كورونا وتبعاتها الاقتصادية تفاقم الوضع النفسي للاجئين السوريين

الرابط المختصر

لا يخفي سعيد القصاف، لاجئ سوري في مخيم الزعتري، مخاوفه من تفشي فيروس كورونا في المخيم مع ظهور إصابات في وقت تشهد فيه الأردن ارتفاعاً غير مسبوق في عدد الإصابات بالفيروس. 

يقول القصاف "غياب الدخل للاجئين السوريين في مخيم الزعتري وانقطاع المساعدات العينية خلال جائحة كورونا أجبر الكثيرين منهم للخروج بشكل يومي خارج المخيم بطريقة غير مشروعة "عن طريق الساتر" للعمل بمزارع الخضار وتأمين دخل لعائلاتهم".

تتجلى مخاوف اللاجئين من تفشي الفيروس في المخيم في ظل خروج شبان للعمل خارج المخيم أو من خلال الموظفين الذين يأتون من الخارج ويحتكون بسكان المخيم بعد إصابة سكرتيرة من داخل المخيم نُقلت إليها العدوى من طبيب يأتي من خارج المخيم، وفق القصاف.

أما علاء، فهو لاجئ سوري متزوج ولديه طفلان يعيش مع والدته في مخيم الزعتري، يخرج للعمل عن طريق "الساتر" لتغطية مصاريف المنزل وجزء من أدوية والدته التي تعاني من مرض في القلب.

"في الوقت الحالي ومع بدء تسجيل عدد كبير من الاصابات وخوفاً على أطفالي وعائلتي وعلى نفسي قررت أن أوقف المخاطرة بصحتي وصحة عائلتي وأبناء المخيم لأنه إذا وصل الفيروس للمخيم راح تكون مصيبة" يقول علاء.

تتمثل أعباء علاء في ظل الأزمة الحالية، بعدم وجود مردود مادي يعيله هو وعائلته، عدا عن غياب التوعية والتثقيف بالفيروس وخوفه على ابنه الذي يعاني من حساسية صدرية تضطره للذهاب إلى المستشفى بشكل مستمر.

وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فإن 43% من اللاجئين الذين يعملون في مهن ذات أجر يومي قد خسروا وظائفهم وعليه ارتفعت نسبة الفقر بين اللاجئين، حيث تبين من خلال المسح الميداني في شهر حزيران أن 90% من اللاجئين لا يملكون مدخرات تزيد عن 50 دينار أردني.

وتشير تقديرات المفوضية إلى أن 40% من اللاجئين في الأردن فقدوا وظائفهم نتيجة أزمة فيروس كورونا , كما أن هناك 40% من اللاجئين تراكمت عليهم ديون تزيد عن ال 100 دينار اردني، مما دفع بـ90% من اللاجئين لاتخاذ خطوات خارج المسار الصحيح في تدبير الأمور المالية مما سيؤثر سلباً أما على التعليم أو الصحة وعدم سداد الإيجارات وفواتير الكهرباء والماء.

وكانت المفوضية في الأردن قد ناشدت العالم للحصول على 79 مليون دولار من أجل استجابتها لفيروس كورونا لاغاثة اللاجئيين في المملكة، في ظل تلقي 30% من الأموال حالياً .

بدوره، قال المتحدث باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، محمد الحواري، أن هذا التحدي رفع الاحتياج اللازم لخطة الاستجابة السنوية بمقدار 79 مليون دولار ليصبح الإجمالي اللازم 426 مليون لهذا العام توفر منها 42%.

"في هذه الأزمة المفوضية لا تعمل بمفردها، منظمة اليونيسيف شريك رئيسي في التعقيم والمتابعة ومنظمات أخرى تعمل في قسم الحجر الصحي ... اللاجئين في الأردن مشمولين في خطة الاستجابة الوطنية وعليه فإن وزارة الصحة شريك رئيسي حيث تم إدراج اللاجئين في عمليات فحص فيروس كورونا الوطني " يقول الحواري.

وأوضح الحواري أن المفوضية السامية قامت بتوزيع مساعدات نقدية طارئة على ما يقرب من 39 ألف عائلة لاجئة في شهر آب الماضي لمساعدتهم على النجاة من تأثير جائحة كورونا عليهم إقتصادياً، تأتي هذه المساعدات بعد جولة أولى من توزيع مساعدات مماثلة في وقت سابق من شهر آيار الماضي ويهدف إلى تخفيف بعض العبء الناجم عن فقدان سبل العيش.

كما وتم توزيع ما يعادل 10 ملايين دولار من المساعدات النقدية الطارئة على 56 ألف عائلة لاجئة منذ بداية الوباء، بالإضافة إلى برنامج المساعدة النقدية الشهرية للمفوضية والذي يستمر دعمه لـ 33 ألف أسرة كل شهر، مما يوفر مصدر دخل منتظم وموثوق للاجئين الأكثر ضعفاً، والذين يستخدمه معظمهم لدفع الإيجار، وفق الحواري.

المفوضية كانت قد حذرت من العواقب التي يخلفها فيروس كورونا على الوضع الاقتصادي والخسائر الفادحة بالصحة النفسية للاجئين حيث أفادت التقارير التي أعدتها المفوضية أن هناك ارتفاع في مشاكل الصحة النفسية .

تتفق الاخصائية النفسية عائدة وكيلة في ذلك، مؤكدة أن المخاوف لدى اللاجئين ستكون ضعف المخاوف الطبيعية وهذا شئ وارد نتيجة التحديات الكبيرة التي تواجههم، خاصة وأن اللاجئين الآن بمرحلة حصار نفسي واقتصادي كبير أثقلته الأزمة على كاهلهم وخاصة في ظل الاغلاقات التي حصلت بداية الأزمة وحتى المساعدات ستكون غير كافية لاشعار هؤلاء بالأمان الاقتصادي والنفسي .

وأضافت وكيلة "الوضع بالنسبة للاجئين سئ جداً، فالجوع والخوف من الجائحة والبعد عن أوطانهم سيرتب حالة نفسية عند اللاجئين وأبنائهم".

وأشارت وكيلة إلى أن حياة اللاجئين كانت تعاني من صعوبات اجتماعية واقتصادية ونفسية قبل أزمة كورونا وهذه الأزمة كان بمثابة صدمة تسببت بعبئ جديد على كاهل اللاجئين السوريين.

"أزمة كورونا لم تكن مجرد أزمة صحية كانت أيضاً ازمة نفسية واقتصادية واجتماعية ولا بد من اعطاء الصحة النفسية اولوية كبيرة" تقول وكيلة.

من جانب آخر قال المدير الطبي في جمعية الإغاثة الطبية العربية الدكتور بشير القصير أن الخوف من انتشار وتفشي الفيروس داخل مخيمات اللاجئين من أكبر المخاوف التي تواجههم كما تواجه اللاجئين لصعوبة السيطرة عليها وعدم توفر أماكن للحجر.

ويوضح القصير أنه وبالرغم من توفر عناوين المنظمات وأماكن تقديم خدماتها الصحية إلا أن هناك مخاوف من قبل اللاجئين من القدوم لتلقي الخدمة الطبية خوفاً من انتقال العدوى إليهم باعتبار أن المخيم مغلق والعدوى سيكون مصدرها خارجي أي من القادمين من خارج المخيم. 

وأكد القصير أن المنظمة استمرت بتقديم خدماتها الطبية للاجئين بما فيها الصحة العامة والصحة السنية والاختصاصات والصحة النفسية للأطفال فقط .

هذا ويذكر أن الأردن يستضيف نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، منهم 654 الف لاجئ مسجل في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يضم مخيم الأزرق حوالي 36 ألف منهم، في حين أن مخيم الزعتري وهو المخيم الأكبر في المملكة يضم حوالي 76 ألف، بينما الباقي يعيش خارج المخيم .