زواج لاجئات في سن مبكرة... يرفضه القانون وتبرره الظروف

زواج لاجئات في سن مبكرة... يرفضه القانون وتبرره الظروف
الرابط المختصر

يختار بعض اللاجئين السوريين في الأردن تزويج بناتهم في سن مبكرة، ظناً منهم أن هذا الخيار يحميهن ويقدم لهنَّ شكلاً من أشكال الدعم والحماية.

بالنسبة للعديد من العوائل فإن زواج الفتاة في سن مبكرة قد يشكل لها طوق نجاةٍ وأملا بحياةٍ جديدة رغم عدم خلو الأمر من المخاطر والمحاذير.

فاطمة الأحمد لاجئة سورية ثلاثينية، زوجت ابنتها مرام (14عاما) قبل شهرين لشاب سوري في العشرين من عمره رغم أنها كانت ترفض الفكرة.

أشارت فاطمة في حديثها لـ"سوريون بيننا" أنها ترددت كثيراً في البداية ولم تتصور يوما أن تزوج ابنتها في هذا العمر، إلا أن واقع اللجوء وفقدان زوجها في سوريا أجبرها على هذه الزيجة لحمايتها من نظرة المجتمع السلبية، حسب تعبيرها.

أما أبو يحيى (40عاما) وهو أب لستة أطفال، زوج ابنته سلمى (15عاما) لسوري من أبناء بلدته، مشيراً إلى أن سوء الأوضاع المادية وعدم قدرته على إعالة هذا الكم من الأطفال أجبره على ذلك.

تقوم بعض المنظمات بإدارة برامج توعية مجتمعية بمشاركة الأطفال والمراهقين والأهالي في مخيم الزعتري، بينما تقوم بالتركيز على وضع حد للزواج المبكر.

الأخصائية النفسية مسعدة أبو محفوظ من فريق جمعية المستقبل الزاهر للصحة النفسية في مخيم الزعتري، قامت بعقد برنامج "أحلام البنات" الذي يهدف إلى التقليل من نسب الزواج المبكر لدى الفتيات، من خلال التوعية بالمخاطر النفسية والاجتماعية لهذه الزيجات، إضافة إلى العمل على تطوير المهارات لدى الفتيات من خلال لفتهن إلى وجود أهداف غير الزواج مثل التعليم وامتلاك مهارات مهنية تساعدها في حياتها.

وأشارت أبو محفوظ إلى أنه من خلال البرنامج يتم توعية الأهالي بمخاطر هذه الزيجات والمشاكل الاجتماعية التي تعود على الفتاة، لافته إلى أن نسبة عالية من الفتيات اللواتي يتزوجن في سن مبكرة يتعرضن للعنف الأسري والطلاق.

الطفلة مريم (13عاما) إحدى الفتيات المشاركات في البرنامج، تحدثت لـ"سوريون بيننا" عن تغير نظرتها في الزواج بعد مشاركتها لمعرفتها بمخاطره وسلبياته، وأبدت رغبتها في متابعة دراستها.

المتخصص في علم الاجتماع باسل جابر يؤكد في حديث لـ"سوريون بيننا" أن المجتمع السوري يمتلك وعياً كافياً حول سلبيات الزواج في سن مبكرة، إلا أن واقع اللجوء أجبرهم على ذلك.

ومن جانب آخر، أكد الناطق الرسمي لمنظمة اليونسيف سمير بدران أن المنظمة لا تمتلك إحصائيات لحالات زواج مبكر بين اللاجئين السوريين، مشيراً إلى قيام المنظمة بالتعاون مع وزارة الأوقاف الأردنية برفع سن الزواج إلى ثمانية عشرة عاما بهدف الحد من هذه الظاهرة.

ويحدد القانون الأردني الحد الأدنى لسن الزواج بثمانية عشرة عاما لكلا الزوجين، لكن في ظروف استثنائية يسمح القاضي بالزواج لمن أكمل الخامسة عشرة من عمره.

وأكد القاضي الشرعي أشرف العمري أن معدل الزواج لما دون سن الثامنة عشرة ارتفع إلى 30% مع بداية اللجوء السوري، مشيرا إلى إشكالية إجراء بعض العقود دون توثيق داخل المخيمات.

ونوَّه العمري إلى إصدار قرار بوجود مكتب للمحكمة الشرعية في مخيم الزعتري، وإجراء دراسة على افتتاح مكتب في مخيم الأزرق لضبط العملية وضمان حقوق المرأة والنسب في المستقبل، بالإضافة إلى إصدار قرار من مجلس الوزراء بإعفاء السوريين من غرامات عدم توثيق الزواج بهدف تصويب الأوضاع.

ويبقى السوريون بين خيار المأساة والحماية في ظل انسداد أفق الحل في بلدهم الذي أوشكت الأزمة فيه دخول عامها الخامس دون أن يلوح أيُّ حل في الأفق.