تساهم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يقدر بـ 50% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب خبراء الاقتصاد الدولي. وتولي الدول المتقدمة اقتصاديا رعاية خاصة للعاملين في هذا القطاع، بتقديم الدعم القانوني والمالي والقروض الميسرة الطويلة الأمد كونهم يشكلون الشريحة الأكبر في الاقتصاد الوطني لأي دولة.
إلا أن الاستثمارات السورية بمجملها في الأردن، لم تصل سوى إلى رقم متواضع جداً بلغ حوالي الـ 95 مليون دولار أمريكي، مع غياب تام للدراسات الخاصة في حجم الاستثمارات السورية الصغيرة والمتوسطة في السوق الأردنية وتنظيمها، على الرغم من تأكيد خبراء الاقتصاد على الأهمية الكبرى لهذا النوع من الاستثمارات، حسب ما صرح به رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي.
قرر الشابان السوريان أدهم وصديقه رامي افتتاح مكتبة تقدم خدمات الطباعة والقرطاسية، لخبرتهما الطويلة في هذا المجال، إلا أن محاولتهما في استثمار ما يقارب الـ 20 ألف دينار أردني في أي تجارة صغيرة باءت بالفشل.
ويوضح أدهم أن العقبات القانونية كانت السبب الأهم في عدولهما عن الاستثمار في الأردن، واتخاذهما قرار السفر إلى دولة أخرى، موضحا أن تراخيص العمل الممنوحة للسوريين محصورة فقط في تجارة الأغذية بالتجزئة.
بينما لم يستطع الأربعيني محمد كسواني، أن يتاجر بالألبسة الجاهزة، وهي المهنة التي لطالما عمل فيها داخل سورية، مشيرا أن العقبة التي منعته من ممارسة مهنته متعلقة بمنع الاردن إعطاء تراخيص مزاولة مهنة، إلا بوجود شريك أردني تزيد حصته عن النصف، وهو ما يعني بالنسبة لكسواني تحكم شريكه المطلق في العمل.
ويضيف كسواني أن الهاجس الأمني لدى السلطات في الأردن يشكل العائق الأكبر أمام النشاط المالي السوري، فالحوالات المالية من سوريا إلى الأردن متوقفة، بسبب العقوبات الدولية على النظام السوري.
ويوضح الكسواني أن وصول حوالات مالية متكررة بمبالغ متوسطة إلى أي سوري على أراضي المملكة، يتبعه قطعاً استدعاء له من قبل الأجهزة الأمنية للتحقيق عن مصدر المال والهدف من تحويله إلى الأردن، وفي أي مجال سيتم إنفاقه.
قرر الكسواني أخيرا، السفر إلى تركيا واستثمار رأس ماله المتواضع فيها، وأشار أنه تلقى الدعم الكامل من قبل الدولة التركية التي تفتح المجال واسعاً أمام المستثمرين من جميع الشرائح المالية حسب رأيه، معبرا عن ندمه على قضائه عامين في الأردن دون جدوى.
بينما لا يرى الكباريتي أي عقبات أمام هذه الشريحة من المستثمرين السوريين، مشيرا إلى أنه في بعض الأحيان يحصل السوري على الأفضلية في مجالات معينة، ويكون منافسا قويا للمستثمر الأردني.
ويؤكد أن الاستثمار في مجال الصناعة مفتوح أمام الجميع دون أي عوائق، على عكس الاستثمار التجاري المقيد بوجود شريك أردني، مشدداَ على عدم حاجة السوق للأعمال والحرف الصغيرة الوافدة، لتوافر وكفاءة العمالة الأردنية فيه.
ورغم تواضع حجم الاستثمارات السورية في الأردن، إلا أن غالبية الروايات الرسمية فيه تؤكد على دعم القوانين وفتحها أبواب التعاون مع المستثمرين لضخ أموالهم في المملكة.