أردنيات متزوجات من لاجئين سوريين يتجرعن مرارة "الغربة" في الوطن

أردنيات متزوجات من لاجئين سوريين يتجرعن مرارة "الغربة" في الوطن
الرابط المختصر

بمرارة تقول الاردنية رشا التي رافقت زوجها السوري وابنيهما الى الاردن هربا من الحرب "اشعر بالغربة في وطني، وبت اتمنى ان نعود الى سوريا".

عندما حضرت رشا (24 عاما) الى الاردن قبل 18 شهرا مع زوجها وابنيهما البالغين على التوالي ستة واربعة اعوام، كان في ظنها ان الوطن سيحتضنهم ويحنو عليهم.

لكنها فوجئت بجفوة الاهل، وبحرمان القانون لطفليها من اية حقوق مدنية كالتعليم والصحة ناهيك عن حمل جنسيتها.

ولا يتيح القانون للأردنيات منح جنسيتهن لأبنائهن من أزواج غير أردنيين. أما الأردنيون فيحق لهم منح الجنسية لأبنائهم من أجنبيات، وهو الامر الذي تصفه رشا بانه "ظلم".

وقالت تسريبات مؤخرا ان الحكومة تتجه الى منح ابناء المواطنات المتزوجات من غير اردنيين حقوقا مدنية دون السياسية ومن ضمنها الجنسية. لكن هذه المعلومات لم يتم تأكيدها رسميا.

وتشير ارقام غير رسمية الى ان عدد المواطنات المتزوجات من غير اردنيين يبلغ نحو 60 الفا.

وتشكل المتزوجات من سوريين ما نسبته نحو 14 بالمئة من هذا العدد. ومنذ اندلاع الأزمة السورية لجأت العديد منهن مع عائلاتهن الى المملكة.

وكثير من هؤلاء يعانين ظروفا معيشية تزيد من صعوبتها تكاليف الخدمات الاساسية التي يحرم منها ابناؤهن باعتبارهم غير اردنيين، فضلا عن حرمانهن هن شخصيا من مساعدات مفوضية الامم المتحدة للاجئين التي تقتصر فقط على السوريين.

تقول رشا ان عمل زوجها بالكاد يغطي أجرة المنزل البالغة 150 دينارا رغم انه يقع في حي الحسين الذي يعتبر حيا شعبيا.

وتضيف ان اجرة المنزل في الاحوال الاعتيادية لا تتجاوز نصف هذه القيمة، لكن استغلال اصحاب عقارات لمأساة اللاجئين السوريين جعلتهم يبالغون في الاجور ويوصلونها الى مستويات خيالية، على حد تعبيرها.

ويقول مختصون ان اجور العقارات في الزرقاء ارتفعت بنسبة 300 بالمئة منذ بدء توافد اللاجئين السوريين على المدينة.

ويشكل تامين اجرة المنزل المرتفعة هاجس رشا الدائم في ظل عدم وجود دخل ثابت، حيث ان زوجها يعمل السباكة وربما يجد عملا يوما ولا يجده يوما اخر، وهي تخشى ان ياتي وقت لا يستطيعون فيه دفع الاجرة.

حاولت البحث عن عمل لتعين زوجها على اعباء الحياة، لكنها لم توفق الى الان، فضلا عن انها صدمت بالواقع الموجود في سوق العمل في المدينة.

تقول رشا "ها أنذا أبحث عن عمل وبلا فائدة لأن الرواتب قليلة وأغلب الفرص المتوفرة بعيدة عن مكان سكني مما يعني أن نصف الراتب سيذهب للمواصلات".

وتتلقى اسرة هذه المراة مخصصات اعانة دورية من مفوضية اللاجئين تشمل زوجها وابنيهما، في حين انها مستثناة منها باعتبار انها ليست لاجئة سورية.

والمعونات تاتي على شكل قسائم شراء بقيمة 72 دينارا شهريا، وهي تصرف على مرحلتين في بداية ونهاية كل شهر.

ما ضاعف من معاناة رشا كان حالة الجفوة التي استقبلهم بها اقرباؤها خلافا لم كانت تتوقع ولما كان عليه الامر في السابق.

تقول رشا "الاهل والاقارب تغيروا. كانوا قبل ذلك يؤهلون ويرحبون بنا وكان الإحترام أكثر، أما بعدما جئنا كلاجئين لم نعد نرى ما اعتدنا رؤيته منهم قبلا، اختلفوا كتيرا".

وتضيف باسى "انا غريبة هنا في بلدي، واشعر بالغربة تماما كما يشعر بها زوجي".

وتتماثل معاناة رشا في الكثير من فصولها مع ما تعيشه المواطنة تغريد التركماني التي قدمت الى الاردن مع زوجها السوري وابنائهم الخمسة قبل نحو 14 شهرا.

زوجها يعمل في الجبصين والديكورات، وهذه المهنة يتراجع الطلب عليها خلال فصل الشتاء، وهو ما يعني تراجع مستوى الدخل واحتمال ان يصبح تامين اجرة المنزل البالغة 100 دينار امرا صعب التحقق.

احد ابرز المشاكل التي واجهتها تمثلت في تامين الاوراق اللازمة لابنها الاكبر وهو حاليا في مرحة التوجيهي، وكذلك عند تسجيل الاصغر في الصف الاول الابتدائي، وذلك بسبب اكتظاظ المدارس الناجم عن الازمة السورية.

ويصل عدد الطلاب السوريين في المدارس الاردنية حاليا الى 120 الفا في مختلف المراحل التعليمية.

وينتاب تغريد القلق على مستقبل ابنها بعد انهائه التوجيهي، وكذلك على مستقبل اخته الاصغر منه والتي ستلحقه العام المقبل حيث انها حاليا في الاول الثانوي.

كما ان هذه السيدة تتحدث بمرارة عن معاناة ابنائها النفسية والمصاعب التي تعترض تاقلمهم مع الواقع الجديد، والذي اسهم بشكل سلبي فيه التغير المفاجئ الذي طرأ على طريقة تعامل الاقرباء معهم منذ ان اصبحوا لاجئين.

وتشير ايضا الى تحديات تواجه اندماج ابنائها في المدارس حيث لا يسمح لهم بالمشاركة في اي نقاش باعتبار انهم سوريون.

مبعث قلق اخر لدى تغريد يتجسد في انتهاء صلاحية الوثيقة التي تمنحها مفوضية اللاجئين لابنائها وزوجها، والتي تتيح لهم من بين امور اخرى تلقي العلاج المجاني.

ومدة هذه الوثيقة هي ستة اشهر، ويصبح لزاما تجديدها بشكل دوري، الا ان ذلك يستغرق وقتا يفقد اللاجئ خلاله المظلة الصحية ويغدو مضطرا الى تحمل تكاليف العلاج بنفسه لدى القطاع الخاص.

ومن جهتها، قالت لينا الحاج منسقة مشروع الدعم النفسي للاجئين السوريين في لجنة التنمية المجتمعية في مخيم الزرقاء،  ان التكيف يمثل المشكلة الاولى للاجئين، وذلك برغم الظروف الايجابية لهذا اللجوء من ناحية أن العادات والتقاليد واحدة.

واضافت الحاج التي تتعامل مع خمس حالات لاردنيات متزوجات من سوريين، ان اللاجئين كانوا يعيشون وضعا مستقرا في بلدهم من حيث العمل والدراسة وابناؤهم كانوا في الجامعات، لكنهم خسروا كل ذلك عندما قدموا الى الأردن بصورة طارئة.

واكدت ان "هذا كله يؤثر على أي شخص سواء كان لاجئا أو غير لاجيء".

واشارت الحاج الى الاثر السلبي الكبير الذي خلفته الحرب في سوريا على نفسيات اللاجئين وبخاصة الاطفال والنساء.

وقالت ان "الأطفال والنساء خاصة شاهدوا مناظر أوضاع حرب من قتل وخراب وأصوات طائرات، حتى أن بعض الأطفال ما أن يسمعوا صوت طائرة حتى يصابوا بالذعر لاعتقادهم أن طبول الحرب ستقرع من جديد".