تحالف الدولة المدنية يقترح مبادئ لتعزيز دولة المواطنة

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان-

اصدر تحالف الدولة المدنية الديمقراطية وثيثة مبادئ استعرض فيها جملة من الاوضاع الاجتماعية والسياسية في الأردن.

وقدمت مقترحات تعزز من مفهوم الدولة المدنية التي فيها يتساوى جميع المواطنين من شتى المناسب والاوصول.

 

وتحالف الدولة المدنية يمثل مجموعة من النشطاء والقوى التقدمية اليسارية و القومية

 

وثائقيات حقوق الإنسان تستعرض وثيقة المبادئ بالكامل، تاليا:

 

مقدّمة: يزداد اتضاح معالم الأزمة التي يمر بها الوطن؛ تلك التي تتمثّل أهمّ معالمها في انحسار هيبة الدولة وانتشار الفساد واهتراء المؤسّسات وضعف الإدارة العامّة واستئثار القلّة بالسلطة والثروة معًا، ناهيك عن الإمعان في تمزيق النسيج الاجتماعيّ وتفتيت الناس إلى "كتل اجتماعية" متنافسة على المغانم والمكارم، وزرع بذور الكراهية والتعصّب تحت وهم تضارب المصالح والخوف من "الآخر". ويستشعر الحكم بدوره هذه الأزمة ويقترح "الإصلاح" لها مخرجًا، لكنّنا وفي الوقت ذاته، نشهد تقزيمًا للإصلاح على يد الحكومة والمركز الأمنيّ البيروقراطيّ، كما نشهد إخضاع الإصلاح لأجندات سياسيّة متنوّعة تجعله لغوًا فحسب أو أداة مساومة على حصص ومغانم. وبين هذا الطرف وذاك مجاميع كبيرة من العروبيين من اليساريّين أو الوطنيّين أوالديمقراطيّين أو التقدّميّين الذين آن لهم أن يعلنوا رؤيتهم للإصلاح وأن يستخلصوا برنامجهم منها. ولعلّ الخطوة الأولى التي تفضي إلى إصلاح جدّي جذريّ تتمثل في إدراك استحالته في مجتمع منقسم، وأنّه يتطلّب إجماع كتلة اجتماعيّة وازنة، وأنّ هذا يتطلّب الوحدة الوطنيّة بصفتها الشرط الأساسيّ لمواجهة المخاطر المحدقة بالوطن، كما يتطلّب التوافق الاجتماعيّ على مجموعة القيم والثوابت والمبادئ التي تحكم علاقة المواطنين بعضهم ببعض وعلاقتهم بالدولة. إنّنا نرى أنّ الدولة المدنيّة الديمقراطيّة هي الوحيدة القادرة على مجابهة التحدّيات التي تواجه الأردنّ، وأنّ العمل من أجلها هو قضيّة الإصلاح الرئيسيّة في هذه المرحلة، وأنّها قضيّة كلّ المواطنين الأردنيّين بلا أيّ تمييز وبذات القدر والمستوى. وعلى هذا الأساس نتقدّم بفكرة إنشاء تحالف الدولة المدنيّة الديمقراطيّة وبهذه الوثيقة التي تحدّد أسس ومبادئ هذه الدولة كأرضيّة للحوار الهادف إلى صياغة رؤية للمستقبل. ومن هذه الرؤية التي نسعى لصياغتها، والتي تمثّل مرتكزًا مبدئيًّا وقانونيًّا وأخلاقيًّا مشتركًا بين قوى ذات برامج ورؤى سياسيّة مختلفة، يمكن اشتقاق مهمّات برنامجيّة سوف تطرح للنقاش وتعلن في وثيقة لاحقة. من نحن وما هو هدفنا؟ يتكوّن تحالف الدولة المدنيّة الديمقراطيّة من مجموعة من القوى السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والحراكات والأفراد الذين يسعون بالطرق السلميّة إلى إكساب الأردن سمات الدولة المدنيّة الديمقراطيّة؛ دولة القانون والمؤسّسات والديمقراطيّة. ويأتي هذا التحالف ليصوغ مرجعيّة قيميّة وقانونيّة وسياسيّة واجتماعيّة متنوّرة لإصلاح نهضويّ شامل لا يتجزأ، يبدأ بإحداث تغييرات في البيئة القانونيّة (التشريعيّة) والسياسيّة الأردنيّة بما يبني أرضيّة للممارسة السياسيّة تقف عليها القوى السياسيّة المختلفة على قدم المساواة. يسعى هذا التحالف إلى استقطاب الجماهير حول هذه المرجعيّة انطلاقًا من قناعة بأنّ الإصلاح لا يمكن أن يتحقّق إلا بمشاركة الأردنيّين والأردنيّات من مختلف الأصول والأعراق والمذاهب والعقائد وفي كلّ مواقع تواجدهم، ذلك إنّ أهداف الإصلاح تخاطب هموم كلّ المواطنين ولا تقتصر على شريحة منهم. الدولة المدنيّة الديمقراطيّة تقوم الدولة المدنيّة الديمقراطيّة على مجموعة من المبادئ العامّة التي نرى أنّها تترجم في السياق الأردنيّ على النحو التالي: 1- الشعب مصدر السلطات، ويقوم الحكم على قاعدة الفصل التامّ بين السلطات التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة بما لا يسمح بتغوّل سلطة على أخرى، وعلى مبادئ سيادة القانون، والتداول الديمقراطيّ للسلطة على أساس حكم الأغلبيّة وحقّ جميع المواطنين بالمشاركة في المسؤوليّة والحكم، لكن مع توفّر ضمانات ضدّ الاستبداد عن طريق الإقرار أنّ الحكم يتمّ وفق المبادئ الديمقراطيّة التي لا يمكن الرجوع عنها حتى بذريعة رأي الأغلبيّة. وعليه لا تكون السلطة في الدولة المدنيّة الديمقراطيّة إلّا مدنيّة، ولا تكون دينيّة ولا أمنيّة عسكريّة ولا عشائريّة ولا طائفيّة. وما من مرجعيّة فيها إلا للدستور والقانون الذي يصنعه المواطنون ليكون عقدًا اجتماعيًّا توافقيًّا. 2- ينسجم الدستور والقوانين مع ما خلصت إليه التجربة الإنسانيّة من نتائج على صعيد حقوق الإنسان وحريّاته المعبّر عنها في العهود والمواثيق الدوليّة، ويكفل الدستور والقانون حماية حقّ امتلاك مواطني الدولة لتلك الحقوق والحريّات بلا قيود ولا اختزال ولا انتقاء ولا تأويل، بما في ذلك حقّ الممارسة الحرّة لكافّة تلك الحقوق والحريّات. 3- يتمتّع المواطنون بكافّة الحقوق والحريّات والآليّات اللازمة لمراقبة عمل السلطات الثلاث ولمساءلة سلطات الحكم ومحاسبتها، وللمشاركة في الحياة السياسيّة للبلاد، ولتقرير السياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تؤثّر على مجريات حياتهم ومصائرهم. 4- قاعدة الدولة المدنيّة الديمقراطيّة هي المواطَنَة، أي العلاقة القائمة بين الفرد-المواطن والدولة على أساس الحقوق والواجبات التي يضمنها الدستور والمواثيق الدوليّة التي وقّعها الأردنّ، وبموجبها يتمتّع جميع المواطنين بحقوق متساوية بدون أيّ شكل من أشكال التمييز على صعيد الجنس أو العرق أو الأصل أو اللون أو المذهب أو المعتقد أو الفكر، فتنتفي المحاصصات وتُنبذ، ويكفل الدستور والقانون الحماية المطلقة لحقوق المواطنة بدون إقصاء أو تهميش أو اختزال سياسيّ أو اقتصاديّ أو اجتماعيّ أو مدنيّ لأيّ من مكوّناتها. وأيّ استثناء لهذا المبدأ لا يشكّل حقًّا مكتسبًا، إذ لا مكان في الدولة المدنيّة الديمقراطيّة لحقوق منقوصة أو مكتسبة. ومن جهة أخرى، تؤدّي المواطنة إلى توقّف مكوّنات ما قبل الدولة عن لعب أدوار سياسيّة وتوقّف توظيف هذه المكوّنات الاجتماعيّة في ميدان السياسة. 5- الدولة المدنيّة الديمقراطيّة هي دولة كلّ مواطنيها بغضّ النظر عن انتماءاتهم المذهبيّة أو العقائديّة أو الجهويّة أو القبليّة أو العشائريّة أو السياسيّة، وهي تعتبر التنوّع في مكوّناتها مصدرًا لا ينضب من القوّة المعنويّة والماديّة للدولة، يثريها ثقافيًّا وروحيًّا، ويزيدها ديناميكيّة وطاقة، وبذا فهي تحترم الحقوق الثقافيّة لكلّ مكوّناتها العرقيّة والعشائريّة والمذهبيّة بلا تمييز، وتناهض كلّ أشكال التعصّب والشوفينيّة، سواء ما يقوم منها على أساس الأصل أو العرق أو الجهة أو القبيلة أو العشيرة أو العائلة أو الدين أو المذهب أو العقيدة أو الجنس، وتعتبرها انحدارًا اخلاقيًّا يتنافى مع أهداف الأمّة وتطلّعاتها الوطنيّة والقوميّة. 6- يكفل دستور الدولة المدنيّة الديمقراطيّة حقّ كلّ مواطن بممارسة شعائره الدينيّة بحريّة دون قيود، ويقرّ بأن لّا تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو المذهب أو العقيدة. وتتعامل الدولة مع مواطنيها، على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم، على قدم المساواة. كما ينصّ الدستور على عدم إخضاع شؤون الدولة وسياسات الحكم لاعتبارات دينيّة أو مذهبّة الطابع أو المضمون، وعلى حياد الدولة إزاء المعتقدات وعلى عدم تبنّيها لمعتقد بعينه سواء لجهة فرضه على الناس أو لجهة إيلائه الحظوة والرعاية. 7- ينصّ دستور الدولة المدنيّة الديمقراطيّة على تمتّع الرجل والمرأة, باعتبارهما مواطنين كاملي الأهليّة، بحقوق متساوية في كلّ مجالات الحياة والعمل. ويوفر للمرأة الحماية اللازمة من التعدّي على حقوقها المتساوية وينبذ التمييز ضدّها من أيّ طرف وتحت أيّ مسمّى من المسمّيات. 8- الدولة المدنيّة الديمقراطيّة العربيّة المنشودة ليست محايدة إزاء الاقتصاد، فللديمقراطيّة بعد اقتصاديّ وآخر اجتماعيّ لا يمكن أن يتحقّقا من دون دور فاعل للدولة في تعزيز الإنتاج والسيطرة على الثروة الوطنيّة والتحكّم بدورة رأس المال بما يضمن تنمية شاملة متوازنة معالمها هي بناء الصناعة وتطوير الزراعة والبنية التحتيّة وتحديث التعليم والبنى الاجتماعيّة. 9- تلتزم الدولة المدنيّة الديمقراطيّة المنشودة بمعالجة الاختلالات في مستويات المعيشة والدخل لمواطنيها ببرامج مقصودة وبما يحقّق العدالة في توزيع الأعباء، وفي توزيع المكاسب على النحو الذي يكفل تحقيق شروط التنمية لجميع مواطنيها في كلّ مناطقهم؛ فمهمّة النهوض بالمواطن المحروم والمسحوق في هذه الدولة هو مسؤوليّة جماعيّة تشترك فيها الدولة والمجتمع بكلّ مكوّناته بما يؤدّي إلى تحقيق العدالة الاجتماعيّة والتوزيع العادل للثروة الوطنيّة والارتقاء بأوضاع المواطنين الاقتصاديّة والاجتماعيّة في المناطق المهملة أو المهمّشة أو المقصاة. 10- إن رأس المال الاجتماعيّ للدولة المدنيّة الديمقراطيّة هو مواطنيها، وتقع على عاتق هذه الدولة مهمّة تنمية المستوى التعليميّ الأساسيّ والعالي والجامعيّ والمهنيّ لمواطني الدولة والارتقاء به إلى أعلى المستويات وعلى نحو يواكب باستمرار التطور العلميّ والأكاديميّ والتقنيّ والمهنيّ. وحقّ الحصول على التعليم هو حقّ لجميع مواطني الدولة مع مراعاة تحقيق شروط العدالة وعلى الأخص للمواطنين ذوي الدخل المنخفض والمتوسّط. 11- الدولة المدنيّة الديمقراطيّة العربيّة المنشودة تفتخر بانتمائها للأمّة العربيّة، وتقرّ بأنّ وجودها كوحدة قطريّة هو مجرّد مرحلة من مراحل الانتقال نحو المشروع الوحدويّ العربيّ الكفيل بتوليد أسس تحريرها من علاقات التبعيّة، وتَصَلُّب بنائها الاقتصاديّ والاجتماعيّ، وتمكُنِها من اتّخاذ المواقف السياسيّة التي تخدم مصالحها الوطنيّة والقوميّة. فالدولة المدنيّة الديمقراطيّة تُشكّل مقدّمة ضروريّة لتوليد شروط نجاح المشروع الوحدويّ العربيّ بين أقطار عربيّة تتمتّع فيها شعوبها بالحريّة والديمقراطيّة والمساواة وتملك فيها زمام إرادتها وبالسيادة على أراضيها، وهي قوّة الدفع التي تسمح للأمّة ببلوغ أهدافها المتمثّلة بتحرير أراضيها المحتلّة، والتصدّي للمشروع الصهيونيّ ومشاريع النهب والتجزئة، والانفكاك من أغلال التبعيّة، وتحقيق التنمية الحقيقيّة، واسترداد ثرواتها المنهوبة وتوظيفها في خدمة شعوبها. ذلك إنّ الشعوب العربيّة المتحرّرة من براثن التعصّب والشوفينيّة والتي تتمتّع بحقوقها وحرّيّاتها هي الأقدر على تقرير مصيرها وتحقيق أهدافها الوحدويّة أو الاتّحاديّة وتحرير أراضيها ومقدّراتها من كلّ أشكال التبعيّة. 12- تحمي الدولة المدنيّة الديمقراطيّة العربيّة المنشودة النسيج الوطنيّ وتحرص على تماسكه، وتقاوم مشاريع التجزئة والتفتيت، وتعمل على شحذ طاقات الدولة والأمّة وتحشد كلّ مواردها البشريّة والماديّة والمعنويّة للتصدّي لتلك المخططات وإجهاضها؛ فهذه مهمّة وطنيّة وقوميّة لا يمكن أن تتحقّق بشعوب ممزّقة وأراض مفتّتة وطاقات مبدّدة. وتكتسب هذه المهمّة أهميّة خاصّة في ضوء إدراك طبيعة المشروع الصهيونيّ الاستيطانيّة العنصريّة التوسّعيّة وسعيه لابتلاع باقي الأرض العربيّة الفلسطينيّة وطرد الشعب العربيّ الفلسطينيّ وتهجيره، وفي ضوء إدراك دوره الإمبرياليّ المتمثّل في السعي من أجل الهيمنة على مقدّرات الأمّة العربيّة، وتسخيرها لخدمة أهدافه التوسّعيّة ولخدمة القوى الإمبرياليّة ومشاريعها في نهب ثرواتها وتمزيق وحدة بلدانها الاقليميّة، وتفتيت شعوبها على أسس مذهبيّة وجهويّة وعرقيّة وعشائريّة، والسيطرة على أراضيها ومياهها وممرّاتها البحريّة. 13- مع إدراكنا أنّ الكيان الصهيونيّ يمثّل تهديدًا للأمّة العربيّة بأسرها وأنّ القضيّة الفلسطينيّة تمثّل القضيّة الأولى على الصعيد القوميّ، فإنّنا لا نغفل الخصوصيّة الأردنيّة في هذا الصدد؛ تلك المتمثّلة بالتاريخ والجغرافيا والديمغرافيا والتراث والدمّ. وعليه، تمثّل القضيّة الفلسطينيّة، حالها كحال حماية الأردنّ من المخاطر التي تتهدّده، قضيّة وطنيّة أردنيّة تخصّ الأردنيّين جميعًا بغضّ النظر عن أصولهم، وكلتا هاتين المهمّتين تتطلّبان، من ضمن ما تتطلّبان، مجابهة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ والالتزام بحقّ العودة وتعزيز الوحدة الوطنيّة. فتفكيك وحدة الشعب الأردنيّ هو أحد الشروط الأساسيّة لإضعاف الأردنّ وتحويله إلى أرض صالحة لتقبّل مخطّطات تصفية القضيّة الفلسطينيّة، وعلى رأسها مؤامرة الوطن البديل. والتصدّي لهذه المخطّطات والمشاريع لا يمكن أن تتحقّق شروطه بمجتمع مفكّك تحكمه العصبيّات وسياسات التمييز، وبمواطنين محبطين يعانون من الإقصاء والاغتراب والتهميش. وبذلك يكون تبنّي الأردنّ لمبادئ الدولة المدنيّة الديمقراطيّة ضمانة لقوّته ومنعته وهويّته وردًّا على مشاريع تصفية القضيّة الفلسطينيّة، وتمسّكًا بحقّ العودة وبتطبيقه. إنّنا نعتبر التوافق على المبادئ سالفة الذكر هو بداية العمل على تكوين تحالف عريض مبدئيّ يسعى لأن يصبح قوّة مؤثّرة في الحياة العامّة. وهذا التحالف يفتح أبوابه لكلّ من ينسجم مع رؤيته.