كبار السن وذوي الإعاقة..تحديات بالجملة
على الرغم من تبني الأردن للعديد من برامج الحماية الاجتماعية والمتمثلة بتوفير حقوق الإنسان الأساسية كالحياة الكريمة والرعاية الصحية، إلا أن منظومة الحماية الاجتماعية ما تزال قاصرة في تقديم خدماتها الحقيقية بشكل كامل وخاصة للفئات الهشة ككبار السن وذوي الإعاقة.
مدير الأسرة والحماية في وزارة التنمية الاجتماعية محمود الجبور أوضح أبرز التحديات التي تواجه كبار السن كضعف التأمين الصحي والمعونات المالية المقدمة لهم بالإضافة إلى الضعف في مجال الرعاية سواء كانت الرعاية المؤسسية أو الأسرية.
ليضيف الجبور أن كبار السن في الأردن يعانون من عدم وجود نوادي ترفيهية خاصة بهم؛ لقضاء الوقت مع من هم من نفس أعمارهم أو مع غيرهم فثقافة دمجهم مع المجتمع والاستفادة من خبراتهم غير منظور فيها.
ليضيف الجبور أن السبب الرئيسي وراء معظم التحديات التي يعاني منها كبار السن يعود إلى النقص في الخدمات المقدمة لهم سابقا، مثل: ضعف التعليم مما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمية بين كبار السن والتي تسعى الحماية الاجتماعية للحد من هذه التحديات على حد قوله.
و كخطوة للارتقاء بالخدمات المقدمة لكبار السن أعد المجلس الوطني لشؤون الأسرة استراتيجية وطنية لكبار السن، ضمن خطة تنفيذية للأعوام 2018 - 2022، بحيث تشكل الأساس للتخطيط في دمج قضايا كبار السن في السياسات الوطنية، من خلال المحاور والأولويات التي تتضمنها ضمن شراكة بين كل قطاعات الدولة الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ومن ضمنها وزارة التنمية الاجتماعية.
وبين الجبور دور وزارة الصحة مثلا في هذا المجال لتقوم الوزارة بتقديم التأمين الصحي لكل من تجاوز الستين عام من عمره.
وأكد الجبور أن وزارة التنمية الاجتماعية تقوم بدور وصفه بالشمولي في مجال تقديم الخدمات المختلفة لكبار السن، كتوفير الدخل لهم من خلال صندوق المعونة الوطنية وغيرها من الصناديق الاخرى، كما أن وزارة التنمية الاجتماعية تقوم بتوفير سكن خاص لكبار السن في حال ثبوت عدم وجود إيواء ودخل لكبير السن يحقق له الحياة الكريمة.
المتخصصة في قضايا كبار السن، والمستشارة في المجلس الوطني لشؤون الأسرة أروى النجداوي أوضحت أن نسبة كبار السن في الأردن منخفضة لتصل ل 5.4% في المجتمع الأردني لتؤكد أن هذه النسبة مستقبلا ستصل ل 7.7% مما يزيد أعمارهم عن ستين عام وهذا يلزم الحكومة الأردنية بالعمل على توفير الحماية الاجتماعية والصحية وتوفير الدخل الآمن لهم للحد من كل التحديات التي قد تعاني منها هذه الفئات .
وترى النجداوي أن المجلس الوطني لشؤون الأسرة هو المظلة الرئيسية التي تتولى الإشراف على كل القضايا المتعلقة بكبار السن بالتعاون مع جهات حكومية، مثل: وزارة التنمية الاجتماعية لتوضح النجداوي أن عدد دور رعاية المسنين في الأردن تسعة دور فقط متوزعة في أربعة محافظات في العاصمة و الزرقاء واربد والبلقاء بقدرة استيعابية وصلت في نهاية 2021 إلى 66% مما يعني أنها مازالت قادرة على استيعاب المزيد من المسنين.
لتبين النجداوي أن السبب يعود لطبيعة المجتمع الأردني والعادات والتقاليد فقد وصلت نسبة الترابط والتماسك الاجتماعي فيه الى 72% وفق نسب صادرة عن مؤسسات دولية، وأن نسبة شعور كبار السن بالأمن والأمان وصلت ل90% وهي الأعلى في المنطقة.
وأوضحت النجداوي أن كل دور رعاية وإيواء المسنين في الاردن دور غير حكومية إنما هي دور تطوعية وخاصة، وتقوم الحكومة عن طريق وزارة التنمية الاجتماعية بشراء خدمة استضافة كبير السن من دور الرعاية مقابل 280 دينار شهريا وذلك وفق معايير وشروط بعد دراسة حالة المسن والتأكد من عدم وجود دخل ثابت للمسن مع عدم وجود معيل ومسكن له فإذا ثبت افتقار كبير السن لكل هذه الأمور يتم شراء الخدمة له.
ووفق الاستراتيجية الوطنية لكبار السن والتي أعدها المجلس، أظهرت بأن فئة كبار السن في مجتمعنا ما يزالون يواجهون العديد من التحديات التي تحول دون إدماجهم في العديد من مجالات الحياة لتوضح النجداوي أن ابرزها يعود لمحدودية الدعم المالي المقدم لهذه الدور على الرغم من شراء الحكومة لبعض الخدمات وتلقي الدور للتبرعات لتبين النجداوي أن دور الرعاية غير قادرة على تغطية نفقاتها، مثل: دفع ضريبة تصل إلى 20% من صافي الدخل بالإضافة إلى فواتير الماء والكهرباء والتي يتم احتسابها على التعريفة التجارية وليس المنزلية.
وعن الكوادر البشرية والطبية المعنية بالتعامل مع هذه الفئات بينت النجداوي أنها مؤهلة ومدربة ولكنها تحتاج للمزيد من التدريب، لتبين أن هذه الكوادر لا تحظى بالاستقرار والأمان الوظيفي فكل الكوادر العاملة في دور الرعاية لا يوجد لها تأمين صحي باستثناء دارين تقوم بتقديم تأمين جزئي للعالمين مما يضعف استقرارهم في هذه الدور وبحثهم المستمر عن فرص وظيفية أفضل مما يؤدي إلى ضعف في الخدمات التي تقدمها هذه الدور.
وأوضحت النجداوي الإجراءات التي يجب العمل عليها لضمان توفير مختلف الحمايات الاجتماعية لكبار السن وتوفير كافة حقوقهم، مثل: ضرورة توفير تقديم الرعايا الصحية لكبار السن في منازلهم، فبقاء كبير السن في منزله وتلقيه خدمة الرعاية في المنزل أفضل بكثير من ذهابه لدور الرعاية على الرغم من تكلفتها المرتفعة والحاجة لتدريب الكوادر على تقديم الخدمات الصحية لكبار السن في منازلهم.
وأيضا ضرورة وجود دعم حكومي لهذه الدور، مثل: أن تقوم الحكومات بشراء الخدمات بمبلغ 300دينار شهريا عوضا عن 280 دينار.
ومن الفئات الهشة التي تعاني من ضعف في الخدمات الاجتماعية المقدمة لهم فئة ذوي الاعاقة وخاصة في ظل ظروف جائحة كورونا حيث أظهر التقرير السنوي للمركز الوطني لحقوق الإنسان للعام 2020، أن أوامر الدفاع لم تراعي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة كما لم تتضمن احتياجاتهم ضمن الميزانيات والخطط والأنشطة خلال تلك الفترة.
ففي الجانب الصحي بين التقرير أنه رغم التطور في مجال الخدمات الصحية لذوي الإعاقة كوضع معايير اعتماد المراكز التشخيصية لذوي الإعاقة، لكن وزارة الصحة في استراتيجيتها للعام 2018-2022 لم تشر للتشخيص المبكر والصحة الإنجابية، وضعف الوعي بآليات التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة.
رئيسة جمعية أنا إنسان /آسيا ياغي، أوضحت أن أصعب التحديات التي يعاني منها ذوي الإعاقة كضعف القدرة الاقتصادية لديهم على الرغم من وجود قانون يلزم ديوان الخدمة المدنية بتشغيل ما نسبته٤% من ذوي الإعاقة لتوضح أن هذا القانون غير مطبق على أرض الواقع مما يجعل ذوي الإعاقة عبئا على المجتمعات على الرغم من أن تطبيقه يعود بالفائدة على المجتمع كون هذه الفئات لديها القدرات والإمكانيات على الرغم من محدودية بعضها.
ودعت الياغي لضرورة التعريف والتوعية بحقوق هذه الفئات ومهارات التعامل معهم لتسهيل عملية دمجهم في المجتمعات لتبدأ التوعية أولا من المناهج التربوية ورياض الأطفال ليتقبل المجتمع وجود أشخاص مختلفين عنهم .
لتضيف الياغي جملة من التوصيات التي تحقق مفهوم العدالة الاجتماعية لذوي الإعاقة، مثل: قضية التسهيلات البيئية في الشوارع وتخصيص أماكن خاصة تتناسب مع قدرات هذه الفئات بالإضافة إلى ضرورة التأمين الصحي الشامل لهذه الفئات وعدم تأخير القضايا الصحية المتعلقة بهم، لتسلط الياغي الضوء على ضرورة تحقيق الحماية الاجتماعية وخاصة للفتيات ذوات الإعاقة في حمايتهن من العنف سواء من الأسر أو في دور الإيواء.
أمين عام المجلس الأعلى لحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة الدكتور مهند العزة أوضح أن هناك غموض في مفهوم الحماية الاجتماعية ليتم التعاطي معه في حدود ضيقة جدا تقتصر على توفير الغذاء وتوفير نوع من الرعايا الصحية العاجلة لبعض الحالات وخاصة في ظل جائحة كورونا وأما عن مفهومه الشامل والذي يشمل كافة الحمايات الاجتماعية كالدعم النفسي والتأهيلي والحماية من العنف فما زال هناك قصور في التعاطي مع هذه الجوانب والذي تصبح أولويات في حالات الطوارئ .
وفيما يتعلق بمفهوم الحماية الاجتماعية لذوي الإعاقة هناك الكثير من الاستراتيجيات لم يرد فيها ذكر حقوق ذوي الإعاقة إلا بصورة نمطية ضيقة أو تحت بند المساعدات فقط على الرغم من أن ذوي الإعاقة كانوا من أكثر الفئات تأثراً في ظل جائحة كورونا وخاصة في مجال التعليم والرعاية الصحية.
ليبين العزة أن قطاع العمل الخاص بذوي الإعاقة كان الأقل تأثرا بظل الجائحة وهو اليوم أكثر إيجابية فمن خلال التنسيق القائم بين وزارة العمل والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لم ترد شكاوى بأعداد كبيرة متعلقة بفصل أو فقدان وظائف على الرغم من الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد ليضيف أن هناك مبادرات من القطاع الخاص وخاصة من الشركات التي تعمل في قطاع الاتصالات على التواصل مع المجلس الأعلى لحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة لتوفير فرص عمل لذوي الإعاقة تتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم.
وللتخلص من الفكرة النمطية المتعلقة بعمل ذوي الإعاقة في وظائف محدودة وحرمان هذه الفئات من العمل في بعض القطاعات والوظائف الإشرافية والإدارية أوضح العزة ضرورة طرح نماذج وعينات عن شركات تضم أشخاص من ذوي الإعاقة بكافة أشكالها مع توفير البيئات المناسبة لهذه الفئات والتخلص من فكرة أن توفير بيئات مناسبة لعمل ذوي الإعاقة تحتاج لتكلفة مالية عالية فوفق دراسات قامت بها شبكة الترتيبات التيسرية أوضحت أن متوسط كلفة الترتيبات اللازمة لتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في أي بيئة عمل قد تصل ل500 دولار فقط.
وبين العزة جوانب النظام الذي أصدر مؤخرا في الأردن تحت اسم "تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة" والذي أفرد كثيرا من الالتزامات على جهات العمل في القطاع الخاص لم تكن مذكورة في كل التشريعات السابقة مثل تهيئة بيئة العمل للتناسب مع قدرات ذوي الإعاقة والترتيبات التيسيرية المعقولة والتي تلزم أصحاب العمل على توفيرها إضافة إلى إلزام وزارة العمل على متابعتها والتأكد من تطبيقها والتزام على المجلس الأعلى بتقديم الدعم الفني والمعرفي لجهات العمل وتوفيرها، ليتم العمل على إصدار تعليمات هذا النظام على أمل أن تصدر قبل نهاية هذا العام.
وفي جانب التعليم بين العزة أن ذوي الإعاقة هم أكثر من ظلموا في هذا الجانب ليكون المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أول من عمل على سد فجوة التعليم أثناء فترة الحظر فالمنصات التي أعدت للتعليم عن بعد غير مهيأة للطلاب المكفوفين والصم وخاصة للطلاب ذوي الإعاقات الذهنية ليقوم المجلس بالتنسيق مع مبادرات مجتمعية وبعض الشركات الاستشارية بتسجيل مناهج صوتا للطلاب المكفوفين وتحميلها على برامج خاصة وتسجيل المناهج للطلاب الصم بلغة الإشارة على كاميرات الهواتف وتحميلها على منصات خاصة بهم.
ليضيف العزة أنه تم مخاطبة رئاسة الوزراء بإلزامية أن تكون خطط الطوارئ الموضوعة تتناسب مع متطلبات واحتياجات الأشخاص من ذوي الإعاقة لتفادي مثل هذه الظروف الاستثنائية.
ويرى خبراء ضرورة النظر إلى منظومة الحماية الاجتماعية من منظور آخر يقوم على سد الفجوات والثغرات وذلك من خلال مؤسسات تمتلك القدرة على التغيير.