تجارب أشخاص من ذوي الإعاقة تؤكد غياب التهيئة البيئية التي تقف أمام دمجهم في المجتمع
تواجه جهان ذات الإعاقة الحركية صعوبة في استخدام أرصفة الشوارع والطرقات ودخول الأماكن العامة ,الأمر الذي يواجه الأشخاص ذوي الإعاقة بسبب عدم توفر تهيئة بيئية مناسبة وعدم تطبيق كودة البناء المخصصة بتأهيل الأبنية والطرق لذوي الإعاقة، .
وتقول جهان صاحبة مبادرة أردن بلا عوائق المعنية بتحسين بنية المباني وتأهيلها لذوي الإعاقة أن هناك العديد من الأماكن المهمة تفتقر للحد الأدنى من التهيئة التي تخدم لذوي الإعاقة، بالرغم من المطالب العديدة التي وجه كمبادرة لكن دون جدوى.
وتؤكد جهان من خلال تجربتها أن أغلب الحدائق العامة والمتنزهات لا يوجد بها أدنى تهيئة خدمية لذوي الإعاقة، في حين تتوفر التهيئة بشكل ملحوظ في أغلب المجمعات التجارية ألا أن مواقف اصطفاف السيارات المخصص لذوي الإعاقة لا تحظى باحترام بعض مستخدمي هذه المجمعات من غير ذوي الإعاقة .
وتلفت جهان أن وزارة التنمية الاجتماعية مؤهلة كدائرة حكومية لأصحاب الإعاقة الحركية، ومبنى ديوان الخدمة المدنية الجديد مؤهل، فيه مصف سيارات ومنحدرات موجودة خصيصاً لذوي الإعاقة.
وتروي أناس أبورمان من ذوي الإعاقة الحركية تجربتها بعدم توفر مداخل مهيئة لذوي الإعاقة في مبنى مجلس النواب، الأمر الذي أحالة من دخولها ومشاركتها أحد الجلسات المنعقدة , وتضيف " طلبت من مجلس النواب أكثر من مرة أن يكن هناك مداخل خصوصية للأشخاص من ذوي الإعاقة الحركية ومستخدمي الكرسي المتحرك لكن لم يتم التجاوب ".
بلديات غير مهيئة
وتلفت أبورمان و هي رئيسىة جمعية المساواة لذوي الإعاقة إلى أن بلدية الزرقاء غير مهيئة أبداً، ومحافظة العقبة التي ذهبت إليها أكثر من مرة لعمل تدريبات تفتقر للبيئة المناسبة.
وحول مكتب الجوازات في الزرقاء تشير أبو رمان "ن المكتب قام بتحويل جذري في التهيئة ليناسب ذوي الإعاقة بعدما لمس صعوبة في إتمام الأوراق عند تحويل البطاقات الذكية.
وتبين أبو رمان أن غرفة تجارة الزرقاء مهيئة بالإضافة الى مكتب ضريبة الدخل في الزرقاء, وذلك بطلب شخصي منها لكونها تعمل فيها "رئيس قسم خدمات المكلفين".
وتستأنف حديثها حول حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة " حقنا كحق أي شخص آخر"، مطالبة الجميع بأن يلتزم بتطبيق التسهيلات على المرافق الصحية وتهيئة الأماكن العامة في الدوائر الحكومية.
وأن الجامعات الحكومية غير مهيئة، عدا عن وجود مكان لمصعد فارغ في أحد الجامعات الحكومية، والبلديات في معظم المحافظات غير مهيئة رغم أنها مراكز حيوية خدمية.
وترى الدكتورة في جامعة الحسين من ذوي الإعاقة البصرية رفيدة الحروب أن الجامعات بنسبة ٩٠٪، لا يوجد فيها تهيئة باستثناء بعض المصاعد التي يكتب عليها بلغة "برايل".
وتشير إلى المصاعد المهيئة لا تدعم النظام الصوتي الذي ينبه الراكب من ذوي الإعاقة البصرية عن وجوده بأي طابق إلا في مستشفى التخصصي في شميساني وفي بعض المولات.
ضريبة التعليم ..غير مهيئة
وتلفت الحروب إلى أن المصاعد في الأماكن العامة والجامعات ضعيفة جداً بالنسبة للمكفوفين وبنسبة ٩٩٪، باستثناء بعض المصاعد التي تأتي أساساً بقوالب عالمية تدعم لغة المكفوفين، وإن كانت مكتوبة بلغة "برايل" فتكن مكتوبة وفقاً لبلد الصناعة "الصينية" مثلاً.
وتنوه إلى عدم وجود شواخص مرورية ومؤشرات أرضية إلا بجبل الحسين والجامعة الأردنية ولا تنطبق عليها المواصفات المطلوبة ولا حتى تلبي الاحتياجات المطلوبة.
وتقول الحروب انها تواجه صعوبة في دخول مكتبة الأمانة وزارة التعليم العالي، ومديرية التربية وهي الأماكن ترتادها بشكل دوري.
وتؤكد المستشارة في إمكانية الوصول و المتخصصة بتأهيل المباني لذوي الإعاقة ميسون حمارشة، أن "كودة" متطلبات البناء للأشخاص ذوي الإعاقة التي صدرت عام 2017، تختص بتأهيل الأبنية والطرق لذوي الإعاقة، وهي إجبارية يجب تطبيقها من خلال عدة مراحل.
وأضافت أن المكتب الهندسي هو الجهة المسؤولة عن إصدار المخططات في مرحلة التصميم، وهو الأساس في إصدار المخططات، ثم إلى نقابة المهندسين ليتم المصادقة عليها، ومن ثم إلى الأمانة لمرحلة الترخيص في المباني الخاصة، وفي المباني العامة فإن وزارة الأشغال هي من تصدر المخططات.
وتشير حمارشة إلى أن نقابة المهندسين عندما يصلها مخطط بناء، يجب ألا توافق عليه إلا إذا وافت شروطه "الكودة" الصادرة لعام 2017 من مجلس البناء الوطني، والتي تختص بتأهيل الأبنية لذوي الإعاقة السمعية والبصرية والحركية.
وتلفت أن النقابة بعد أن تختم موافقتها لمخططات البناء المطروحة، يأتي دور الأمانة في ترخيص الأبنية، وأن الأمانة لديها بنود تناقش التهيئة البيئية لذوي الإعاقة في الأبنية.
وتنوه أن مجلس البناء الوطني هو الجهة المسؤولة عن تنفيذ "الكودة" وأن الأمانة لها الدور الأهم عند اعطاء إذن الأشغال بعد الانتهاء من مرحلة البناء وأن تتأكد من تطبيق بنود "الكودة".
وتقول حمارشة أن مجلس البناء الوطني التابع لوزارة الأشغال تلزم وتحاول تطبيق الكودة بنسبة 80%، وتراقب التراخيص وتوصي بضرورة وجود لجنة متابعة على الأبنية الجديدة وبالتحديد المنشأة بعد عام 2017.
قوانين تعاقب.. دون استجابة
وبحسب القانون الصادر عن المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة لعام 2017، فإن المادة (33) تنص على أنه "لا يجوز مصادقة أو إجازة المخططات والتصاميم أو منح الترخيص وإذن الإشغال للمباني العامة أو الخاصة أو دور العبادة أو المواقع السياحية وغيرها من المنشآت والمرافق التي تقدم خدمات الجمهور، ما لم تكن مطابقة لإمكانية الوصول"
وأن وزارة الأشغال العامة والإسكان وأمانة عمان الكبرى والبلديات ومن في حكمها ومجلس البناء الوطني الأردني والجهات ذات العلاقه بعد نفاذ أحكام هذا القانون إلزام الجهات التي تقدم خدمات للجمهور بتصويب أوضاع منشآتها ومرافقها وفق إمكانية الوصول.
إذا لم تلتزم الجهات التي تقدم خدمات للجمهور بتصويب أوضاع منشآتها ومرافقها وفق إمكانية الوصول، تتخذ وزارة الأشغال العامة والإسكان وأمانة عمان الكبرى والجهات ذات العلاقة الإجراءات اللازمة بما في ذلك الإغلاق المؤقت أو الدائم بحق تلك الجهات.
المجلس يقدم الدعم
ويؤكد الناطق باسم المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رأفت الزيتاوي، أن المباني نوعين، القائمة منها والتي تخضع للخطة العشرية التي تتيح تصويب المباني والمرافق خلال عشر سنوات حسب "كودة" البناء التابع لقانون لأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تحتاج وقتاً أطول لترميم المباني، والأبنية الأخرى الجديدة التي تقام حديثاً فإنها تقع
ضمن مسؤوليات وزارة الأشغال والدفاع المدني إذا كانت حكومية، بحيث تدقق إن كانت مؤهلة وتقع ضمن مقاييس "كودة"البناء لذوي الإعاقة أم لا.
ويلفت إلى أن نقابة المهندسين والأمانة مسؤوليتهم تنصب على رقابة المباني السكنية والقطاع الخاص، وبدأنا نلحظ أن هناك ازدياد في أعداد المباني والمرافق المهيئة التي تحاول التغيير والتأهيل لتسهيل حياة ذوي الإعاقة.
ومن جانبه يرى الزيتاوي أن المجلس يرسم سياسات ويراقب ويدرس المتطلبات التي يجب أن تتوفر في المباني والمرافق العامة، ويقدم الدعم الفني للأفرقة التي تقم بالبناء ويتابع تدريبها.