السايكو دراما.. وسيلة لترميم طفولة سورية ضائعة

السايكو دراما.. وسيلة لترميم طفولة سورية ضائعة
الرابط المختصر

حرب على الأرض السورية، خلفت طفولة ضائعة، ولجوء يحاول التربيت على كتف من سمحت له الفرصة بالخروج منها، فلا تزال المآسي والدماء ودوي الرصاص ماثلا أمام أعين الأطفال السوريين، حتى في بلدان اللجوء.

فكانت برامج الدراما النفسية أو "السايكو دراما"، التي اتبعها عدد من المنظمات المعنية بالطفل السوري اللاجئ، وسيلة علاجية وتشخيصية في برامج الدعم النفسي والاجتماعي، وليست فقط للإلقاء، وإنما للمشاركة في كافة فنونها كالمسرح التفاعلي، والغناء وحلقات الرقص وموسيقا الراب.

وتعد السايكو دراما، نوعا من أنواع العلاج النفسي الذي يجمع بين الدراما كنوع من أنواع الفنون وعلم النفس، حيث تكمن فعاليتها في مساعدة الشخص على تفريغ مشاعره وانفعالاته من خلال أداء أدوار تمثيلية لها علاقة بالمواقف التي يعايشها حاضراً أو عايشها في الماضي أو من الممكن أن يعايشها في المستقبل، بعيدا عن الأساليب الشفهية المتبعة في العلاج النفسي التقليدي كالتخيل والتنويم المغناطيسي.

اللاجئة السورية أم خالد، تحاول تجاوز معاناة سفرها وألم فراق أهلها، لتأمين بيئة أفضل لأطفالها الذين ساءت حالتهم النفسية بعد ما شهدوه من أحداث دامية، وكان جثمان والدهم كفيلا بتربص القلق والخوف أمامهم، وعدم تقبل مجتمعهم الجديد.

وتضيف أم خالد، أن أطفالها بدأوا بالتحول الإيجابي منذ تلقيهم لبرامج الدعم النفسي التي تقدمها معظم المنظمات في الأردن للاجئين السوريين، كجلسات البوح والرسوم والاستماع إلى الموسيقى، وكانت لتجربة المسرح التفاعلي حيث تم إعطاؤهم دور التمثيل وكتابة السيناريو مع أقرانهم، نتيجة ملحوظة على سلوكهم اليومي.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف"، قد عملت على إنشاء مراكز لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والتعليم البديل باسم "مشروع مكاني"، والذي استهدف آلاف الأطفال السوريين ما بين 6 إلى 18 عاما، في مختلف محافظات المملكة.

منسقة الدعم النفسي في أحد هذه المراكز هيفا، تؤكد أن استخدام طرق السايكو دراما مع الأطفال واليافعين، يعد من أنجح الوسائل العلاجية وأفضلها نتائجا، من خلال تنوعها ما بين الفرق الرياضية وموسيقا الراب وحلقات الرقص الجماعية، ورسم اللوحات التعبيرية، وأخرى لتوصل الرسائل الصامتة.

وتغدو كتابة القصص والحكايات ثمّ كتابة المسرحيّة، والـتأليف عموماً، سبيلاً إبداعيّاً هامّاً في التفريغ كتشخيص وعلاج للحالات النفسيّة التي تعرّض لها الطفل وهو يقوم بسردها.

علاء، شاب سوري، ساعده المشروع ليطور مهاراته في غناء الراب، ليس فقط ليعبر عن ألمه، بل ليشارك مجتمعه مشاكله وقضاياه.

الزواج المبكر، قضية رأى فيها علاء أحد أكبر المشاكل التي تواجه اللاجئين في المجتمعات المضيفة، وأراد أن يشارك في طرحها على طريقته، حيث كتب هو وصديقه كلمات أغنية ودمجها مع موسيقا الراب وقام بغنائها في أكثر من احتفال وتجمع ضم أعداد كبيرة من الحضور.

وتؤكد مشرفة فريق السايكو دراما في المنظمة اليابانية في مخيم الزعتري فاطمة دار عواد، نجاح استخدام هذه الطريقة التي تم تطبيقها على مدار السنتين الماضيتين في المخيم وخارجه، من خلال المسرح والرقص والغناء، وقد كان أطفال المخيم أكثر تأثراً بها، وإبداعاً في نتائجها نظراً لبيئة المخيم المنغلقة وتعلق أطفاله بأي مبادرة تسمح لهم بارتفاع أصواتهم والصراخ بما يؤلمهم.

الطبيبة النفسية مها درويش، تعمل في أحد مراكز اللجوء في الأردن، وتشدد على أهمية تقديم الخدمات النفسية للأطفال، حيث تكون صدماتهم النفسية ظاهرة، إلا أنها يصعب تشخيصها في أغلب الأحيان.

وتضيف درويش أن الأطفال السوريين يشكلون الفئة الأكثر تضرراً من الأحداث في الداخل والخارج السوري، لافتة إلى أن القلق بأنواعه والكوابيس الليلة والتبول اللاإرادي، من أبرز الاضطرابات لدى الأطفال، والتي تعود إلى الهجرة القصرية، والتغير المفاجئ في البيئة، ونقص الإمكانيات والموارد بشكل كبير.

ألوان وأصوات يحاول الأطفال السوريون البحث من خلالها عن الفرح الذي افتقدوه، وهم الذين يشكلون ما نسبته 51% من مجمل اللاجئين، وفقا لأرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

أضف تعليقك