الطفيلة: "سكّرت كل الطرق"
بعد خروج متعطلي العقبة في مسيرتهم الراجلة إلى عمّان، قررّ عامر* وزياد* وآخرين تشكيلَ لجنةٍ لتمثيل المتعطلين عن العمل من أبناء الطفيلة، والخروج بمسيرة راجلة إلى الديوان الملكي للمطالبة بفرص عمل لائقة وآمنة، أسوةً بمتعطلي المحافظات الأخرى.
يقول زياد (28 عاما) إن خيار الخروج في المسيرة كان بالنسبة له حلّا أخيرًا بعدما فشلت محاولاته الكثيرة للحصول على عمل، "لو تشوفي إيميلي، إذا مش باعت لفوق الـ60 شركة بالأردن عشان ألاقي شغل، بس سكّرت كل الطرق". تخرج زياد من كلية الأعمال في جامعة الطفيلة عام 2015، وعمل في محل تجاري كان يملكه، لكنه تعثّر ماليا فاضطر لإغلاقه عام 2017.
"للآن عليّ ديون، أنا مش بس متعطل ومتعثر حاليا" يقول زياد، مضيفًا: "الحركة التجارية ميتة وكمان ما إلنا حق نتوظف؟ ليش درست 4 سنوات؟ لهيك توجهنا للديوان لنطالب بمطالب شرعية".
أما عامر، فقد تخرج عام 2014 من كلية الأعمال في جامعة الطفيلة، وعمل بعد تخرجه في توزيع البضائع، وفي التعليم الإضافي لدى وزارة التربية والتعليم. "الرواتب قليلة، وصلت لحال مش موفية معي (..) وأهلي اللي كنت أساعدهم حاليا مش قادر" يقول عامر، مضيفا: "طلعنا لنوصل صوتنا للملك أو من ينوب عنه".
وفي يوم 21 شباط 2019، وصل متعطلو الطفيلة إلى الديوان الملكي بنيّة الاعتصام أمامه، وكان عددهم حينها 40 معتصما، التقت اللجنة الممثلة لهم برئيس الديوان الملكي، يوسف العيسوي، وطلب منهم تقديم كشفٍ بأسمائهم، وتجهيزَ كشفٍ آخر يضم جميع متعطلي الطفيلة، لتوفير فرص عمل لهم، ووعدهم بزيارة قريبة إلى المحافظة، فقرر المعتصمون بناءً على ذلك العودة إلى الطفيلة في اليوم نفسه.
جهز أعضاء من لجنة المتعطلين كشفين، ضمّ الأول 40 اسما للمتعطلين ممن شاركوا في المسيرة الراجلة والاعتصام في محيط الديوان، وآخر يضم ما يزيد عن 1500 من متعطلي المحافظة، سُلمت للعيسوي خلال زيارته للمحافظة بعد خمسة أيّام من عودتهم، ووعدهم حينها بتوفير فرص العمل خلال شهر، بحسب عامر، "ما طلبنا وظيفة محددة، كل واحد حسب مؤهله العلمي".
حاول المعتصمون لاحقا التواصل مع مدير مكتب العيسوي لمتابعة المستجدات المتعلقة بملفهم دون الحصول على أي رد، بحسب زياد، ما دفع أكثر من 50 متعطلا للعودة إلى عمّان يوم 12 آذار، أي قبل انتهاء المدة المتفق عليها. وفي اليوم الثاني لاعتصامهم في محيط الديوان التقاهم النائب -حينها- يحيى السعود، وقدم لهم وعودا بالسعي لتوفير وظائف لهم خلال أسبوعين، ما دفعهم لتعليق اعتصامهم مجددا والعودة إلى الطفيلة.
يقول عامر إن وعود السعود لم تتحقق، "لو خلال هاي الفترة عيّن واحد كان ظل عنا أمل، بس ما شفنا 1% من وعوده تتحقق"، فرجع المعتصمون إلى عمان للمرة الثالثة في 24 آذار، حيث استمر اعتصامهم 11 يوما، لكن هذه المرة بضعف العدد، إذ وصل عدد المشاركين 128 معتصما، بحسب عامر، "هون قررنا ما نروّح إلا ع اشي ثابت" يقول.
هذه المرة، انتهى اعتصامهم عقب توقيع اتفاقية مع النائبين عن محافظة الطفيلة حينها حسن السعود وإنصاف الخوالدة، ومدير مديرية عمل الطفيلة، عاطف الهريشات، إذ تعهدوا بموجبها بتوفير 55 فرصة عمل ثابتة في مشاريع طاقة الرياح، و10 أخرى في مشاريع تشغيلية في مديرية الآثار، والبقية في مشاريع متفرقة عن طريق مديرية عمل الطفيلة، وفي المؤسسات العسكرية والأمنية، وذلك خلال شهر ونصف من تاريخ توقيع الاتفاقية، ونصّت الاتفاقية أن تشمل جميع الوظائف المذكورة التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، مع استمرارية العمل لحين توفير فرص عمل حكومية.
سلمت اللجنة كشفا بالأسماء لمديرية عمل الطفيلة، واستمرت بالتواصل معها لغايات التنسيق حول فرص العمل المتفق عليها. وبحسب زياد وعامر فقد تمّ توفير 122 فرصة عمل؛ عمالٌ وفنّيون، بين شهريّ أيلول وكانون الأول في شركة تنفّذ مشاريع طاقة الرياح، وقد شملت عددا من المشاركين في الاعتصام، بالإضافة إلى غيرهم من أبناء المحافظة، وكانت بعقود تنتهي بانتهاء المشروع وتتراوح مُددها بين 9 أشهر إلى سنة ونصف، تشمل الاشتراك بالضمان الاجتماعي، وتبلغ رواتبهم جميعا 350 دينارا.
أما البقية فقد حصلوا على فرص عمل في مشاريع بناء المدارس داخل المحافظة، ضمن 500 فرصة عمل توفرت لأبناء المحافظة عموما، بحسب النائب السابق حسن السعود. وقد باشروا بالعمل في الأول من آذار الماضي بحسب أحد العاملين في هذه المشاريع، ممن قد شارك في الاعتصام في محيط الديوان. كما تم تجنيد بعض المتعطلين ممن شاركوا في الاعتصام في الجيش، بحسب عامر.
كما تم تأمين فرص العمل العشرة المتفق عليها في مشاريع مديرية الآثار، بحسب النائب السابق حسن السعود، ويقول حول عدم شمول فرص العمل التي تم توفيرها بتأمين صحي استنادا للتعهد في الاتفاقية: "كشركة خاصة ما قدرنا نفرض عليهم التأمين الصحي".
كان زياد وعامر من بين الحاصلين على عملٍ في مشاريع طاقة الرياح، وعن مدى رضاه عن فرصة العمل التي حصل عليها يقول عامر: "والله ما في رضا، الحاجة صعبة، والواحد تعب نفسيا من المطالبة، وشايف مش قادر تحقق اللي بدك إياه، فبنرضى بالقليل". أما زياد فيرى أن الحكومة لا تستطيع توفير وظائف ثابتة لأعدادٍ هائلةٍ من المتعطلين، لكنه يعتقد أنّ "المتعطلين عن العمل حالة صنعتها الحكومة بأخطاء قلة استثمار وضرب الاقتصاد"، على حد قوله.
_______________________________________________________________
* أسماء مستعارة بناء على طلب أصحابها.