الإعاقة النفسية واقع التشخيص والتهميش
يواجه سامر ٤٠ عاما ، تحديات متعددة في حياته اليومية. بعد أكثر من عشر سنوات من تشخيصه بالفصام، بدأ سامر يسمع أصواتًا غريبة وهمسات تشوش أفكاره، ما دفعه إلى اتخاذ خطوة جريئة بالذهاب إلى الطبيب، رغم أن محيطه شكك في معاناته. يقول سامر:
*"كنت أخبر أهلي بما أسمع، فيقولون لي إنها مجرد أوهام. لكن بداخلي شعرت أن الأمور ليست طبيعية، فأخذت زمام المبادرة وذهبت إلى الطبيب."*
الوصمة الاجتماعية
أدى تشخيص سامر إلى نقطة تحول في حياته، حيث بدأ يعاني من العزلة والتمييز الاجتماعي. يوضح سامر كيف أثر التشخيص في حياته الشخصية والمهنية:
*"بمجرد أن أُعلن عن حالتي، فقدت كل شيء. عملي، حياتي الاجتماعية، حتى حضانة أولادي لم أستطع الحفاظ عليها. أتناول علاجي بانتظام وأعيش حياة مستقرة، لكني لا أزال أُعامل وكأنني فاقد للأهلية. لماذا يجب أن أرتدي هذه الوصمة؟"*
تلك الكلمات تعكس معاناة يومية يعايشها الكثيرون ممن يعانون من الاضطرابات النفسية في الأردن. إذ أن التشخيص لم يكن بداية الحل بالنسبة لسامر، بل بداية لفقدان حياته السابقة.
لم تكن تجربة نادية أقل صعوبة. فقد تم تشخيصها بالاكتئاب المزمن، وهو ما أثر بشكل كبير على حياتها المهنية والشخصية. نادية التي كانت تعمل كمعلمة في روضة أطفال، فقدت عملها بعد أن اكتشف مديرو الروضة أنها تتلقى العلاج النفسي.
*"حينما عرفت إدارة الروضة أنني أراجع عيادة للصحة النفسية، بدأت تصرفاتهم تتغير. استبعدوني من الصف، ثم أبعدوني نهائيًا. مع أنني كنت أؤدي عملي بكفاءة ولم أسبب أي مشكلة. كيف يمكن لمجتمع يحرم شخصًا من عمله بسبب مشكلة نفسية؟"*
معاناتها لم تقتصر على فقدان وظيفتها، بل امتدت لتشمل فقدان حضانة أطفالها بسبب الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية، ما يسلط الضوء على التحديات الاجتماعية الكبرى التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية في الأردن.
التشريعات على الورق والواقع الصعب
رغم أن الأردن صادق في عام 2008 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأصدر قانونًا معدلاً لحقوقهم في عام 2017، إلا أن تطبيق هذه التشريعات يواجه العديد من التحديات. ويؤكد الدكتور كمال المشرقي، خبير حقوقي، أن غياب الوعي المجتمعي يعتبر من أكبر العقبات أمام تحسين وضع الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية.
"الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية لا يدركون حقوقهم. ولا يمكننا الحديث عن تمكينهم بدون تعزيز التوعية وبناء بيئة مجتمعية داعمة تشمل جميع القطاعات الحكومية والخاصة."
هذه التصريحات تكشف عن فجوة كبيرة بين التشريعات الموجودة والواقع الذي يعيشه الأشخاص المصابون بالاضطرابات النفسية في الأردن، حيث ما زالوا يعانون من التهميش والتمييز.
واقع مرير وأرقام
تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من شخصين من كل ثلاثة مصابين بالذهان في العالم لا يحصلون على الرعاية النفسية المناسبة. في الأردن، تعاني مستشفيات الصحة النفسية من نقص في الموارد والقدرة على تقديم الدعم الكافي للمرضى، وتتعرض لانتقادات مستمرة بسبب انتهاك حقوق المرضى، ما يزيد من تفاقم معاناتهم.
أشارت رئيسة الجمعية، أميرة الجمل، إلى أهمية هذه الفعاليات في رفع الوعي بالتحديات التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية ، مؤكدة أن الجمعية تسعى لضمان حصولهم على حقوق متساوية في جميع الحالات،. وقالت الجمل: "تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة يتطلب تضافر جهود المجتمع لتحقيق استجابة شاملة تراعي احتياجاتهم وتضمن لهم حياة كريمة في جميع الأوقات".
ان الصعوبات والتحديات التي يواجهها تتمثل بشكل مباشر بالنظرة المجتمعية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية. ،بالإضافة الى غياب بيئة داعمة تشمل جميع قطاعات المجتمع.
وفقًا لجمل، فإن الجمعية تطالب بأن تراعي السياسات وجود أشخاص ذوي الإعاقة النفسية في القطاعات التعليمية والصحية والتنموية وغيرها بما يضمن اندماجهم في المجتمع بشكل فعال.
بالاضافة الى ضرورة وجود مستشارين نفسيين في القطاع الحكومي وتعزيز اقسام الدعم النفسي في المؤسسات الصحية الحكومية نظرًا للارتفاع الكبير في تكاليف الكشوفات والعلاجات النفسية في القطاع الخاص.
وتلفت رئيسة الجمعية إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية في الطبقات المتوسطة والمنخفضة الذين يراجعون القطاع الخاص يضطرون إلى إيقاف علاجاتهم بعد بضعة أشهر لعدم قدرتهم على تحمل تكاليفها، مما يؤدي إلى تدهور صحتهم النفسية.
وتشير جمل إلى وجود بعض التصرفات التي تسي الى الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية و تشوه حقيقتهم من خلال الإعلام والدراما التي تمثل الشخص ذوي الاعاقة النفسية بأنه مهرج او شخص غريب التصرفات ا، مثل الدراما الإعلامية التي تعرض الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية مهرجين أو يظهرونه وهم يتصرفون تصرفات غريبة وهذا يؤدي الى تعزيز الصورة النمطية السلبية اتجاهمم من قبل أفراد المجتمع