لطالما ارتبط الشعبين الأردني والسوري بعادات وتقاليد وثقافة مشتركة، ومتشابهة في كثير من نواحي الحياة، إلا أن تواجد السوريين في الأردن كان له بصمته الخاصة والمؤثرة بصورة مباشرة.
يسهل على المار في أحد شوارع عمان أو بقية المحافظات أن يلاحظ بروز الوجود السوري وما لحقه من تغيرات فيها، بدءا من اللافتات التي حملت أسماء لشخصيات سورية ومرورا بالعبارات الشامية الشهيرة، وانتهائ بأسماء المطاعم مثل مطعم سهول الغوطة، وحلويات الحارة الشامية، ومطعم باب الحارة.
أبو محمد المصري صاحب محل للحلويات السورية يقول أن الكثير من الناس يفضلون الحلويات الشامية، وأنه قام بفتح فرعه الجديد في جرش بعد النجاح الذي حققه في العاصمة عمان.
وتضيف المأكولات الشامية أصنافها المتنوعة ونكتها الخاصة على موائد الطعام في المطاعم، فرغبة الناس بها تدفع بعض أصحاب المحلات للتعامل مع مؤسسات خاصة للمأكولات الشامية مثل "الشيشبرك" و"الكبة"، كما يؤكد صاحب مطعم في جرش أبو علي الزعبي .
ويراعي صاحب محل لملابس النساء أبو مصعب، الذوق السوري لدى اختياره بضاعته، من خلال انتقاء الألوان التي ترغب بارتدائها النساء السوريات كاللونين الأسود و الكحلي.
ويرى الشاب الأردني فادي مشاقبة أن التواجد السوري في الأردن، والاحتكاك الدائم بين الشعبين، أضاف عادات جديدة على الشارع الأردني، كحركة المارة وبقاء المحلات مفتوحة لساعات متأخرة، إضافة لتأثر الكثير من الشباب باللهجة السورية، والعكس صحيح.
عوامل كثيرة ومؤثرة أدت إلى زيادة أعداد المتزوجين من السوريين والأردنيين، كان أبرزها انخفاض المهر من الطرفين في الكثير من العائلات السورية والأردنية.
وأضافت العراضة الشامية سحرها في الأعراس الأردنية، حيث فضل الشاب علي ريموني أن تكون "الزفة" في حفل زواجه على الطريقة السورية، مؤكدا أنها أضافت طابعا خاصا، لتنال الترحيب والإعجاب من غالبية الحضور.
بعض أصحاب المحلات أيضا فضلوا افتتاح محلاتهم على أنغام الأغنيات السورية وبرفقة العراضة الشامية، كما فعل محمد العتوم.
وفي نفس الوقت، أكد أردنيون منهم أم جهاد أن عاداتهم و تقاليدهم راسخة، ولا تتأثر بالحضور القوي للسوريين في حياتهم.
من جهته أكد اللاجئ السوري أحمد الحمصي أن السوريين لم يتأثروا بالعادات والتقاليد الأردنية، إلا بدخول بعض الكلمات على لهجتهم.
ونفت الخبيرة الاجتماعية منتهى تيم أن يكون هناك تأثير مباشر لدخول السوريين للأردن، معتبرة أن ما يحدث هو اندماج نتيجة الاحتكاك اليومي، خاصة لدى الأطفال في المدارس، وتتمثل بدخول كلمات جديدة على أحاديثهم، أو تغير بطريقة لفظ بعض الكلمات، إضافة إلى إقدام بعضهم على "تقليد" اللهجة بهدف تسهيل التعامل مع السوريين.
وأشارت تيم إلى الانتشار الكبير الحاصل فيما يتعلق بالمأكولات السورية، مثل "الكبة" فيما نوهت إلى وجود تقارب كبير بين بعض "الأكلات"، إلا أن أسماءها قد تختلف عند الطرفين، مما نجم عنه بعض التغييرات البسيطة في أسماء المأكولات لدى الأردنيين.
أربع سنوات هو عمر الأزمة السورية حتى يومنا هذا، ورغم طول المدة بالنسبة لحجم ضحاياها، إلا أنها تظل قصيرة مقارنة بالإنجاز الذي حققه السوريون من حيث اندماجهم وتطويرهم وإضافة بصمتهم الخاصة في جميع دول الجوار التي لجؤوا إليها.