رفع فاتورة العلاج يضر بحقوق المواطنين الصحية
- وثائقيات حقوق الإنسان - محمد شما
ما أن أعلنت جمعية المستشفيات الخاصة عزمها رفع كلفة الفاتورة العلاجية على الأردنيين والعرب بـ١٥٪ حتى لاقت شجبا من قبل المجتمع المدني الذي اعتبرها كارثة الكوارث لطالما أن حق المواطنين بالصحة أصبح الهدف التالي.
لجنة حماية المستهلك النقابية أدانت هذه الخطوة واعتبرتها بغير المستغربة أمام تلكؤ الحكومة حيال شركة الكهرباء التي أكدت سابقا عزمها برفع الفاتورة على المواطنين الأمر الذي سوف يؤثر على كافة القطاعات الاستهلاكية والخدمية.
ويقول رئيس اللجنة الدكتور باسم الكسواني أن إعلان الشركة عن رفع اسعارها هو ضمنيا رفع اسعار ١٥٠ سلعة وتكلفة الخدمات المختلفة وتحديدا المستشفيات. ولا يرى في ذلك إلا بالمسؤولية المشتركة ما بين الحكومة وشركة الكهرباء”.
يتفهم الكسواني نية المستشفيات الخاصة في الرفع طالما أن التكلفة ارتفعت عليها لكن هذا مدعاة للجمعية ووزارة الصحة للقيام بخطوة مشتركة للحيلولة دون ارتفاعها على المواطنين.
“المستهلك يعيش في أزمة حقيقية أمام سلسلة الارتفاعات المتلاحقة وهو ما لا ينسجم مع ارتفاع الدخول، ومن هنا ندعو الحكومة تحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين"، يقول الكسواني.
وكانت جمعية المستشفيات الخاصة أعلنت نيتها رفع أسعار الفاتورة العلاجية بنسبة ١٥٪ للأردنيين والعرب وذلك لتعويض الارتفاع في فاتورة الكهرباء لهذه المستشفيات والذي تم تطبيقه مؤخرا. وأوضحت الجمعية أن هذه الخطوة جراء الرفع الحاصل على فاتورة الكهرباء الذي بدوره سيسهم في تعثر بعض المستشفيات الخاصة.
الناشط الحقوقي مصلح فرح يقرأ هذه الخطوة بالمهددة للأمن الاجتماعي للبلد، ويقول: "رفع الفاتورة العلاجية بحجة رفع اسعار الكهرباء ما هو إلا مخالفة للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والمواثيق الدولية في تأمين الصحة لكافة المواطنين فالاساس ان تكون مجانا ثم القطاع الخاص بحدود مناسبة".
ويتابع فرح أن تبريرات الجمعية واهية لكون ميزانية المستشفيات عالية وهامش الربح مرتفع جدا بالتالي يقع على الحكومة دور في الصد لمثل هذه الخطوات غير أنها وحتى اللحظة لم تحرك ساكنا حيال ذلك.
يشار إلى أن تقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان السنوية تتضمن بندا حول الحق في الصحة وتعتبره حق ذو أولوية بالنسبة للمواطنين طالما أن الأردن وقع وصادق على الاتفاقيات الدولية التي تنص في بنودها حق الصحة وكفالة الدولة لهذا الحق.
راديو البلد حاول الاتصال بوزارة الصحة لأخذ رأيها وتبيان دورها في هذه الخطوة لكنها لم تتجاوب معنا.
وقام راديو البلد بجولة بين المواطنين لقياس هذه الخطوة من منظورهم، وجاءت على النحو التالي، إذ اعتبر رب الأسرة محمد الفيومي أنه يعتمد على المستشفيات الخاصة في علاج أطفاله، يقول أن الضرر سيكون مضاعفا، "إذا كان ابني مريض ينفعني الاحتجاج اريد الطبابة أولا". متمنيا على الحكومة التأثير على الجمعية.
واتفق معه فضل أبو تايه الذي قال أنه الارتفاعات باتت أمرا متوقعا في هذه الفترة فالحكومة لا تتحسس أحوال المواطنين لذلك فرفع الأسعار على المواطنين وترك القطاعات الخاصة الرفع ما هو إلا الخيار السهل عليهم.
وتقدر الزيادة في فاتورة كهرباء المستشفيات الاردنية ما بين ٢٠٠ إلى ٢٥٠٪ وتعتمد بشكل رئيس على حجم المستشفى وطاقتها الاستيعابية.
يعني الحق في الصحة أنّه يجب على الحكومات تهيئة الظروف المناسبة التي تتيح لكل فرد إمكانية التمتع بأكبر مستوى ممكن من الصحة. وتتراوح تلك الظروف بين ضمان الخدمات الصحية وظروف عمل صحية وآمنة وقدر كاف من المساكن والأغذية والأطعمة المغذية. والحق في الصحة لا يعني الحق في التمتع بالصحة.
والجدير بالذكر أنّ الحق في الصحة حق تم إدراجه في العديد من معاهدات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية وكذلك في عدد من الدساتير الوطنية في شتى أنحاء العالم.
ومن الأمثلة على معاهدات حقوق الإنسان التي أبرمتها الأمم المتحدة:
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، 1966
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، 1979
اتفاقية حقوق الطفل، 1989
ومن الأمثلة على معاهدات حقوق الإنسان الإقليمية:
الميثاق الاجتماعي الأوروبي، 1961
الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، 1981
البروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (بروتوكول سان سلفادور)، 1988
وتنص المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) على ضرورة اتخاذ خطوات لضمان إعمال الحق في الصحة، منها ما يلي:
العمل علي خفض معدلات وفيات الرضع وضمان نمو الطفل نموا صحيا؛
تحسين النظافة البيئية والصناعية؛
الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها؛
تهيئة الظروف المواتية لضمان خدمات الرعاية الصحية للجميع.
ولتوضيح الأحكام المذكورة أعلاه وإعمالها قامت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تعمل على رصد الامتثال للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، باعتماد تعليق عام بشأن الحق في الصحة في عام 2000.
ويقضي التعليق العام بأنّ الحق في الصحة لا ينطوي على توفير خدمات الرعاية الصحية في الوقت المناسب فحسب، بل ينطوي أيضاً على محددات الصحة الدفينة، مثل توفير المياه النقية والصالحة للشرب ووسائل الإصحاح الملائمة وإمدادات كافية من الأغذية والأطعمة المغذية المأمونة والمساكن الآمنة وظروف مهنية وبيئية صحية وتوفير وسائل التثقيف الصحي والمعلومات الصحية المناسبة، بما في ذلك في مجال الصحة الجنسية والإنجابية.
يشمل الحق في الصحة، حسب التعليق العام، أربعة عناصر هي:
التوافر: القدر الكافي من المرافق الصحية العمومية ومرافق الرعاية الصحية والسلع والخدمات والبرامج.
إمكانية الوصول: استفادة الجميع من فرص الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية، ضمن نطاق الولاية القضائية للدولة الطرف. وتتسم إمكانية الوصول بأربعة أبعاد هي:
عدم التمييز
إمكانية الوصول المادي
الإمكانية الاقتصادية للوصول (القدرة على تحمّل النفقات)
إمكانية الحصول على المعلومات
المقبولية: يجب أن تحترم جميع المرافق والسلع والخدمات الأخلاق الطبية وأن تكون مناسبة ثقافياً وأن تراعي متطلبات الجنسين ودورة الحياة.
الجودة: يجب أن تكون المرافق والسلع والخدمات الصحية مناسبة علمياً وطبياً وذات نوعية جيدة.
ويفرض الحق في الصحة على الدول الأطراف، شأنه شأن حقوق الإنسان كافة، ثلاثة أنواع من الالتزامات هي:
الاحترام: أي عدم التدخل في التمتع بالحق في الصحة.
الحماية: أي ضمان ألا تقوم أطراف ثالثة (جهات أخرى غير الدول) بإعاقة التمتع بالحق في الصحة.
الأداء: أي اتخاذ خطوات إيجابية لإعمال الحق في الصحة.
ويشمل الحق في الصحة أيضاً، حسب التعليق العام، "محتوى أساسياً" يتعلّق بالمستوى الأساسي الأدنى من ذلك الحق. وعلى الرغم من تعذّر تحديد هذا المستوى من الناحية النظرية بسبب الاختلافات القائمة بين البلدان المعنية بإعماله، فإنّ ثمة عناصر أساسية مبيّنة تمكّن من توجيه عملية تحديد الأولويات. ومن المسائل المُدرجة في المحتوى الأساسي الرعاية الصحية الأوّلية الأساسية والقدر الأدنى من الأغذية الأساسية والأطعمة المغذية ووسائل الإصحاح والمياه النقية والصالحة للشرب والأدوية الأساسية. ومن الالتزامات الأخرى اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين في مجال الصحة العمومية. وينبغي أن تتناول الاستراتيجية والخطة الشواغل الصحية للسكان قاطبة، وينبغي أيضاً تصميمهما واستعراضهما على أساس المشاركة والشفافية، كما ينبغي تضمينهما المؤشرات والمعالم التي تمكّن من رصد التقدم بشكل وثيق، مع إيلاء اهتمام خاص لجميع الفئات المستضعفة والمُهمّشة.
ويجب على الدول الأطراف اتخاذ خطوات طبقاً لمبدأ الإعمال التدريجي. ويفرض ذلك المبدأ التزاماً بالمضي قدماً بأسرع وأنجع طريقة ممكنة، وذلك بشكل منفرد أو بفضل المساعدة والتعاون الدوليين، وإلى أبعد حد تتيحه الموارد المتوافرة. ومن الأهمية بمكان، في هذا السياق، التمييز بين عدم قدرة الدولة الطرف على الامتثال لالتزاماتها بموجب الحق في الصحة وبين عدم إرادتها في الامتثال لتلك الالتزامات.