قيود "إطالة اللسان" تحاصر حرية التعبير في الأردن

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان - موسى أبو قاعود

في ظل توجيه محكمة أمن الدولة مؤخرا تهمة إطالة اللسان لعدد من نشطاء الميدان، دفع العديد من الحقوقيين إلى مطالبة القضاء الأردني بوضع حدود لتلك التهمة والحد من التعسف في استخدامها.

في إطار ذلك، تنادي منظمات حقوقية بضرورة الحماية لما وصفته بالانتهاك الصارخ لحرية التعبير وعدم أخذ بعض التجاوزات في الاعتصامات الميدانية كسبب للنيل من حرية التعبير المكفولة في الدستور الأردني والاتفاقيات الدولية.

وتهمة إطالة اللسان  تسند إلى من يتناول الملك في جريمة معينة، لكون الملك لا يمارس سلطة وبالتالي لا يخطأ اذا لا يجوز اتهام أي شخص لا يمارس سلطة وبالتالي لم يخطأ، يوضح الفقيه الدستوري الدكتور محمد الحموري.

ويتابع الحموري أن معنى جريمة إطالة اللسان "تهمة تحكي عن مفارقة جريمة في تناول الملك, والإساءة له , وهذه الجريمة تفعيلها وأثر تفعيلها مرتبط بعلاقة الملك بشعبه”.

ويرى الحموري أن مدى تأثير هذه العلاقة بين الشعب والملك يقتضي بإصدار أمر من الملك بتحريك هذه الدعوة وهل يؤثر تحريك مثل هذه الدعوة بين الملك وشعبه أو باعتبارها حالة فردية تسيء وتقتضي تحريك الدعوة كما هو معمول به في الدول الديمقراطية.

ويقارن الحموري الأردن مع دول أخرى، ويقول: في دول أخرى تعطى الصلاحية لوزير العدل لكي تقدر الحكومة مدى تأثير استخدام الجريمة على العلاقة بين الملك وشعبه في ظل الظروف السائدة التي تعيشها البلاد.

ويشير الحموري انه في دول أوروبا وفي ظل الملكية الدستورية نادرا ما تستخدم هذه الجريمة " إطالة اللسان" وتحركها ضد الناس .

ويوضح الحموري بان هناك فرق بين حرية التعبير التي كفلها الدستور وجريمة إطالة اللسان كون حرية التعبير تعبر عن رأي وحق كفلة الدستور وتتوقف عند حدود الإساءة للغير, ومنها تستطيع تحريك قضايا القدح والذم والإهانة وأي شخص يستطيع تحريك هذه الدعوة عند الإساءة .

وتنص التعديلات الدستورية لمحكمة التمييز "بما لها من صلاحية موضوعية بموجب المادة (10/أ) من قانون محكمة أمن الدولة الاقتناع بالبينات المقدمة في القضية , وعلية فأن إطلاق صفة الخيانة والكفر والفسق عل حكام الدول الإسلامية يطال الملك باعتباره حاكما لدولة مسلمة كما أن إلصاق هذه الصفات بالملك عند التحقيق معه من قبل المدعي العام يوفر أركان وعناصر جرم إطالة اللسان خلافاً لأحكام المادة (195) من قانون العقوبات ويكون ما توصلت إليه محكمة أمن الدولة واقعا في محله ولا ترد عليه أسباب التمييز من هذه الناحية”.

وبموجب المادة (10/أ) الفقرة الخامسة "يلاحق جرم إطالة اللسان من النيابة العامة دون ان يتوقف ذلك على اتخاذ المعتدى عليه صفة المدعي بالحق الشخصي”.

من جهة أخرى، ترى رئيس وحدة حقوق الإنسان في نقابة المحامين نور الإمام أن كافة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان تؤكد حرية الرأي والتعبير من منطلق حق الإنسان أن يبدي ما يراه من أفكار ويعلنها بالإضافة إلى حقة في التظاهر السلمي.

وتضيف الإمام ان المادة 110 من التعديلات الجديدة على الدستور تنص على انه لا يجوز أن يمثل أو يحاكم مدني أمام المحاكم الخاصة بالرغم على انه لم تنص المادة وفقاً للمتطلبات الأساسية للحقوقيين بحيث أعطى شرعية لمحكمة امن الدولة لخمس تهم إلا انه هذه التهمة لا تدخل ضمن اختصاص محكمة امن الدولة.

وتضيف الإمام أننا لسنا بحاجة إلى إعادة النظر بقانون محكمة أمن الدولة لغايات عدم النظر في مثل هذه الدعاوى كون النص جاء أمرأً وبالتالي ترفع أختصاص محكمة امن الدولة المتعلقة في مثل هذه القضايا

وكانت "هيومن رايتس ووتش" أصدرت بيانا قالت فيه "أنه وعلى الرغم من إمكانية فتح الملاحقات القضائية ضد من يضرون بممتلكات الآخرين جنائياً، فإن تجريم الإهانات المنسوبة إلى رئيس الدولة لا تستقيم مع معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تحمي حرية التعبير عن الرأي”.

وذكرت المنظمة أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، المسؤولة عن إصدار التفسيرات للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، قامت في آب الماضي بإصدار تعليق عام جديد على المادة 19: “مجرد أن الآراء المعبر عنها تعتبر مهينة لشخصية عامة، فهذا لا يكفي لتبرير فرض عقوبات”. انتهت اللجنة إلى أن: “في كل الحالات، يجب أن يقتصر تطبيق القانون الجنائي على الحالات الأكثر جسامة [الآراء الخطيرة] وليست عقوبة الحبس على هذه المخالفة بالعقوبة الملائمة على الإطلاق.

وفي أيلول الماضي كان الملك عبد الله قد وقع على قانون بتعديلات دستورية تقيد من اختصاص محاكم أمن الدولة على المدنيين، إلى أربعة أنواع من المخالفات: الخيانة العظمى والتجسس والإرهاب والإتجار بالمخدرات، لكن هناك مهلة بثلاث سنوات قبل بدء نفاذ هذه التعديلات.

كما صوت نواب البرلمان على رفض مقترحات بإلغاء أي اختصاص قضائي على المدنيين لصالح محكمة أمن الدولة”، وفقا لتقرير المنظمة.

وتعارض هيومن رايتس ووتش أي اختصاص قضائي على المدنيين لمحاكم أمن الدولة على أساس أنها محاكم استثنائية وتميل للمساس بحقوق المحاكمة العادلة، للمتهمين على ذمة الحفاظ على مصالح أمن الدولة.

وأضافت “هيومن رايتس” أن محكمة أمن الدولة، وهي محكمة استثنائية يهيمن عليها قضاة ومسؤولي ادعاء معينين من القوات المسلحة الأردنية ويرأسها الملك، قامت في كانون الأول 2011 باحتجاز واتهام أبو عيسى بالمس بالذات الملكية بعد أن ردد هتافات رأوا أنها مهينة للملك، أثناء تظاهرة في مادبا تضامناً مع ناشط شاب آخر، هو عبد الله محادين، وتم توقيف محادين بعد مظاهرة في عمان” وحوكم محادين في محكمة مدنية، فيما بقيت قضية أبو عيسى قائمة في محكمة أمن الدولة إلى حين حصوله على عفو خاص ملكي.

ووثقت هيومن رايتس ووتش عدة حالات للملاحقات القضائية على خلفية المس بالذات الملكية ضد أفراد عبروا عن آراء قيل إنها مهينة للملك، منها آراء تم التعبير عنها في محل حلاقة، وأثناء حملة دعاية انتخابية، ومن شخص لزميله، وفي قصيدة نُشرت على موقع فيسبوك، وفي مواقع إنترنت أخرى.

ويذكر بان منظمة العفو الدولية طالبت الحكومة الأردنية بالإفراج الفوري وغير المشروط على موقوفين الطفيلة والمتهمين بإطالة اللسان مشيرة إلى أنهم سجناء رأي محتجزون لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير وأنه تتم معاقبتهم لأرائهم المؤيدة للإصلاح وأنشطتهم السلمية.