لا مكان لمن تعرض للاغتصاب في مجتمعه
- وثائقيات حقوق الإنسان -
لا تحتمل المرأة "المغتصبة" في المجتمع الأردني وزر المعتدي فحسب، فهو لا يتقبلها، لتخرج مهزومة، لا تقوى على المصارحة؛ وإذ ما أعلنت، فستقع ضحية مرة ثانية.
أما الطفل المعُتدى عليه والذي يوُصف بـ"الـمُساء جنسيا" فيتجاوز مرحلة المرأة ويِدخل عائلته في جولات من المسائلة الاجتماعية "لما ترك هنا، لما تركتموها هناك" وكل هذه المعاناة تزداد تراكما حال يكون المتسبب بالاعتداء على المرأة أو الطفل على صلة قرابة بهما.
حادثة لا تنتهي..
بصوت لا يقوى على نطق الحروف، بعيون هائمة تبحث عن أجوبة واستفسارات لما حصل لها. تقف الطفلة صبحيه 4 سنوات، أمام عائلتها باحثة في عيونهم عن أجوبة لما حصل لها؛ أما هم، يحاولون الهرب من عيونها.
تم اغتصاب الطفلة من قبل شاب يبلغ من العمر25 عاما، قبل نحو أسبوعين؛ فلا تدري الطفلة ما حصل لها غير ضرس أوجاع لا يوجد لها تفسير في قاموسها.
بتاريخ السابع عشر من أيار العام 2008 وفي ساعات الصباح الأولى والمكان في "دار البيطرة" بالقويسمة كانت صبحيه على موعد مع الاغتصاب..هناك حصلت الحادثة داخل هذا المبنى، فلم يرحم شاب يبلغ من العمر 25 عاما صبحيه، مغتصبا طفولتها.
صبحيه، لم تعي ما حصل لها، فاقدة وعيها، لتنقل إلى المستشفى بعد أن خضعت لعملية جراحية لإيقاف النزيف وتقطيب جراحها، تتحدث لراديو البلد بكلمات مقتضبة وسريعة "وضع إبرة في لحمي، وأعطاني نصف دينار واستردها مني بعد ذلك هربت من قبضته، ونقلت إلى المستشفى".هذا ما تقوله الطفلة صبحيه.
عماد إسماعيل، والد الطفلة، بعد الحادث، لم يفارق عتبة منزله خائفا على صبحيه وبناته السبعة الأخريات من التعرض لذات الموقف، "أخي اتصل بي وقال ان إحدى بناتك السبعة مفقودة، هي صبحيه، على الفور اتصلت بزوجتي التي كانت هي الأخرى برفقة والدها في المستشفى، طلبت منها على الفور المغادرة والذهاب إلى المنزل بحثا عنها".
هنا، بدأت عملية البحث عن صبحيه داخل المنزل المكون من غرفتين، لم تجدها والدتها داخل المنزل، جابت أرجاء الحي "عندما لم اعثر عليها، قال لي زوجي ان أتحرك على الفور إلى مركز أمن القويسمة فوجدت صبحيه هناك بعد البحث الطويل كانت ثيابها ملطخة بالدماء والغبار، حالتها كان يرثى لها فلم تكن واعية، فعلى الفور رفضت استلامها وقدمت شكوى للوقوف على أسباب ما حصل معها". وفق والدة صبحيه.
وتكثر المؤسسات التي تستقبل الحالات التي تتعرض للاعتداءات الجنسية والاغتصاب،على كثرتها، "لا تأثير لها" ليضحى دورها "مقيدا" بفعل "سطوة المجتمع" وهذه السطوة ترمي ثقلها على المعتدى عليها لتقع ضحية مرتين؛ الأولى من المعتدي، والثانية من مجتمع لا يرحمها.
تنشط العديد من مؤسسات المجتمع المدني في استقبال الحالات، منها: دار الأمان التابع لمؤسسة نهر الأردن، ودار الوفاق التابع لوزارة التنمية الاجتماعية ومعهد العناية بصحة الطفل والأسرة التابع لمؤسسة نور الحسين، ومركز عفت الهندي للإرشاد التابع للمعهد الدولي لتضامن النساء، واتحاد المرأة الأردني، إلى جانب دائرة حماية الأسرة في الأمن العام.
حماية بالمواطن..
تتلقى "إدارة حماية الأسرة" التابعة لجهاز الأمن العام شكاوى عن قضايا الاعتداءات الجنسية سواء كان فاعلها من داخل الأسرة أو من خارجها ويتم إخضاع الضحية للتحقيق في غرف مقابلات خاصة، مع متابعة أسر الضحايا اجتماعيا من خلال باحثين اجتماعيين متخصصين.
وتستقبل الإدارة ثلاثة أنواع من الحالات: حالة الاعتداءات الجسدية على الأطفال، حالة الاعتداءات الجنسية على الأطفال وحالة الاعتداءات على النساء بنوعيها العنف والاغتصاب والأخيرة حال التأكد من ملابسات الحادث يتم استقبالها. وتقوم بتحويل الحالة إلى الطبيب الشرعي والنفسي وباحثين اجتماعيين لإجراء دراسة ميدانية ومكتبية لمعرفة أسباب ارتكاب هذه الحوادث بغية الحد منها في المستقبل.
العقيد محمد الزعبي، مدير الإدارة، يقول ان "الإدارة تعمل مع القضاء في حال تحويل القضايا التي يتم تصنيفها لجنايات حيث يتخذ الإجراء القانوني بحق الجاني وعدم إرسال المجني عليه إلى القضاء ويتم ضبط أقواله داخل الإدارة بآلية حديثة عبر تسجيل أقواله على شريط فيديو وإرساله إلى القضاء وسماعه في المحكمة".
تعمل تلك المؤسسات بسرية تامة من باب "مد الحالات بالأمان" وليس من السهولة في إقدام الحالة بالإفشاء عن ما تعرضت له من اعتداء خاصة وان كان الجاني على صلة قرابة من الضحية.
الأخصائية الاجتماعية، آيات ختاتنة، تعتقد ان "السرية" هي أساس عملهم "نقوم ببناء جسور الثقة عن طريق العمل السري، ونتعامل مع كل حالة حسب عمرها، واللقاءات لا تشمل الضحية فحسب إنما أهلها؛ فهم يعانوا من صدمة لا تقل أثرا عن ما تعانيه الضحية".
حالة..
فتاة تبلغ من العمر 21 عاما، تعرضت للاغتصاب قبل عشر سنوات من قبل عمها؛ تلك الحادثة بقيت طي الكتمان طوال تلك السنوات إلا ان بدأ أهلها الضغط عليها لتزويجها، ما دفعها للجوء إلى معهد العناية بصحة الطفل والأسرة التابع لمؤسسة نور الحسين؛ تقول ختاتنه: "نعمل الآن على إعادة تأهيلها من جديد نفسيا واجتماعيا ولكن الصعوبة تكمن في المدة الزمنية التي صمتت عنها تلك الفتاة".
عقوبات..
قانون العقوبات، في مادته 292 رقم 9 ببند الاغتصاب ينص على ان كل "من واقع أنثى (غير زوجة) بغير رضاها سواء بالإكراه أو بالتهديد أو بالحيلة أو بالخداع عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات. وان كل شخص أقدم على اغتصاب فتاة لم تتم الخامسة عشرة من عمرها يعاقب بالإعدام". أما في المادة رقم 10 فنصت على "من واقع أنثى غير زوجة لا تستطيع المقاومة بسبب ضعف أو عجز جسدي أو نفسي أو عقلي يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات".
في حين نصت المادة (294) من قانون العقوبات "من واقع أنثى (غير زوجة) أكملت الخامسة عشرة ولم تكمل الثامنة عشرة من عمرها عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن خمس سنوات".
أما المادة (295) فقد نصت "من واقع أنثى أكملت الخامسة عشرة ولم تكمل الثامنة عشرة من عمرها وكان الجاني احد أصولها سواء كان شرعياً أو غير شرعي أو واقعها احد محارمها أو من كان موكلا بتربيتها او رعايتها أو له سلطة شرعية أو قانونية عليها عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات. ويقضي بالعقوبة نفسها إذا كان الفاعل رجل دين أو مدير مكتب استخدام أو عاملا ًفيه فارتكب الفعل مسيئا استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من هذه السلطة".
المحامي طارق حلبوني، يعتبر ان قانون العقوبات صارم حيال الاغتصاب لكن ظروف القضية هي ما تشدد أو تخفف من العقوبة…"هناك 90% من قضايا الاغتصاب يخرج الجاني منها براءة،" لافتا إلى أن "القانون صريح لكن الروتين يحركه وصلاحيات القاضي هي من تلعب بين البراءة والحكم". وتبقى معتمدة على ركنين أساسيين هما: "المادي والمعنوي" لأنه لا بد من توفر النية، والتحضير "وصعب التقصي عن النية"، وفق الحلبوني.
المستشارة القانونية، مادلين معّدي، تقول ان الدعاوى المتعلقة بالاغتصاب وهتك العرض تعتمد على الظروف والملابسات "مثلا يكون المدعي عليه سكران ويتعاطى المخدرات وهي ما تنقص من عقوبته من الإعدام إلى المؤبد" وفي ضوء عملها مع الحالات المعتدى عليها "الحالات لا تميز ما هي الحدود الفاصلة بين ما يُعتبر اعتداء أو تصرف عادي".
ولا ترمي بالا الدكتورة منال التهتموني الناشطة الاجتماعية من معهد العناية بالأسرة، بقانون الحماية من العنف الأسري "هناك معيقات اجتماعية وثقافية ضد تطبيق وتفعيل القانون".
بعض أشكال الاستغلال الجنسي لا تنطوي على أي احتكاك جسدي، فهي قد تكون من خلال الأحاديث ذات المحتوى الجنسي الفاضح والأفلام الإباحية وما شابه ذلك، وبعضها الآخر عند الاتصال الجسدي المباشر بالطفل.
في العام 2007 استقبلت إدارة حماية الأسرة 2944 حالة بكل أنواع الاعتداءات 60% من هذه الحالات حوّلت إلى القضاء وأخصائيين اجتماعيين. ولم يكشف العقيد الزعبي عن الرقم الذي استقبلته الإدارة مطلع هذا العام، لكنه أشار إلى انه يراوح الرقم المعلن بالعام الماضي، عازيا ذلك إلى "زيادة الوعي لدى الناس وليس لازدياد أعداد حالات الاعتداء" معتبرا ان الحالات موجودة ولكن لا يوجد شكوى تسجل فيها.
عن أكثر الحالات التي تستقبلها الإدارة "نساء تعرضن للعنف من أزواجهن، وأطفال تعرضن للاعتداءات الجنسية والجسدية وأعمار متراوحة بين 13-14 عاما".
"مجموعة ميزان لحقوق الإنسان" واحدة من مؤسسات المجتمع المدني التي تستقبل حالات تم الاعتداء عليها، حيث نفذت طوال الفترة الماضية حملات توعوية لأجل تثقيف المواطنين بحقوقهم والإبلاغ عن أي حالات تشهد إساءة جنسية أو جسدية سواء على الأطفال أو النساء، تقول مديرتها التنفيذية، المحامية إيفا أبو حلاوة "أبرز ما نعانيه هو المجتمع الذي فرض سطوته على المرأة المغتصبة والذي يشكك دوما في مقاومته للمعتدي"، لكنها تستدرك بالقول: "رغم ذلك إلا ان حالات التبليغ ازدادت مؤخرا فالمجتمع ازداد وعيه عما كان عليه في السنوات السابقة".
تشريعيا، تضمن المادة رقم (9) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني بإعطاء موظفي الضابطة العدلية الحق باستقصاء الجرائم وجمع أدلتها والقبض على فاعليها وإحالتهم إلى المحاكم الموكول إليها أمر معاقبتهم، ويقوم بوظائف الضابطة العدلية المدعي العام ومساعدوه ومن ضمنهم: مدير الأمن العام، مدير الشرطة، رؤساء المراكز الأمنية، ضباط وأفراد الشرطة.
وما يعتبره العقيد الزعبي بالخطوة الإيجابية هو تعديل تشريعي على القانون والذي سمح للقضاء بقبول شريط فيديو للضحية لتقديمها أمام القضاء والاكتفاء بسماع الأقوال، ذلك، بغية عدم تعريض الضحية والتأثير عليها.
ويتعامل معهد حماية الطفل والأسرة والذي تأسس عام 1986 مع فئات عمرية تبدأ من عمر سنتين حتى 13 عاما. تستذكر ختاتنه أيضا حالة طفلة عمرها سنتين ونصف، والدها دائم الاعتداء عليها وسط صمت أمها.. وأخرى عمرها أربع سنوات يعتدي عليها والدها وخالها بنفس الوقت.
"بدي ياه يكون محبوس بالسجن"، هذا ما تقوله الطفلة صبحيه في حديثها عن الجاني وهو الذي ترك في داخلها جرحا كبيرة سيكبر كل ما تكبر في عمرها. لكن عائلتها تطالب أن يلقى الجاني اشد عقوبة هي الإعدام كي يكون عبرة لأمثاله في مجتمع.
تنص المادة (296) من قانون العقوبات ان على "كل من هتك بالعنف أو التهديد عرض إنسان عوقب بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن أربع سنوات. ويكون الحد الأدنى للعقوبة سبع سنوات إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره".
تعاقب المادة (298) "كل من هتك بغير عنف أو تهديد عرض ولد – ذكراً كان أو أنثى – لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو حمله على ارتكاب فعل هتك العرض يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة. ولا تنقص العقوبة عن خمس سنوات إذا كان الولد – ذكراً كان أو أنثى – لم يتم الثانية عشرة من عمره".
يوضح العقيد الزعبي ان قانون الحماية من العنف الأسري رقم 6 "يعطي الصلاحيات لإدارة حماية الأسرة وموظفيها ووزير التنمية الاجتماعية بتشكيل لجان (الوفاق الأٍسري) وهي تقوم بدور إيجابي من حيث المتابعة الاجتماعية ودراستها والوصول إلى الحل النهائي ولا نلجأ إلى التحويل للقضاء لأننا بذلك نكون قد خرجنا عن دور حماية الأسرة".
كثيرٌة هي الحالات التي تتأثر بعد الاعتداء عليها وتحديدا الأطفال والذين سرعان ما ينعزلوا عن مجتمعهم ويتأخروا في التحصيل الأكاديمي، وهذا الحال يتشابه مع حالات الاغتصاب التي تتعرض لها النساء، ما يزيد من معاناتهم هو عدم الإفصاح أو زيارة المؤسسات الاجتماعية.
الناشطة التهتموني ترى ان الضحية في المجتمع تتحول إلى جاني "أول شيء يقولون لها، لماذا كنت هناك ماذا ارتديت ماذا فعلت..لتصبح مدانة..وهي ليست في قضايا الاغتصاب إنما في جميع قضايا التحرش الجنسي ليشكل ذلك أكبر رادع للمرأة كي تُبلغ حتى لو كانت تعرف حقوقها وتدرك انها مجني عليها".
والكثير من قضايا الشرف يتم التستر عليها بسبب وقوع اغتصاب من قبل أحد أفراد العائلة- وفق الدكتورة التهتموني- وهذه من الأسباب التي تردع السيدة من التبليغ عن الحالات وهذه مشكلة مؤسسات المجتمع المدني..كيف ندفع السيدة للتبليغ.
لكن وعي المجتمع ازداد عما كان عليه قبل سنوات، هذا ما تلحظه ختاتنه ومن خلال عملها فإن الزيارات المنزلية والالتقاء بالنسوة وورش العمل بدأت تجدي نفعا "كثيرا ما أعود من ورشة ما حتى أصل مكتبي تكون الاتصالات تتوالى من نساء يقلن لي انهن تعرضن لاغتصاب أو أحد أبنائهن أقوم باستدعائهن وأبدأ معهن جلسات الحوار الاجتماعية التشخيصية ثم النفسية والقانونية"..على ما تقوله آيات ختاتنه.
الطفل يحفظ..
د.علم النفس، محمد الحباشنة، يوضح أن الطفل في مرحلة من مراحله العمرية يبدأ بتثبيت الأشياء في ذاكرته، "الطفل لا يملك شيء غير الجسد وإذا تم انتهاك هذا الجسد فهو انتهاك لكل شيء في حياته رغم أن المعنى يكون غامضا والإرادة تكون منقوصة، لكن في عمر أربع سنوات تبدأ ذاكرته بتثبيت الأشياء أي يستطيع أن يتذكر ما حدث معه في هذا العمر".
ماذا عن صبحيه؟!
إذا كان الطفل يثبت ما حصل له فماذا عن الطفلة صبحيه؟ "ذاكرتها تكون نشطة لاستيعاب الأمر، أي ستعود إليها ومضات عندما تكبر وسوف تعرف أنها تعرضت لانتهاك شديد لجسدتها ولشيء الذي تملكه ستعرف معنى الجنسي الخطير الذي تجهله حاليا"، على ما يقوله الحباشنة.
بذلك، تزداد سطوة المجتمع غير المتقبل للمغتصبة "خاصة إذا كان المعتدي قريبا للعائلة" كما تقول ختاتنه التي تتمنى ان يكون هناك دور أكبر للمدرسة والأهل، لكونهما اللبنة الأساسية للطفل.
أما "غياب الثقافة الجنسية" فهي جزء من المنظومة المسِاهمة في ازدياد حالات الاعتداء، وترى الأخصائية ختاتنه ان الدورات التثقيفية والإرشادية تجدي نفعا ولكن يبقى تأثيرها محدودا بحدود الأشخاص المجاورين للحالة.
"دار الأمان" التابع لمؤسسة نهر الأردن والتي تحتفظ بالأطفال و"دار الوفاق" والتي تحتفظ بالمعنفات من السيدات وتتبع وزارة التنمية الاجتماعية، تتعاونا مع إدارة حماية الأسرة، يشير العقيد الزعبي إلى ان أساس عملهم هو التنسيق المستمر مع هذه الجهات وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، ولا يقتصر الاشتغال على الضحايا من الاعتداءات إنما "نتعامل مع الجاني نفسه حيث يتم إحضاره وتحويله لطبيب نفسي لدراسة الحالة وتقديم النصح والإرشاد.
عن شخص المعتدي، يوضح الحباشنة ان هناك من يفضل ممارسة الجنس مع الأطفال "لا تتم استثارتهم إلا مع الأطفال أي يقتنص وجود أي طفل بعيد عن عائلته لعمل جريمته خلالها ويعمل على إخراج أمراضه وانحرافته على الأطفال".
د. علم الاجتماع، عزمي منصور، يوضح أن التنشئة الاجتماعية تلعب دور كبيرا في تركيب شخصية الإنسان، مستبعدا إلى حد ما أن يكون الانفتاح على المجتمع سبب أساسي في انتشار ظاهرة الاغتصاب.
يضيف "القسوة الزائدة والأسرة المفككة والكبت واختلال منظومة القيم تلعب دور أساسي بالتأثير على شخصية الشخص عندما يكبر، بالتالي يتعرض لانحرافات سلوكية وعوامل نفسية تدفعه لممارسة الأفعال الشاذة".
ولا يمكن اعتبار "انفتاح المجتمع" من العوامل المساعدة على الاعتداء- وفق منصور- بل يمكن أن يكون واحدا من العوامل التي تخفض الكبت، لكن النفسيات المريضة تعتدي بغض النظر عن الانفتاح أو عدمه، بالإضافة إلى أن الوازع الديني هو عامل أساسي في الردع عن القيام بمثل هذه الأفعال.
المستشارة القانونية، مادلين، تعتبر ان "الصمت" يؤدي إلى تمادي الجاني في الاستمرار في الاعتداء على الضحية، "هناك حالات كثيرة يتم الاعتداء عليها ولا تشتكي" ضاربة مثل مع حالة تعاملت معها مؤخرا "أب يواصل الاعتداء الجنسي على طفلته البالغة من العمر 4 سنوات وسط صمت أمها فهي تخاف وعبرت عن خوفها من ان الإعلان سيلحق ضررا بأهلها وأهل زوجها".
يوضح منصور أن الاعتداء الجنسي لا يفرق بين بيئة وأخرى "ليس له علاقة بالغني أو الفقير، أي إنسان يمكن أن يصاب بالمرض النفسي فليس له علاقة بالبيئة الاجتماعية أو بالوضع الاقتصادي فالعامل النفسي يأتي بالدرجة الأولى".
الأعراض النفسية..
"الطفل يكسر نظرة الأمان بالعالم والشخوص، بالتالي يؤثر على طبيعة العلاقات الإنسانية في المستقبل ويؤثر على الشخصية ما يمهد الى نوع من الاكتئاب والرهاب من الأماكن والشخوص فيوضع الطفل في بوتقة الأمراض النفسية بشمولها بكل ما تحمله الأمراض العصبية والاضطرابات الشخصية التي تؤثر على الحياة والسعادة في المستقبل".
الحباشنة، المعتمد لدى إدارة حماية الأسرة كطبيب نفسي، يبين ان معظم حالات الاعتداء الجنسي تتم من غير استعمال العنف، كون المسيء يستطيع التأثير على الطفل بالعمر أو السيطرة.. "كما ان اخطر أنواع الإساءة الجنسية للبالغين والأطفال هو من قبل الأهل والأقارب أي سفاح القربى كما يسمى حيث تشير الإحصائيات أن 10% من الحالات الإساءة الجنسية للأطفال تتم من خلال الأقرباء من الدرجة الأولى، وهنا يخلق نوع من الإرباك في العلاقات الاجتماعية وللأسف أن مثل هذه الحالات تستمر لسنوات طويلة لغاية الكشف عنها، في حالة الغريب يتم كشفها على الفور لان الطفل يستغرب ويعلم ولديه بالأمر..ولكن إذا قام الآباء بهذا الفعل من سيخبر..الطفل يطرح الأسئلة على نفسه ولا يجد الإجابة فيفضل الصمت عندها".
تأهيل..
"العلاج النفسي ضروري للطرفين..ويحتاج المعتدى عليه لجلسات تسمى بالجلسات السلوكية والمعرفية وجلسات التفريغ بالإضافة إلى استخدام العقاقير العلاجية التي تمنع الأعراض وتعيد موصلات العصبية إلى طبيعتها في حالة الإضرار الشديدة أو وجود أعراض اكتئابية أو أعراض قلق شديدة" وفق الحباشنة.
والمطالبة الأهم كما يقول الحباشنة هي "ضرورة التعامل مع المسيء حتى نحميه ونحمي المجتمع من إضراباته فلا بد من إعادة تأهيله بشكل يتناسب مع المجتمع من ناحية التوجهات الحياتية والعلاقات وإقامتها بشكل سليم ..وقانون حماية الأسرة شدد على ضرورة تقديم العلاج النفسي للشخص المسيء".
"جهل الناس" هو ما يزيد من نسب الحوادث فالكثير من الحالات ولأنها لا تبلغ عنها ما يزيد من فعل المعتدي وتماديه وهنا "تتحرك مجموعات الدعم النفسي لاستهداف النساء المعنفات أو اللواتي تعرضن للاغتصاب".
"للأسف هناك قضاة وشرطة يتعاملوا مع الحالة على انها جانية وليست ضحية، أتمنى ان تتغير النظرة"..على ما تقوله التهتموني.
وتقدم "مجموعة ميزان" الاستشارات القانونية والعون النفسي والاجتماعي عن طريق كادر المجموعة، وتنتشر مكاتبها في ثلاثة أقاليم: الوسط في عمان، الشمال في عجلون، الجنوب في الطفيلة. كذلك خط المساعدة والاستشارات القانونية على الهاتف (5698877) بدون ذكر اسم المتصل حفاظا على سرية الهوية.
بدأت إدارة حماية الأسرة مطلع العام 1998 بقسم وحيد في عمان ثم توسعت وأصبح هناك 7 أقسام، ويلفت العقيد الزعبي إلى أن الفروع ستتسع لتشمل كل مناطق المملكة.
تستقبل إدارة حماية الأسرة الحالات إما عن طريق قدومها من تلقاء نفسها وتقديم الشكوى أو عن طريق تلقي الاتصالات المجانية على هاتف رقم (111) أو من خلال الإبلاغ عن طريق احد الأشخاص دون الكشف عن هويته حيث تتحرك الفرق بموجب القانون.