واقع العناء والمشقة كلمتان متلازمتان يجسدان حقيقة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الأردنيون والسوريون في الأردن جراء مكافحتهم للحصول على حقهم في التعليم ووصولهم إلى المرافق المدرسية بسهولة من خلال تواجد طريق آمن، هكذا وصف عدد من أهالي الأشخاص ذوي الإعاقة واقع أبنائهم خلال مكافحتهم في حصولهم على حقهم بالتعليم ضمن افتقارها لأدوات مساعدة ملائمة تلائم حالتهم عدم تواجد طرق تساعدهم في ضمان حصولهم على حقهم في التنقل والوصول.
ذوي إعاقة يواجهون واقعهم المؤلم
أم نور سيدة سورية تقطن في مخيم الزعتري تروي حكايتها مع ابنتها نور إبنة 13 ربيعا التي كافحت طويلا في تهيئتها نفسيا لتقبل فكرة التحاقها في الفصول المدرسية، قائلة أن نور لم تكن متقبلة المدرسة لحالتها النفسية و حاولت التحايل معها للذهاب للمدرسة لكي تخرج من حالتها النفسية التي تمر بها في ظل عدم وجود اهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة وعلمتها بالمنزل و المعلمين لا يهتمون بالأطفال.
ولفتت أم نور "خوفي على ابنتي من الطريق الوعرة داخل المخيم جعلني تمتنع الذهاب إلى المدرسة الفصل الماضي"، مضيفة " الكرسي المتحرك الذي استلمته من أحد الجمعيات من داخل المخيم جودته رديئة حيث لا تستطيع السير به في الطريق الطينية".
بينما سندس فتاة أردنية تبلغ من العمر 19 عاما لم يكن واقعها مغايرا عن نور جراء معاناتها اليومية في قدرتها للوصول المرافق المدرسية وذلك بعد تمكنها من الحصول على كرسي متحرك كهربائي ساعدها في القدرة للوصول لفصلها الدراسي ولكن لم تكتمل فرحتها إذ أصبح الكرسي في منتصف الطريق تفرغ البطارية وتبدأ رحلة معاناة ما بين كيف المضي نحو هدفها بحصولها على التعليم وكيف العودة إلى المنزل.
وتروي والدتها، "مررت سندس بصعوبات بحياتها جراء اصابتها بشلل نصفي منعها من الحركة، وحاولت جاهدة أن لا احرمها من التعليم حتى وصلت مرحلة الحادي عشر، جراء اعتمادي على اخوانها في مرافقتها للمدرسة، حتى استطعت الحصول على كرسي متحرك كهربائي توقعت ان يسهل حياتها ولكن للأسف كانت الأمور أصعب جراء انتهاء شحنة البطارية في منتصف الطريق"، وذلك دفع سندس الشعور بالإحباط والخجل أمام زميلاتها بالمدرسة لوقوعها أيضا عدة مرات عن الكرسي لعدم تواجد مواءمة ملائمة لذوي الإعاقة داخل مرافق المدرسة وعدم قدرتها على استخدامه بشكل جيد.
منظومة تفتقر للضوابط
الناطق الإعلامي باسم المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رأفت الزيتاوي يقول إن قانون الأشخاص ذوي الإعاقة قام بتحديد مسؤوليات كل مؤسسات الدولة من حيث الاختصاص والمهام، إذ يترتب على وزارة التربية والتعليم مسؤولية برنامج التعليم الدامج ضمن الخطة العشرية و التي تسير بمتابعة وتعاون مع المجلس، من خلال تقديم الدعم الفني. "يتم حاليا إنشاء 30 مدرسة بات مواصفات ملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة و يتم حاليا على تأهيل الكوادر التعليمية القادرة على التعامل مع التعليم الدامج".
وأضاف أن الخطة العشرية قد وضعت أسس لضبط المعايير الفعلية التعليم الدامج، موضحا وجود سوء في معايير توزيع الأدوات المساعدة وعدم انصاف الأفراد في توزيع الأدوات، إذ تفتقر الجمعيات والجهات الحكومية في تواجد قاعدة بيانات وتنسيق في تحديد احقية الأفراد للحاجة للأداة ومطابقتها لمواصفات المرضية وذلك يجعلنا أمام حقيقة تواجد ضوابط لأنواع وجودة وطبيعة الأدوات المساعدة المقدمة. في حين لم تقم وزارة التربية والتعليم في الرد او التعليق حول حقيقة سوء الخدمة التعليمية المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة في الأردن.
بينما الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية أشرف خريس أشار إلى أن الوزارة تتعامل الجمعيات مع ذوي الإعاقة من خلال برنامج التأهيل الجسماني ويتم تقديم الأداة المساعدة وفق الحالة المرضية، حيث طرحت الوزيرة خلال التقرير السنوي أمام مجلس النواب في إنشاء منصة موحدة تحدد عدد المستفيدين وحالاتهم لضمان وصول الحق لكافة ذوي الإعاقة ضمن مبدأ المساواة.
وأكد أشرف أن "دور الوزارة يكمن على الجمعيات الأردنية التي تقدم خدمة لذوي الإعاقة الأردنيين ولكن مشترطا أن تكون عملية التسليم لكافة ذوي الإعاقة مع اختلاف جنسياتهم ضمن مبدأ سليمة تتمثل في اعتماد تقرير طبي يوضح حالة الفرد والحالة المرضية والاداة المساعدة مما يضمن إستخدام الأداة المساعدة بطريقة سليمة تضمن إمكانية وصول الشخص لكافة احتياجاته اليومية بدون معيقات ومن ضمنها حصوله على حق التعليم".
أرقام ضخمة
تشير أرقام وزارة التربية والتعليم إلى وجود نحو 20 ألف طالب وطالبة صعوبات تعلم تخدمهم 1070 مدرسة من أصل 4006 مدرسة وفق إحصائية العام الدراسي الماضي 2021-2022 إلا أن العدد الفعلي قد يفوق ذلك بكثير. ويوجد فقط 150 مدرسة مجهزة لدعم الطلبة ذوي الإعاقة في الأردن تشمل تلك الموجودة في المخيمات. أغلب تلك المدارس مدعومة من اليونيسيف ومنظمات غير ربحية أخرى لا من موازنة الحكومة، في حين تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 30 في المئة من اللاجئين السوريين لديهم احتياجات جسدية أو فكرية محددة بحسب اليونيسيف.
"الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن وزارة التربية التعليم تبين أن نحو 000,22 طفل من ذوي الإعاقة الملتحقين في المدارس"، تقول اليونيسف، مضيفة أن هذا الرقم لا يمثل سوى 1.9 في المائة من مجموع عدد الطلاب في المدارس الحكومية في الأردن.
وبحسب اليونيسيف فإن نسبة الأطفال ذوي الإعاقة الذين تتراوح أعمارهم بين 5-17 عاما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصل 17 بالمئة ، ووفق الاستراتيجية العشرية التعليم الدامج 2019-2029 الصادرة عن وزارة التربية والتعليم والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، سجل نسبة الطلبة من ذوي الإعاقة الملتحقين بمقاعد الدراسة في الأردن 1.9%.
الحرمان من الحق مخالفة قانونية
الخبير الدستوري عضو المحكمة الدستورية الدكتور نعمان الخطيب، يقول يجب ضرورة إعادة قراءة قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017 وتضمينه نصوصا حديثة متطورة وحاملة لمعاني أكثر إلزامية لجميع السلطات بضرورة اتخاذ كل التدابير لتعزيز الحقوق وإتاحة المجال لذوي الإعاقة بممارسة أعمالهم واندماجهم بالمجتمع بشكل فعلي، سواء بالأسرة بالمدرسة بالجامعة.
القانون الأردني قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الأردني رقم (20) لسنة 2017، وفي المادة (17)، نص على إذا تعذر التحاق الشخص ذو الإعاقة بالمؤسسة التعليمية لعدم توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة أو الأشكال الميسرة أو إمكانية الوصول، فعلى وزارة التربية والتعليم إيجاد البدائل المناسبة بما في ذلك ضمان التحاق الشخص بمؤسسة تعليمية أخرى".
وقد نصت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على أن الحقوق الإنسانية لذوي الإعاقة غير قابلة للتجزئة إذا نصت المادة 9 على حق إمكانية الوصول مما يحقق ضمان العيش باستقلالية ومشاركتهم بشكل كامل في جميع جوانب الحياة مما يتطلب على كافة الدول اتخاذ التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك ارتباطا بالمادة 24 التي كفلت حقهم بالتعليم والتي أكدت على خلق بيئة ملائمة تضمن حصولهم على حق التعليم ارتباطا بحرية التنقل.
وتقول الناشطة الاجتماعية في شؤون السوريين ميسون الصمادي، أن الأطفال ذوي الإعاقة بكافة جنسياتهم بالأردن يواجهون معضلة حقيقية في عدم توفر وسائل نقل خاصة إلى المرافق المدرسية، منتقدة سياسات وزارة التربية والتعليم في عدم قبول جميع أنواع الإعاقات في البيئة المدرسية.