حي الطفايلة: سنعود بعد كورونا
تخرج علاء عوّاد في الجامعة الأردنية بتخصص العلوم السياسية عام 2007، ولم يجد وظيفة في تخصصه منذ ذلك الوقت، فلجأ للعمل بنظام المياومة، يقول: "ما خلّيت إشي، اشتغلت بقهوة، بمحلات خاصة، اشتغلت بسوق السكر ع بسطات، لحد اللحظة هاي وأنا شغال فيها وما بوخذ غير 10 دنانير باليوم"، علما بأنه يعيل أسرة من أربعة أفراد، ويوضّح أنّ العمل بنظام المياومة لا يكفيه لسدّ احتياجات العائلة، وأنّه غير قادر على البدء بمشروعٍ خاصٍ له، "بدك رأس مال لتبلش"، ويضيف: "من عام 2008 ودوري بديوان الخدمة ما نزل ولا رقم، وهذا أول سبب خلاني أنزل ع الشارع".
كان عواد من بين 200 متعطل من أبناء حي الطفايلة اعتصموا في نيسان 2019 قرابة 20 يوما في محيط الديوان الملكي، ثم علّقوا اعتصامهم بعد لقائهم برئيس ديوان الخدمة المدنية حينها نضال البطاينة الذي تعهد لهم بتنفيذ مطالبهم.
سلّم المعتصمون للبطاينة كشفا فيه 370 اسما، تم تقليصه لاحقا إلى 145 اسما أُعطيت لهم الأولوية نظرًا لحاجتهم الماسّة للعمل حيث أن ظروفهم المادية هي الأصعب، على أن يتم البدء في التعيين في منتصف أيار 2019، وفق حازم الربيحات، عضو اللجنة الممثلة لمتعطلي حي الطفايلة، ويقول الربيحات إن المعتصمين رفضوا أيّ وساطات سابقة لتعليق الاعتصام من أيّ جهة ليست على علاقة بتوفير الوظائف وفرص العمل.
لكن، لم تُوفّر أي وظيفة للمعتصمين حتى بداية شهر حزيران 2019، بحسب محمد الربيحات، أحد المعتصمين، إذ وُفرت عندها 13 وظيفة من الفئة الثالثة في وزارة التربية والتعليم، ضمن تعيينات شملت عددا من أبناء الحي من غير الأسماء المقدمة في كشف المعتصمين، تلاها توفير 9 وظائف حكومية ضمن ما يسمى "التعيين على الحالات الاستثنائية" لمعتصمين من حملة الشهادات الجامعية، توزعوا في وزارتي العدل، والصناعة والتجارة، وفي دائرة الأراضي، بحسب أعضاء في اللجنة.
في نهاية أغسطس 2019، التقى 22 متعطلا من حملة الشهادات الجامعية بوزير العمل حينها، البطاينة، وأمين عام وزارة العمل فاروق الحديدي، في مؤسسة التدريب المهني، وكان محمد الربيحات وعوّاد من بين الحاضرين، وبحسبهما فقد اتفقوا على توفير فرص عمل لهم، كلّ بحسب شهادته والمكان الذي يرغب بالعمل فيه، وذلك قبل 15 تشرين الأول. لتنتهي المدة قبل توفير أيّ فرصة عمل بحسب الاتفاق، ما دفع المتعطلين للدعوة لاعتصامٍ جديد، ثم تواصلت شركة الأسواق الحرة مع بعض المتعطلين داعية إياهم لتقديم أوراقهم لها لغايات التوظيف، بحسب الربيحات، ليتم تعيين ستة منهم بعقود سنوية وراتبٍ أساسي قدره 350 دينارا، مشيرا إلى أنه كان ممن تواصلت معه الشركة، إلا أنّه رفض تقديم أوراقه إليها لاعتبارات دينية مرتبطة بالعمل في المشروبات الروحية، وهو ما أوضحه سابقا للوزير البطاينة.
أما عواد، فلم تتواصل معه أي جهة لتوظيفه، وهو ما دفعه إلى مواصلة الاعتصام، "أنا بقبل بأي وظيفة حكومية تليق بشهادتي ما عندي مشكلة، ولو أظل 20 سنة بالشارع، ما برجع إلا لما أوخد حقي، ليش حق؟ لإنه من ناحية العمر، وإني جامعي وخريج قديم، هذا كله بعطيني أولوية، فليش ما أوخد حقي؟".
يعزو مدير المرصد العمالي الأردني، أحمد عوض، اهتمام المعتصمين بالحصول على وظائف في القطاع العام، إلى سياسة الحكومة عبر العقود الماضية في تطوير وتحسين شروط العمل في القطاع العام في حين لم تبذل ذات الجهود لتحسين العمل في القطاع الخاص، وبالتالي أصبح القطاع العام أكثر جاذبية للشباب والشابات للعمل، مؤكدا أن على الحكومة أن تحافظ على أكبر قدر ممكن من العاملين في القطاع الخاص وأن تُحسن من الاقتصاد من أجل توفير فرص عمل لائقة وجذابة للعاملين، وهذا يقتضي أن نعيد النظر في مستويات الأجور وآلية الإنتاج في قانون العمل.
حتى 22 تشرين الثاني 2019، كان إجمالي عدد المشتغلين 30 شخصا، وقد تعينوا في دوائر حكومية، ضمن الفئتين الأولى والثالثة، وفي الأسواق الحرة، وأمانة عمان الكبرى، بحسب شهادات عدد من المتعطلين. ما دفع بمن ظلوا بلا عمل إلى العودة لساحة الاعتصام في 23 تشرين الثاني. ويقول محمد الربيحات إنّ عودتهم كانت طلبا للعدالة وللحصول على حقهم في فرص عمل: "صرلنا 8 شهور بنستنى (تنفيذ الاتفاق) فقررنا نرجع نعتصم (..) طول ما أنا ع الشارع أنا قوي، الشارع وسيلة ضغط قوية جدًا".
في 30 من الشهر ذاته، صرّح البطاينة أنّ الوزارة لن تتعامل مع أيّ اعتصام جديد للمتعطلين عن العمل، وقال: "ما بدنا نوصل فكرة للشباب الموجود ببيته إنه إذا انت ما بتطلع ع الشارع وبتعتصم إذن راح حقك، مش هاي الفكرة أبدًا"، وأضاف أنّ الهدف من الاعتصامات كان إيصال صوت المتعطلين للحكومة، وهذا الصوت قد وصل.
استمر الاعتصام 116 يوما متواصلا، وتراوحت أعداد المشاركين فيه بين 50-60 معتصما تقريبا، تخلله لقاءات بوزير العمل ومدير مكتبه، طلبوا فيها من المتعطلين تعليق الاعتصام على أن يتم البدء بتوفير فرص عمل لهم في الأول من نيسان الماضي، وهو ما رفضه المعتصمون.
كان 17 آذار الماضي آخر يوم في اعتصام المتعطلين من أبناء الحي، حيث أعلن رئيس الوزراء السابق، عمر الرزاز، في اليوم نفسه عن تفعيل قانون الدفاع "لحماية الصحة العامة" في مواجهة وباء كورونا، فأعلن المعتصمون عن تعليق اعتصامهم "نظرًا لما يشهده الوطن من حالة طوارئ"، بحسب البيان الصادر عنهم، ووجهوا رسالة إلى وزير العمل مفادها أنهم سيستأنفون الاعتصام حال انتهاء هذه الحالة، و"حتى تحققوا ما كفله الدستور لنا".
ومع بدء جائحة كورونا، كان هناك تحذيرات من تعمق الأزمة الاقتصادية، وفقدان آلاف فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة في الأردن، وبحسب دائرة الإحصاءات العامة فقد بلغ معدل البطالة 23% خلال الربع الثاني من عام 2020، بارتفاع مقداره 3.8% عن الربع الثاني من 2019.
_______________________________________________________________