استديوهات التصوير الفوتوغرافي تعد ايامها الاخيرة في الزرقاء

استديوهات التصوير الفوتوغرافي تعد ايامها الاخيرة في الزرقاء

 

 

كانت اخر مرة قصدت فيها ام عمر استديو تصوير فوتوغرافي في الزرقاء قبل نحو عامين.

 

وحال هذه المراة في ذلك هي حال معظم اهالي المدينة الذين لم يعودوا يقصدون تلك الاستديوهات الا نادرا، منذ انتشرت في اوساطهم الهواتف النقالة وغيرها من الاجهزة الشخصية المزودة بتقنيات التصوير الرقمي.

 

وحسب ما فهمنا منها، فقد كانت اخر مرة زارت فيها استديو التصوير هي من اجل الحصول على صور مطبوعة لحفل زفاف احد اشقائها، وكذلك تصوير ابنائها بهذه المناسبة.

 

وبعفوية، تفسر ام عمر سبب الجفاء الحاصل بينها وبين الاستديوهات قائلة "صار الواحد يصور على التلفون ويخزن على التلفون".

 

ومن جانبها ايضا، تقول ربى عبيدات التي صدفناها في احد استديوهات التصوير في الحي التجاري، ان اخر مرة حضرت فيها الى استديو كانت قبل ستة اشهر، موضحة انها جاءت اليوم من اجل التقاط صور شخصية لغايات استخراج بطاقة احوال مدنية.

 

ويؤكد عامر العامر، وهو صاحب واحد من اقدم استديوهات الزرقاء ان انتشار تقنيات التصوير الرقمية، وخصوصا الموجودة في الهواتف، تسببت على مدى السنوات القليلة الماضية في تراجع اعمالهم بنسبة تصل الى نحو 80 بالمئة.

 

وقال العامر ان هذا الوضع ينطبق على كافة استديوهات ومحال التصوير في الزرقاء، مضيفا ان الكثير من اصحابها اضطروا نتيجة الخسائر الى الاستغناء عن المهنة واغلاق مصالحهم.

 

وعلى صعيده الشخصي، يقول العامر انه لو كان في مقدوره تغيير عمله الى اية مهنة اخرى لفعل ذلك، مبينا انه وبقية اصحاب الاستديوهات يقفون عاجزين أمام الخسارات المتوالية، والناجمة عن التطور الهائل في تقنيات التصوير الرقمي وامتلاك الناس بكافة شرائحهم كاميرات تغنيهم عن استديوهات ومختبرات التصوير.

 

واضاف ان العاملين في المهنة ليست بين أيديهم أية تدابير يمكن أن يواجهوا من خلالها زحف التكنولوجيا المتغول على مهنة التصوير الفوتوغرافي، على حد تعبيره.

 

واشار الى ان عملهم حاليا ينحصر في التقاط الصور الخاصة بالمعاملات الرسمية مثل بطاقات الهوية وجوازات السفر، مبينا ان صالات الافراح استغنت هي الاخرى عن خدماتهم وباتت توظف مصورين خاصين بها.

 

وفي المجمل، يصف العامر حال مهنته بانها "اصبحت في الحضيض".

 

ذات النتيجة ذهب اليها المصور الصحفي منير الشوملي، والذي قال ان اصحاب قرابة عشرة استديوهات ارغموا على الاغلاق خلال السنوات الماضية تحت وطأة الخسائر، اضافة الى مختبر كبير كان يعمل فيه اثنا عشر مصورا.

 

وتظهر سجلات غرفة تجارة الزرقاء وجود 38 محلا مرخصا  في المدينة تحت بند "ستوديو ولوازم تصوير"، والنسبة الاكبر منها هي استديوهات متواضعة، في حين ان قلة منها تتوفر على اجهزة التحميض والطباعة ويطلق عليها مسمى مختبر.

 

والشوملي نفسه كان يملك استديو تصوير في الزرقاء، واخر في منطقة الصويفية في عمان، وقد اغلقهما بدوره نتيجة تراجع اعمالهما، كما اضطر الى بيع الاجهزة والكاميرات التي كانت فيهما باثمان زهيدة.

 

ويتحدث المصور المخضرم عن ماضي المهنة التي دخل الى عالمها عام 1981 عندما افتتح مختبره الخاص في الزرقاء، ولم يكن في المدينة حينها سوى مختبرين وعددا لا يتجاوز اصابع اليد من استديوهات التصوير.

 

وقال الشوملي ان التصوير الرقمي لم يدخل الزرقاء الا قبل 15 عاما فقط، وقبلها كان التصوير والتحميض يجريان بطريقة يدوية، وكان الاسود والابيض يتسيد الموقف حيث ان الملون لم يكن منتشرا بكثرة حينها.

 

واضاف ان جودة الصورة كانت تعتمد على مهارة المصور، وكان التحميض والطبع يتطلبان وقتا وجهدا، حيث كان المصور يضيف رتوشا الى الصورة ليظهرها بما يليق من جماليات سواء كانت لشاب او شابة او عجوز او طفل .

 

وبرأي الشوملي، فقد كانت الصور سابقا اجمل برغم التقنيات المستخدمة حاليا في التصوير الرقمي مثل الفلاتر وغيرها من المؤثرات البصرية التي لا يتطلب ادخالها واضافتها اكثر من "كبسة زر" على الحاسوب.

 

وقال ان المصور كان يكسب رزقه في تلك الايام من بيع الافلام وتحميضها وطباعتها، وان مبيعاته كانت تتضاعف في مواسم الاعياد لدرجة ان بعض الاستديوهات كان يصور خلال العيد ما يزيد عن 25 فلما.

 

واضاف ان هذا جميعه توقف الان بسبب انتشار الكاميرات الرقمية وكاميرات الهواتف، والتي تتيح تخزين الصور دونما حاجة الى طباعتها، مشيرا الى انه بات من النادر  ان ياتي زبائن يريدون طباعة الصور باستثناء صور الاعراس والمناسبات.

 

الا ان الشوملي يؤكد انه برغم تراجع الاقبال على استديوهات التصوير نتيجة طغيان التصوير الرقمي وانتشار الهواتف المزودة بكاميرات، الا ان المهنة باقية وستظل هناك حاجة اليها سواء في الزرقاء او على مستوى المملكة ككل.

 

ويفتقد مصورو الزرقاء الى وجود نقابة تحمي مهنتهم، علما انه كانت تشكلت نواة لنقابة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، لكن لم يكتب لها ان ترى النور.

 

أضف تعليقك