عمر مهيار: شاب من ذوي الإعاقة يحوّل التحديات إلى قصص نجاح وإلهام
عمر مهيارشاب أردني، تحدى إعاقته الجسدية التي رافقته منذ الصغر بسبب مشكلة في نهاية العمود الفقري أثرت على نموه وطوله ورغم التحديات، استطاع عمرأن يحول إعاقته إلى مصدر قوة، ليصبح صانع محتوى سفر، وصانع أفلام، ورسّام مبدع، يشغل عمر اليوم منصب مدير استوديو في شركة أورنج، وقصته تُلهم الكثيرين كنموذج حي للإصرار على النجاح وتحقيق الأحلام.
اكتشفت عائلة عمر مشكلته الجسدية عندما كان عمره سنة واحدة، ومع تقدم عمره ، بدأت تظهر أعراض الإعاقة الجسدية، لكن عائلته كانت داعمة منذ البداية، حيث قال الشاب عمرفي حديثه لـ"عمان نت": "عائلتي تقبلت مرضي بشكل عادي ولم تضعني في مدارس مختصة لذوي الإعاقة، بل في مدارس عادية، كان هدف عائلتي منذ البداية أن لا أشعر أنني طفل مختلف عن باقي الأطفال من جيلي."
درس عمر في مدرسة العلوم الإسلامية، حيث طور شغفه بالرسم وشارك في العديد من المسابقات، ومع دخوله جامعة الأميرة سمية، بدأت رحلته الأوسع نحو النجاح.
تجربة التبادل الثقافي في تركيا :
حظي عمر بفرصة التبادل الثقافي وسافر إلى تركيا لدراسة فصل دراسي في جامعة إسطنبول، ورغم المخاوف التي واجهها من عائلته والمجتمع بسبب سفره لوحدة إلى تركيا، إلا أن التجربة كانت نقطة تحول في حياته.
وقال عمر : "تركيا كانت بلدًا مهيئًا لذوي الإعاقة، والجامعة في إسطنبول وفرت جميع التسهيلات، وكنت أصور تجربتي في السفر، واكتشفت أن المشكلة ليست في الأشخاص ذوي الإعاقة، بل في البيئة والمجتمع."
كسر الحواجز وإلهام المجتمع :
عاد عمر إلى الأردن ليبدأ رحلة تحدي المفاهيم السائدة حول الإعاقة، وأكد أن الأشخاص ذوي الإعاقة قادرون على تحقيق أحلامهم دون أن تكون إعاقتهم عائقًا أمامهم، بدءًا من السفر منفردًا وتوثيق مغامراته ليقدم محتوى يلغي الفوارق بين الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم، ويثبت أن الجميع قادرون على عيش حياتهم بشكل طبيعي.
وأشار عمر إلى أن بدأت تصل اليه رسائل إيجابية من أشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم، معبرين عن دعمهم وتأثرهم بتجربته، وأوضح: "هذه الرسائل شجعتني على الاستمرار في هدفي لتغيير نظرة المجتمع، وإثبات أن الإعاقة لأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية ليست عائقًا لتحقيق الطموحات، الأهم هو العزيمة والإصرار."
الدعم الأول من العائلة
ويعتبر عمر أن عائلته كانت الداعم الأكبر له، حيث قال:"والداي لم يشعراني يومًا أنني شخص ذو إعاقة جسدية، كانو دائمًا الداعمين الأول في كل خطوة في حياتي."
و يسعى عمر إلى تغيير النظرة العاطفية للأشخاص ذوي الإعاقة، داعيًا للتعامل معهم بشكل طبيعي في بيئة العمل أو الحياة اليومية، وختم حديثه بتشجيع الأشخاص ذوي الإعاقة على مواجهة التحديات وتحقيق أحلامهم، مؤكدًا أن الإرادة والعزيمة هما مفتاح النجاح و أن الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل بداية جديدة لقصص إلهام تُروى للعالم.
بدورها، قالت مستشارة إقليم الجنوب في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، رابعة المجالي، خلال حديث خاص مع "عمان نت"، أن هذه الشريحة من الأشخاص ذوي الإعاقة تمثل نسبة تُقدّر بـ15% من المجتمع، مما يجعلها جزءًا أساسيًا لا يمكن تجاهله.
وأشارت المجالي إلى ضرورة استخدام مصطلحات حقوقية دقيقة عند الإشارة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة، معتبرة أن مصطلح "ذوي احتياجات خاصة" لا يعبر عن الحقوق التي يجب أن يتمتع بها هؤلاء الأفراد.
وأضافت : "حينما نقول أشخاص ذو إعاقة، فإننا نعني بذلك أنهم أشخاص لديهم خلل أو عطل وظيفي في أحد أعضاء الجسم، لكن الإعاقة نفسها تتشكل فقط عندما يتفاعل هذا الخلل مع عوامل أخرى، منها غياب التشريعات أو ثقافة المجتمع."
التمكين كحق أساسي :
شددت المجالي على أن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة هو حق أساسي لهم، قائلة:"من حق هؤلاء الأشخاص أن يتمتعوا بحقوقهم وحرياتهم على قدم المساواة مع أقرانهم، سواء كانوا شبابًا، شيوخًا، نساءً، أو أطفالًا، يجب أن يعيشوا حياة كريمة ويمارسوا حقوقهم في جميع مناحي الحياة."
وحول العوائق التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة، أوضحت المجالي أن التحديات تنقسم إلى ثلاثة محاور رئيسية:
التشريعات: غياب قوانين وأنظمة واضحة تحكم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يشكل عائقًا رئيسيًا، مبينه على أهمية توفير تشريعات تضمن حقوقهم في التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية ومؤكدة وجود هذه التشريعات في الأردن بكافة اشكالها.
ثقافة المجتمع: أشارت المجالي إلى أن النظرة المجتمعية للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تتسم أحيانًا بالشفقة أو التقليل من قدراتهم، تعد عائقًا نفسيًا واجتماعيًا كبيرًا.
البيئة المادية: غياب البنية التحتية الداعمة لاحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في الأماكن العامة والمؤسسات يشكل تحديًا آخر.
واختتمت المجالي حديثها بالدعوة إلى تكاتف الجهود بين المؤسسات والمجتمع لتعزيز ثقافة الدمج والتمكين.
وأضافت:"علينا أن نعمل جميعًا لتغيير النظرة المجتمعية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان حقهم في المساواة والعيش بكرامة مثل غيرهم من أفراد المجتمع."