لم يشكل شح الضخ المادي لقطاع الصناعة والابتكار للأشخاص من ذوي الإعاقة عائقاً بينهم وبين إطلاق العنان لقدراتهم، ولم يكتفوا بإظهار إعاقتهم كجزء من نجاحاتهم بل استطاعوا صنع تغيير جذري في حياتهم يزيل الحواجز المقيتة التي رسمتها القيود المجتمعية عليهم.
اقتراحات علمية قيد التنفيذ
يقول مطور وصانع تطبيقات الذكاء الإصطناعي من ذوي الإعاقة بلال سمور، أن طريقه في صنع الحلول أو الاقتراحات العلمية بدأ منذ أن كان يدرس تخصص نظم المعلومات الحاسوبية في الجامعة، والذي استطاع من خلاله أن يوظف ما تعلمه من تخصصه في صنع تطبيقات تخدم الأشخاص من ذوي الإعاقة لأن قطاع الاختراعات للأشخاص من ذوي الإعاقة بطيء ولا يكاد يذكر.
ويشير أن إعاقته الشديدة "تصلب مفاصل اليدين والرجلين" لم تمنعه من تقديم حلول علمية ومقترحات لتسهيل حياة الأشخاص من ذوي الإعاقة، فقام بصنع تطبيق يحمل على الهواتف في مطلع عام 2009، يحمل خريطة معنونة لجميع الكليات والمطاعم والبوابات في الجامعة الأردنية يستطيع من خلالها الشخص من ذوي الإعاقة التنقل عبر الخريطة في جميع المرافق في الجامعة، وقدمه للجمعية العلمية الملكية ولكن لم يستطع إكماله ليرتقي لمنتج، لأن هذه المشاريع تحتاج إلى رأس مال وتمويل.
يلفت سمور إلى أن اقتراحه العلمي الآخر كان عبارة عن كرسي كهربائي يستطيع الشخص أن يتحكم فيه من خلال الصوت في الموبايل وأن هذا الكرسي كان من المفترض أن يشكل نقلة نوعية لحياة الأشخاص من ذوي الإعاقة الحركية، لأنه يأتي من الشخص من ذوي الإعاقة بحسب تردداته الصوتية أينما كان، ويرسل إشعارات تحسب الوقت الذي يحتاجه الشخص للوصول إلى وجهته، وكم تبقى شحن بداخله.
ويؤكد أن فكرة الكرسي الذكي جاءت من المشكلة الحقيقية التي يعاني منها الأشخاص من ذوي الإعاقة كثقل حجم الكرسي الذي يصل وزنه ل50 كغ، بينما الكرسي الذكي لا يزيد حجمه عن 20 كغ بطارية ليثوم وصنع من الالمنيوم وقابل للتنقل بكل سهولة، لكنه أيضاً يحتاج إلى شركة تتبناه وتحوله لمنتج حقيقي يعود بالنفع على المشتري والمستثمر.
الإرادة والطموح
وعن كيفية صنع تطبيقات الذكاء الإصطناعي للأشخاص من ذوي الإعاقة ينوه سمور أن أحد أهم المواضيع التي يحرص على وجودها خلال صناعته للتطبيقات هو أن يكن التطبيق يعمل جيداً مع القارئ والشاشة والإعدادات التي بداخل الهاتف الذكي وليس فقط على "اللابتوب" فيجربه على نفسه ولا يقم بإنهاءه أو تقديمه للموافقة إلا إذا تطابق مع أدنى المتطلبات التي يحتاجها ذوي الإعاقة.
ويواصل حديثه حول شغفه الذي لم يمنعه من العمل في شركة "حلول السحابة" السعودية، التي يصنع فيها تطبيقات تختص بقطاع الخدمات الطبية، وأن التكنولوجيا اليوم سهلت على الأشخاص من ذوي الإعاقة خوضهم حياة حرة خالية من القيود التي جرت عليها العادة مسبقاً، فأصبح هناك تطبيقات ذكية تخدم جميع الأشخاص وتوفر عليهم سبل الحياة جميعها.
تحدي الواقع
وتعتبر طالبة الدراسات العليا ومتطورة تطبيقات الذكاء الإصطناعي من ذوي الإعاقة البصرية سارة أبو علي، أن فكرة الحلول العلمية التي طرحتها تمثلت في صنع تطبيق يهدف لقراءة العملات الورقية للأشخاص المكفوفين، للحد من حالات النصب والاحتيال على الأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية، والذي حصلت من خلاله على تمويل من المنظمة الفنلندية للإغاثة التي تهتم بالمشاريع الريادية والابتكارية.
وتستأنف أبو علي الحديث حول تطبيق "قارئ العملات" الذي بدأت في تطويره في مطلع عام 2018، يحمل من 5 دول عربية وأجنبية، ثم حصلت على منحة تمكنت من خلالها من ضم 16 دولة عربية وأجنبية تسمح باستخدام التطبيق، وقامت بتطويره ليقرأ الألوان على جميع .ios الهواتف الذكية بنظام " الآندرويد و
وتسترجع أبو علي خريجة الجامعة الأردنية تخصص الإنجليزي التطبيقي حديثها حول الأنشطة التي دعمت فيها تطبيقات الذكاء الإصطناعي للأشخاص من ذوي الإعاقة البصرية بشكل خاص، فقامت بعمل مبادرات تتضمن تأمين الكتب بلغة بريل للطلاب المكفوفين بطريقة صوتية.
الجهات المسؤولة
تضيف مديرة مديرية حماية الملكية الصناعية ومسجلة براءات الاختراع زين عواملة، أن وزارة الصناعة تستقطب الكفاءات وبراءات الاختراع من كل مكان سواء من ذوي الإعاقة أو من غير ذوي الإعاقة، منوهة لأن المديرية لها تصنيف خاص ببراءات الاختراع يصنف على أساسها.
وتؤكد أن تقديم وتصنيف طلب براءة الاختراع لا يخص أفراد ذوي الإعاقة بل هو تصنيف عالمي متبع بكل دول العالم، بحيث يتم تقديم الطلب بقسم براءات الاختراع ويطلع على الطلب فاحصين مختصين بالحقل الذي تقدم له الطلب كالهندسة أو الصيدلة أو غيرها من الحقول للتأكد من استيفاء الطلب وجاهزيته ومن الرسوم المدفوعة والوكالة، ثم يتم الفحص الموضوعي من قبل الفاحصين للتأكد من الاختراع وهل هو قادم للتطبيق الصناعي او مطابق لشروط الابتكار.
وتنوه عواملة لكيفية الدعم المادي والذي يتكفل فقط بالإعفاء من الرسوم الحكومية بمرحلة تقديم الطلب ورسوم إصدار الشهادة إذا تمت الموافقة ونشر المنتج أو براءة الاختراع، والهدف منها تشجيع الأشخاص من ذوي الإعاقة على الاختراع وتنشيط الابتكار.
وتؤكد أن المشاريع التي تقدم من ذوي الإعاقة أو لخدمة ذوي الإعاقة قليلة جداً، وعن التسهيلات التي تقدمها المديرية تلفت عواملة أنها تسهل على المتقدمين الإجراءات وتزودهم بقاعدة بيانات لمعرفة مدى تطبيق أفكارهم في الخارج ولمعرفة جودة الفكرة، وتعقد المديرية للمخترعين من ذوي الإعاقة جلسات إرشادية و مساعدة في صياغة الطلب وفقاً لأن صياغة طلب براءة الاختراع صعبة ومكلفة.