رغم الفرص المقدمة للاجئين السوريين في الأردن من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لإعادة توطينهم في بلد ثالث، إلا أن العديد منهم يرفضون فكرة اللجوء، وذلك استنادا على مرجعية عاداتهم وتقاليدهم، أو تجنبا لنتائج الإشاعات المتداولة حول سلبية اللجوء.
اللاجئ أبو محمود، رفض إعادة التوطين إلى كندا الذي عرضته عليه المفوضية السامية، حفاظا على مستقبل أبنائه، وأملا منه بتحسن الأوضاع في بلده، وتمسكه بالعودة إليها، مشيرا إلى أنه خرج من سورية بعد أن وصلت آلة الحرب والدمار إلى بلدته في محافظة درعا الجنوبية.
كما عبر اللاجئ أبو عامر، الذي لم يعتقد يوماً أن خروجه من سورية سيطول كثيرا، عن رفضه لفكرة اللجوء أساسا، لأن الهجرة ستجبره على الاندماج بثقافات مجتمع يبعد كل البعد عن ثقافات مجتمعه، عدا عن العادات والتقاليد التي تختلف كليا عنها في المجتمعات الشرقية ، مطالبا بوجود الحلول لعودتهم إلى بلادهم بدلا من إرسالهم لبلاد وصفها بـ"المنفى".
من جانبه، يوضح مسؤول الاتصال في المفوضية السامية محمد الحواري، أن التوطين ليس حقا من حقوق اللاجئ، وإنما يمثل حلا أمثل يقدم للاجئين الأكثر احتياجا، مشيرا إلى أنه يستوجب على المفوضية تأمين الحماية لهم من خلال إعادة توطينهم.
ويرجع الحواري رفض بعض اللاجئين التوطين، إلى أنهم ما زالوا يبحثون عن إمكانية تربطهم بعائلاتهم في سورية بعد أن شتتهم الظروف السائدة هناك.
الباحث في علم الاجتماع الدكتور عاطف شواشرة، يرى أن الهجرة تعد سببا رئيسيا بتفكك المجتمع السوري، من خلال الانهيار الداخلي الذي أصاب منظومته الاجتماعية.
ويضيف شواشرة أن الهجرة أحدثت خلخلة لمجتمع متماسك يتسم بالانسجامية والاتساق الداخلي، كما وأضاعت الهوية العربية والسورية خاصة مع دمجهم بالشعوب الغربية، منوها إلى أن القيم والمبادئ العربية ستكون محط تراجع وذكريات لدى الكثير منهم، على حد تعبيره.
فـ"هناك الكثير من الجروح الخفية التي ستعاني منها العائلات التي تشردت بين مختلف الدول في ظل هواجس تلاحقهم للم شملهم بذويهم مرة أخرى"، يقول شواشرة.
هذا وتشير إحصائيات الأمم المتحدة، إلى أن ثلاث عائلات فقط من ضمن عشرة تقبل إعادة التوطين إلى كندا، التي أبدت استعدادها لاستقبال 25 ألف لاجئ من الأردن ولبنان وتركيا في موعد أقصاه نهاية شباط الجاري