا، مطالبة بالإخلاء خلال أسبوعين بحجة أن الأراضي مملوكة لها، وأن أصحاب المحال قاموا بالبناء على الشارع العام.
يؤكد نوفل أن المحال التجارية في منطقة المحطة قائمة منذ عام 1958، وبعضها موجود منذ أكثر من 60 عاما، وتشمل 19 محلا تجاريا و24 وحدة سكنية يقطنها حوالي 100 شخص، ويقدر عدد المتضررين من هذا الإجراء بنحو 400 شخص، مشيرا إلى أن العديد من المحال تحمل تراخيص قديمة مثبتة منذ الخمسينيات، ما يثبت أن الأرض مملوكة للأهالي أو لمن يعرف باسم "خورمة".
ويوضح أن العقارات، سواء السكنية أو التجارية، مرخصة ومزودة بخدمات الكهرباء والماء والهاتف منذ تأسيسها، مبديا استغرابه من إدعاء الأمانة أن التراخيص الحالية مزورة أو غير قانونية، رغم أنها صادرة عن الأمانة نفسها منذ عقود.
ويشير نوفل إلى أن اللجنة تواصلت مع أمانة عمان وعدة جهات حكومية، إلا أن الأمانة تصر على موقفها، معتبرة أن التراخيص غير قانونية، وترفض الاستجابة لمطالب الأهالي، مؤكدا أن طريقة تعامل الأمانة مع السكان تفتقر إلى تحقيق السلم المجتمعي، حيث تطالب الأهالي بإخلاء منازلهم دون توفير بدائل سكنية أو تعويضات مناسبة.
تعويضات غير كافية
لو "هدّوا البيت علينا، لن نخرج" شعار يحمله سكان مخيم المحطة المتضررين تعبيرا عن رفضهم لقرارات أمانة عمان التي تستهدف منازلهم ومحالهم، في وقت غياب تعويضات عادلة تضمن حقوقهم.
بين نوفل أن الأمانة عرضت تعويضات متدنية بقيمة 100 دينار لكل متر و80 دينارا للمباني الزينكو، بمعدل 8 آلاف دينار للوحدة السكنية، مع عدم ضمان الحصول على هذه التعويضات لجميع المتضررين،
واحتجاجا على ذلك ينظيم الأهالي اعتصاما سلميا يتضمن سلسلة بشرية لتوصيل رسالة رفض هذه الإجراءات، مع تأكيد أهمية حل الأزمة بشكل عادل يضمن استقرارهم، مطالبين بتعويضات عادلة أو توفير بدائل تكافئ منازلهم ومحالهم الحالية.
رد الأمانة
وفقا لتصريحات الأمانة فإنها أمهلت أصحاب المنازل والمحال التجارية المخالفة حتى 30 من الشهر الجاري كحد أقصى للإخلاء قبل الشروع في الإزالة.
وتشير إلى أن إزالة هذه التعديات تأتي لتنفيذ مشروع جديد يهدف إلى استحداث منطقة خضراء، وتحسين مستوى الخدمات في المحطة، وأن أعمال الإزالة في هذه المرحلة ستكون محصورة في المباني المقامة على الأراضي المملوكة لأمانة عمّان الكبرى.
أمانة عمان، تقول في بيان إن هناك اعتداءات أبنية قائمة ضمن سعة الشارع التنظيمي، مضيفة أن تلك الأبنية منها ما هو مستغل لأغراض تجارية ومبان سكنية مؤجرة للعمالة الوافدة، ومنا ما هو مهجور.
ونوهت الأمانة إلى وجود رخص مهن غير سارية المفعول لبعض المحلات التجارية، وغير مطابقة على أرض الواقع، والتي صدرت على قطع أراض مجاورة.
تهديدات بالهدم سابقة
كانت الحكومة قبل 5 سنوات قد وافقت على حل مشكلة أهالي المخيم المتعلقة بملكية الأراضي التي يقيمون عليها والدعاوى القضائية المقامة عليهم وتضمن القرار أن تتم مبادلة الأراضي المملوكة لمواطنين المعتدى عليها، والمقام عليها تجمع المحطة السكاني بأرض مملوكة للخزينة وفقا للقوانين والانظمة المعمول بها.
وبدأت القصة في عام 2017، عندما تلقى سكان المخيم إشعارات بالإخلاء صادرة عن محكمة شرق عمان بضرورة إزالة منازلهم، جراء قضايا رفعها المالكون الأصليون على السكان لاستعادة أراضيهم، الأمر الذي قابلوه بالرفض.
وفي منتصف شهر كانون الثاني الفائت، رحلت الحكومة ملف مخيم المحطة إلى أمانة عمان الكبرى لمعرفة مدى إمكانياتها باستملاك الأرض المتنازع عليها.
وفي مطلع شهر شباط الماضي، صدرت أحكام عن محكمة استئناف عمان، تؤيد “الإخلاء”، والتي سيعقبها التنفيذ بعد مرور 15 يوما، بما يمنع أهالي المخيم من الاعتراض على قرارات المحكمة.
فيما صدر مؤخر قرار قضائي يتيح التمييز بالقرارات السابقة القاضية بإخلاء أراضي مخيم المحطة لصالح مالكيها، يؤكد وكيل الدفاع عن السكان النائب أندريه عزوني في تصريح سابق لـ عمان نت، أن هذا الاجراء القانوني يتيح المجال بإعادة النظر في القضية كما يعمل على إيقاف التنفيذ بالقضايا المرفوعة ضد سكان المخيم.