الذكرى64 على النكبة:اللاجئون يعودون موتى

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان- عمان نت محمد فضيلات

 

من أمام عبارة ” لا صلح- لا تفاوض- لا اعتراف” المكتوبة على جدار مدرسة إناث البقعة الأساسية تعبر الطالبات يوميا، شعار ينظر إليه السياسيون، كأحد رومانسيات اللاجئين الطامحين دوما إلى العودة، رغم توالي الأعوام على النكبة والتي سجلت في 15 أيار 2012 عامها الـ 64.

 

الفتيات اللاتي يعبرن من أمام الشعار ، لا يعرفن تاريخه السياسي، والذي اعقب هزيمة عام 67 عندما اعلن العرب يومها في قمة الخرطوم رفضهم لأي تفاوض مع إسرائيل، وان العمل العسكري هو الوسيلة الوحيدة لتحرير الأرض، لكن يؤمنّ انه شعار يؤكد على حقهن في العودة إلى بلاد الأجداد التي لم يشاهدنها.

 

الشعار، الباقي على جدران المخيمات، اختفى عن الأجندات الرسمية للدول العربية، التي وقع عدد منها اتفاقية سلام مع إسرائيل، فيما تلتزم بقية الدول بالمبادرة العربية التي يتوقف سقفها الأعلى عند حدود إعادة الأراضي المحتلة في العام 67.

 

في مخيم البقعة، وفي المخيمات الفلسطينية، تتشكل صورة الوطن المغتصب في مخيلة الأجيال الجديدة بناء على روايات الأجداد، والتي تدخل في الأسطوري أحيانا.

 

يوميات النكبة، مرارة اللجوء وذكريات الطفولة في القرى التي هدمت وأبيدت، قصص لا يتوقف العجائز الذين عايشوا النكبة عن سردها على مسامع أبناء المنكوبين وأحفادهم.

 

64عاما على النكبة، فترة تستشعر طولها في المخيمات الفلسطينية، من خلال تراجع مشاهد كانت مألوفة للعين، لتحل مكانها مشاهد جديدة ترسم صورة المخيمات، الأزياء الفلسطينية التي واصل العجائز ارتدائها أصبحت نادرة بفعل الموت الذي غيب غالبيتهم، واللهجات التي تدل على القرى تراجعت بموت المتحدثين بها قديما بعد أن طور اختلاط اللاجئين من مختلف القرى الفلسطينية لهجة صهرت اللهجات المختلفة.

 

التغيير لم يطل الإنسان في المخيمات بل امتد إلى البنيان، كلمة المخيم المرتبطة ذهنيا بالخيام، لم تعد حاضرة على الأرض، حيث تتزاحم البيوت الأسمنتية المزودة بجميع الخدمات، وتنتشر الأسواق التجارية، ويمشي اللاجئون على شوارع مرصوفة ، بعد أن كان الطين هو الحاضر سابقا.

 

التغيرات التي شهدها المخيم، والتغيرات التي شهدتها وتشهدها القضية الفلسطينية، لم تؤثر على تمسك اللاجئين وأحفادهم، بهوية وطنية أصبحت محل جدل سياسي في ظل تعدد الهويات الوطنية التي ألحقت باللاجئين في بلاد اللجوء.

 

أن تكون لاجئا فلسطينيا بعد64عاما على اللجوء، حق لا يثبته وصف في أوراق رسمية، بل أحساس طبيعي يتوارث من جيل إلى جيل، يعززه سلوك وحنين دائم إلى قرى عاش فيها من عاصروا اللجوء وحنين ينمو في قلوب من لم يعش في تلك القرى من أحفاد اللاجئين الأوائل.

 

إحساس يبدو حاضرا عند زيارة مقابر المخيمات، والتي كتب على شواهد غالبية القبور فيها أسماء القرى التي ينتمي إليها الراحلون في فلسطين، وان لم يعيشوا فيها، أسماء القرى التي تعلو الشواهد لا تتعدى أن تكون عودة ضمنية للموتى بعد أن عجزوا بعد مرور64 عاما عن العودة التي رفعوها شعارا من العام1948.