حاويات ملونة للفرز المنزلي في أحياء مدينة الخليل

هيثم الشريف - مضمون جديد أصبح بإمكان سكان ما يزيد عن خمسة أحياء من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، فرز النفايات منزلياً، بعد قيام المجلس المشترك لإدارة النفايات الصلبة لمحافظتي الخليل وبيت لحم، بتوزيع حاويات ملونة ومخصصة للفرز على المستوى المنزلي، إذ انضمت قبل أسابيع أحياء ضاحية البلدية، وجبل برغوت، من المناطق الجنوبية لمدينة الخليل، إلى أحياء أبو دعجان، وفرش الهوى، وضاحية الزيتون، والتي تم توزيع ذات الوحدات فيها كمرحلة أولى قبل أشهر. ومن المتوقع، وفق برنامج متسلسل للمجلس، أن يستفيد من هذه الخدمة على المستوى المنزلي قرابة 5000 منزل مع نهاية العام الجاري، ليكون بذلك أول مشروع يستمر على المستوى المنزلي في فلسطين". ناصر السلايمة من حيّ لَمبوع بـ "أبودعجان" قال أن الفكرة لاقت استحسانه واستحسان جيرانه، خاصة وأنه لا يوجد خدمات عامة بالمنطقة، لكونها تقع خارج حدود البلدية وأضاف موضحًا "أنا سعيد بهذه الخطوة، وأعتبر نفسي أحد الملتزمين بالفرز المنزلي إنطلاقا من تشجيعي للفكرة، علماً أنه قد تم تعريفنا بالمشروع من خلال المدارس بالمنطقة، ثم أعقب ذلك قيامنا بتعبئة نموذجاً نؤكد فيه رغبتنا في الحصول على تلك الحاويات، على أن نقوم بدفع مبلغ رمزي مقداره 15 شيقل شهريًا، وعليه استلم كل منزل حاويتين، إحداهما خضراء مخصصة للنفايات العضوية كبقايا الأطعمة والفواكه وما إلى ذلك، والثانية بنيّة اللون مخصصة للمواد الصلبة الممكن إعادة تدويرها ومعالجتها كالكرتون والبلاستيك والزجاج وما إلى ذلك". وقد وافقه الرأي المواطن نادر الدحنوس من حي واد عزيزي بــ "أبودعجان، لكنه في ذات الوقت أبدى تذمره بسبب أن جمع النفايات من قبل الشاحنة المخصصة لذلك لا يتم دورياً "شاحنة الحاويات التي تحضر لأخذ ما في الحاويات المنزلية تتأخر عن موعدها الأسبوعي، ولا تحضر إلا كل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، الأمر الذي يجعلنا نضطر لمهاتفتهم من أجل ذلك، كما أن من الغريب، ورغم قيامنا بعملية الفرز بحسب لون كل حاوية وما خصصت له، أن تقوم تلك الشاحنة بخلط ما في كلتا الحاويتين في ذات الشاحنة، دون الإبقاء على ما تم فرزه". مضمون جديد حَمل أسئلة المواطنين وتوجه بها مباشرة إلى المدير التنفيذي للمجلس المشترك لإدارة النفايات الصلبة لمحافظتي الخليل وبيت لحم المهندس ياسر الدويك، والذي أوضح يقول رداً على ما جاء فيها "جمع ما في الحاويات المنزلية من مواد عضوية ومواد قابلة للتدوير في شاحنة واحدة صحيح، حيث أن الكميات المفروزة لا تزال قليلة للغاية، وجمع نصف طن أو حتى طن غير مجدي، كما أننا لا نزال في مرحلة تجريبية، وغايتنا في هذه المرحلة من خلال توزيع الحاويات المخصصة للفرز المنزلي (وبواقع حاويتان لكل منزل مستقل سعة كل منهما 240 لتر، أو عدة مجموعات أسفل كل بناية متعددة الطوابق لخدمة كافة الشقق، بهدف الاستفادة من خدمة الفرز بشكل جيد) هو ترسيخ النهج البيئي على المستوى المنزلي. ولا شك أننا سنخصص لاحقًا سيارة خاصة للنفايات القابلة للتدوير، كالورق والكرتون وأخرى للبلاستيك. أما بخصوص دفع 15 شيقل شهرياً، فمن المعروف أن رسوم النفايات التي يدفعها المواطن داخل حدود البلدية تقارب الـ 15 شيقل، لذا قلنا للقاطنين في بعض تلك الأحياء، أنه حتى نقدم لكم خدمة 5 نجوم، أظهروا لنا رغبتكم بذلك، من خلال دفع مبلغ رمزي شهري تشجيعي، خاصة وأن التوزيع إجمالاً يتم خارج حدود البلدية، أي بالمناطق التي تحتاج للخدمات العامة عموماً". وأضاف المهندس ياسر الدويك "توزيع الحاويات على المستوى المنزلي، ترافق مع توزيع حاويات للفرز على مستوى الحاويات العامة، حيث قمنا منذ أكثر عدة أشهر بتوزيع حوالي 13 حاوية عامة ذات لون أزرق خاصة بالبلاستيك في الشوارع الرئيسية لمدينة الخليل كـ (رأس الجورة، وعين سارة، وشارع السلام، والحاووز). وتُعد خطوة توزيع تلك الحاويات، بمثابة المرحلة الثانية في إطار مشروع إعادة تدوير النفايات الصلبة، بعد نجاح المرحلة الأولى التي وزعنا خلالها قرابة100 حاوية عامة ذات اللون الأصفر في ذات الشوارع قبل أكثر من ثمانية أشهر، والتي خصصت للورق والكرتون. ومن واقع التجربة فإن الكميات التي يتم تجميعها دورياً من حاويات البلاستيك ليس كبيراً، نظراً لاعتمادنا بالأساس على امتلاء الحاويات (حيث أننا وللآن غير قادرين على أن نصل إلى جدول جمع ثابت)، بينما الجمع ممتاز بموضوع الورق والكرتون، إذ يتم جمع ما يقارب من 3-4 طن يومياً، مع العلم أن الورق والكرتون تشكل نسبته 10%، والبلاستيك 8-10% من مجموع النفايات الصلبة(كميات نفايات محافظة الخليل تقارب الـ540 طن يومي)". أما بخصوص آليات الفرز وإمكانيات التدوير والإنتاج قال المدير التنفيذي للمجلس المشترك لإدارة النفايات الصلبة لمحافظتي الخليل وبيت لحم "ما يتم جمعه من نفايات مدورة من ورق وكرتون أو بلاستيك بشكل منفصل، ينقل لمحطة ترحيل في المنطقة الصناعية جنوب مدينة الخليل، حيث يتم كبسها وتحويلها إلى بالات (بعد إخراج المعادن منها عبر مغناطيس مخصص لذلك)، ثم يتم بيع مخلفات البلاستيك للقطاع الخاص، وتحديداً لمصانع التدوير في مدينة الخليل، والتي تقوم بتدويرها ثم إعادة إنتاجها، ورغم أن إعادة الإنتاج في قطاع البلاستيك المعاد تدويره، يُعد نشطاً، إلا أنه لا زال ضعيفاً فيما يتعلق بإعادة إنتاج زجاجات الماء والعصائر المختلفة، وللأسف لا يوجد تصنيع محلي لهذه المواد. أما تدوير وإعادة تصنيع الورق والكرتون، فلا يوجد في كل الضفة الغربية أي مصنع تدوير، وبالتالي بكل أسف يتم إرساله لشركة وحيدة في المنطقة تقع داخل الخط الأخضر، والتي تفرض علينا سعر منخفض. ورغم أن سعر البيع بالكاد يغطي تكاليف الجمع والكبس والتحويل إلى بالات، وأننا نخسر مالياً، لكننا مستمرين في ذلك (وعلى الرغم من قيام البعض بحرق حاويات الكرتون) إلى أن نصل لترسيخ مفهوم الفصل في المصدر، من خلال حاويات الشوارع أو المنازل، لنحافظ على البيئة، إنطلاقاً من الإستراتيجية الأساسية لدينا، والتي نعتبر من خلالها أن النفايات مادة وليست نفاية للإلقاء، علماً أن نقل التجربة والفكرة إلى محافظة بيت لحم كمرحلة ثانية في المشروع، ستتم فور استكمال بناء مكب(المنيا الصحي) البيئي بين بيت لحم والخليل، والذي يتم بناؤه بمعايير فنية عالمية، والذي من المتوقع الإنتهاء منه خلال ثلاثة أشهر". وختم المهندس ياسر الدويك المدير التنفيذي للمجلس المشترك لإدارة النفايات الصلبة لمحافظتي الخليل وبيت لحم حديثه لـ(مضمون جديد) متحدثاً عن بعض الجهات الداعمة للمشروع "القنصلية الإيطالية دعمت المشروع بمبلغ مالي يفوق الـ250 ألف يورو، وذلك لتغطية شراء بعض المعدات والمكائن، وكيفية بناء مؤسسات، والتوعية الجماهيرية والتدريب والمنشورات، لكن ولأنه لا يغطي التشغيل والبناء وبعض المكائن الكبيرة، فقد توجهنا لمانحين آخرين كالاتحاد الأوروبي والـUNDP". من جانه، أكد المدير السابق لمكتب وزارة شؤون البيئة في محافظة الخليل المهندس هاشم صلاح على أهمية مثل هذه المشاريع الخاصة بإعادة تدوير النفايات الصلبة، لمساهمتها في الحد من التخلص غيرالسليم لتلك النفايات "المخلفات الصلبة تضم مخلفات سائلة ناتجة عن بعض المصانع كدباغة الجلود، وتضم مخلفات خطرة ناتجة عن المصانع الكيماوية والطبية وغيرها، وجميعها في الغالب يتم التخلص منها بشكل مباشر وغير سليم إما عبر قنوات الصرف الصحفي أو الحرق أو غيرهما، وبالتالي فهي تؤثر بشكل مباشر على البيئة من ماء وتربة وهواء ونباتات، والتي تنعكس سلبا على صحة الإنسان. فحرق الورق والكرتون بالطريقة العشوائية أو الفردية من قبل الأطفال أو نتيجة للإهمال يشكل خطورة تزداد في حالة حرق البلاستيك لاحتوائه على مواد مسرطنة، نتيجة لتصاعد الغازات السامة والضارة، الأمر الذي قد يؤدي لأمراض في الجهاز التنفسي في الحد الأدنى، إن لم يصاب الإنسان بأمراض خطيرة". وحول أكثر المناطق والتجمعات السكانية التي تعاني من الحرق غير السليم للنفايات الصلبة في محافظة الخليل قال صلاح "المشكلة عامة، لكن هناك بعض المناطق التي تعاني أكثر من غيرها جراء عملية الحرق، وتلك المناطق تقع تحديداً في مناطق الخط الغربي والتي تضم بلدة إذنا ودير سامت وبيت عوا والكوم وغيرها، فهذه المناطق تتعرض لعملية حرق النفايات والبلاستيك وإطارات المطاط بشكل مكثف وممنهج وتجاري بكل أسف، وذلك بهدف إستخراج أسلاك النحاس أو استخراج مواد أخرى بغية إعادة إستخدامها مرة أخرى". وبخصوص دور الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني للحد من تلك الظاهرة السلبية الخطيرة على البيئة والإنسان قال المدير السابق لمكتب وزارة شؤون البيئة في محافظة الخليل "رسمياً فنحن ومنذ سنوات نعمل على محاربة هذه الظاهرة بالتعاون مع المحافظة والبلديات والشرطة والأجهزة الأمنية، كما أن قانون البيئة الفلسطيني رقم 7 لعام1999 يوضح عقوبات عمليات الحرق غير السليم للنفايات الصلبة، أضف إلى ذلك أنه ومنذ أكثر من سنتين تم تشكيل لجنة من قبل المحافظ تضم(المحافظة والبلديات - التي يتم الحرق بطريقة غير سليمة في منطقتها- و وزارة البيئة والصحة والشرطة)، وذلك لغايات المتابعة في هذا الشأن، حيث أصدر المحافظ تعليمات بيّن فيها أن هنالك عقوبات رادعة لمن يقوم بعمليات الحرق قد تصل حتى 2000 شيقل غرامة، إضافة إلى السجن لمدة قد تزيد عن أسبوع، مع توقيع تعهد بعدم العودة لذلك السلوك. أما إذا عاد وضُبط يكرر فعلته، حينها تكون العقوبة مضاعفة، خاصة وأن تلك التعليمات تحمل صفة القانون، وتعتمدها المحاكم بشكل رسمي وقانوني. ورغم مساهمة تلك العقوبات في الحد من تلك الظاهرة، إلا أنها لم تنتهي بشكل كامل، لكونها مشكلة سلوكية بالأساس، الأمر الذي يتطلب توعية من قبل الأهالي والمدارس إلى جانب العمل المؤسساتي لمعالجة هذه الظاهرة السلبية الخطيرة على كل شيء". الإستثمار في قطاع إعادة تدوير النفايات الصلبة، أحد أهم التحديات التي تواجه المؤسسات الرسمية، من أجل دفع رجال الأعمال للإستثمار في القطاع سواء في مرحلة التدوير أو إعادة الإنتاج، الأمر الذي يثير التساؤل حول المعيقات التي قد تواجه المؤسسات الرسمية، وسبل التعامل معها بغية تشجيع المستثمرين للالتفات إلى هذا القطاع، وذلك ما حدثنا حوله مدير عام الإدارة العامة للمجالس المشتركة في وزارة الحكم المحلي المهندس وليد الحلايقة والذي قال" تتمثل معيقات الاستثمار في قطاع تدوير النفايات الصلبة أنها تجربة جديدة وحديثة، وبالتالي فإن هناك معيقات تتعلق بعدم أو قلة الخبرة، ومعيقات تتعلق بالتراخيص وما يتبع ذلك، إضافة إلى المعيقات الضرائبية، فمثلا ومن خلال إحدى الورشات التي أجريناها مؤخراً ضمن برنامج التوعية الجماهيرية حول قضية معالجة النفايات الصلبة وبالذات النفايات البلاستيكية، تم طرح قضية الإعفاء الضريبي لمنتجات البلاستيك المأخوذة من النفايات، وهذا أمر يطرح لأول مرة، ولا بد فعلاً من وجود آلية للتعامل بما يتصل بالمنتجات المدورة المعاد إنتاجها، كما أن من واجبنا كوزارة ووفق إستراتيجيتنا الوطنية وبمشاركة القطاع الخاص ولغايات الحث على الاستثمار في قطاع إعادة تدوير النفايات الصلبة، أن نبحث ونوفر الوسائل والحلول الملائمة للكثير من المشاكل التي قد تبرز أثناء عملية إعادة التدوير، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة". وختم المهندس وليد الحلايقة مدير عام الإدارة العامة للمجالس المشتركة في وزارة الحكم المحلي حديثه قائلاً "الصناعة البيئية بحاجة للدعم والمتابعة، لتشجيع القطاع الخاص، لخلق مثل هذه الصناعة البيئة، وعليه كان ولا زال سعينا مع المانحين، وذلك للسير قدما في هكذا مشاريع بيئية، كالمشروع الذي ينفذه المجلس المشترك، والذي بدأ عام 2008، والذي ُيعد أحد مشاريع دعم البلديات الفلسطينية الممول من الحكومة الايطالية ووزارة الخارجية الايطالية بالشراكة مع هيئات محلية ايطالية، ويدار من قبل القنصلية الايطالية ووزارة الحكم المحلى". وعلى الر غم من ذلك فإنه من المهم أيضاً توفيرالحوافز والدعم المالي من قبل السلطة نفسها، حيث أنه وللآن هو قليل للغاية إن لم نقل أنه معدوم بسبب الوضع المالي للسلطة"، يحسب الحلايقة.

أضف تعليقك