برنامج يحكي قصص اللاجئين ودور الأردن والمنظمات الدولية بعد 10 سنوات

أصبح الشتات السوري حكاية شعبية عنوانها الصراع من أجل البقاء، ملهمة للشجاعة والمرونة التي ظهرت جليا وسط افواج اللاجئين والتي تعد واحدة من أكبر موجات اللجوء.

في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بمرور 10 سنوات على بداية الأزمة، تتذكر تيماء، وهي لاجئة تبلغ من العمر 18 عام، خطواتها الأولى بوضوح في "رحلة الحياة" من بلدة درعا الريفية، جنوب سوريا إلى الأردن، تحت غطاء الليل، نحو المجهول.

كانت تيماء طفلة في الثامنة من عمرها عندما فرت على عجل من منزلها مع عائلتها بحثا عن الأمان.

وتقول تيماء وهي تتذكر لحظة الهروب إلى الأردن.

"بعد أذان المغرب سمعنا إشاعات وأخبار عن هجوم على قريتنا. اصابنا الهلع وخفنا واضطررنا أن نهرب بنفس اللحظة، سيرا على الأقدام."

حديث تيماء كان خلال حلقة بودكاست، برنامج حواري بعنوان "تكاتف" للاحتفال بمرور 10 سنوات على بداية الأزمة السورية. وقد أنتج البرنامج بتسهيل ودعم من الاتحاد الأوروبي من خلال الصندوق الاستئماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي استجابة للأزمة السورية، صندوق المداد.

وتعتبر هذه السلسلة من حلقات البودكاست التي أطلقت مؤخرا منبرا للاجئين والمانحين وكذلك السلطات الأردنية والمواطنين الأردنيين للتعبير عن آرائهم حول الاستجابة للأزمة وتأثيرها على قطاعات التعليم والصحة والبيئة والمرأة.

تضيف تيماء: "صرنا نمشي بين السهول، عتمة وما في شي تشوفه، خفنا كتير. بابا ضاع منا بالعتمة. ممنوع أي ضوء لأنه كان في دبابات قريبة."

"اي حركة تعني انهم يمكن ان يقصفونا. كان علينا أن نزحف على أذرعنا وأقدامنا ".

عندما وصلت تيماء الحدود الأردنية استقبلها الجيش.

"أحلى كلمة قالها ما بنساها وهي سبب سعادتي عندما قال لنا الضابط: أنتم بأمان، وقتها كانت أسعد لحظة عشتها. بهذه اللحظة بدأت امي تبكي واخذنا نبكي معها."

كان الوقت قد حان لفصل الشتاء عندما وصلت تيما إلى مخيم الزعتري للاستقرار في خيام مؤقتة، إلى جانب عدة آلاف من طالبي اللجوء. والمخيم الآن مدينة فقيرة مترامية الأطراف، يبلغ عدد سكانها 000 78 لاجئ. 

 

الاستجابة الجماعية

وعلى الرغم من محدودية موارد الأردن، فقد قدمت الحكومة المأوى والمساعدات الطارئة، لكن وصول اللاجئين فرض ضغوطا على قطاعات التعليم والرعاية الصحية والبيئة وسبل العيش. الآن، يمثل اللاجئون السوريون 10 في المائة من سكان المملكة.

وبدورها سارعت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى الأردن ماريا حاجثيودوسيو إلى الإشادة بالأردن لدوره في تحمل عبء اللاجئين، مع تسليط الضوء على مساعدات الاتحاد الأوروبي خلال العقد الماضي.

" قدم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه حوالي 24 مليار يورو على مدى العقد الماضي. إنه لا يزال أكبر مساهم في تلبية الاحتياجات الناجمة عن الصراع"، مشيرة إلى أن صندوق مدد "خصص حوالي 562 مليون يورو للأردن وحده".

ومن خلال عدد من الأدوات، تعاون الاتحاد الأوروبي بشكل وثيق مع عشرات المنظمات والمنظمات غير الحكومية التابعة للأمم المتحدة للتواصل مع اللاجئين والمجتمع المحلي في محاولة للتخفيف من آثار الأزمة.

 

وتقول: "تسعى مشاريعنا في الأردن إلى إحداث تغييرات هيكلية إيجابية تعود بالنفع على البلاد على المدى الطويل من خلال دعم الجهود المبذولة لتعزيز قطاعي التعليم والصحة، وتعزيز النمو الشامل والأخضر والاقتصادي.

ولعبت منظمة الامم المتحدة للاجئين دور محوري في إقامة مخيم الزعتري بمساعدة السلطات الأردنية والمتطوعين الاردنيين.

ويناقش ممثل المفوضية لدى الأردن دومينيك بارتش تأثير الأزمة السورية على الأردن، حيث تم تسجيل ما يقرب من 660,000 لاجئ سوري رسميا.

وقال: "علينا ان نعترف بان عشر سنوات من الازمة تعتبر احتفالا محزنا. لقد جاء المجتمع الدولي لدعم الأردن، ولكن من الواضح أن هناك ضغطا مستمرا على البنية التحتية، وعلى التعليم، وعلى الخدمات الطبية."

ويشدد بارتش على أهمية استمرار الدعم للأردن ليتمكن من مواصلة دعم السوريين واللاجئين الآخرين.

ووفقا للأمم المتحدة، يعيش 86 في المائة من اللاجئين السوريين تحت خط الفقر، وتعتمد الأغلبية على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وقال: "ومن المهم حقا في هذه الذكرى أن نجدد التزامنا بمساعدة الحكومات في المنطقة والاستمرار في تقديم المساعدات الأساسية للاجئين في المناطق الحضرية وفي المخيمات هنا في الأردن."

وقد شردت الأزمة السورية 6.7 مليون شخص داخليا و5.5 مليون سوري، طلبوا الحماية في البلدان المجاورة، وفقا لأرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتقول تانيا شابويسات، ممثلة اليونيسف لدى الأردن، إن العدد الهائل من اللاجئين يمثل تحديا غير مسبوق للمنظمات الإنسانية، وتعترف بأن منظمات الإغاثة بحاجة إلى أن تكون مرنة وأن يكون لديها رؤية طويلة الأجل.

وقالت: "نحن بحاجة إلى الاندماج في السنوات الأولى من الاستجابة لحالات الطوارئ والتأكد من أننا نتطلع إلى استخدام النظم الوطنية، لنتمكن من الاستجابة لاحتياجات اللاجئين والسكان المحليين للتأكد من أنهم لا يستجيبون لحاجة اللاجئين فحسب، بل الأطفال الآخرين، حتى لا يترك أي طفل دون فرصة للتعلم."

وهناك عدد كبير من اللاجئين السوريين في عمر الطفولة، وكثير منهم أجبروا على دخول سوق العمل أو أجبروا على الزواج المبكر.

 

السوريون كرصيد لسوق العمل

خلال العقد الماضي، كان هناك تحد كبير يواجه الأردن يتمثل في استيعاب السوريين في سوق العمل.

وقد أنشئ عدد من البرامج الممولة دوليا لدمج القوى العاملة السورية والاستفادة من مهاراتها.

يعتقد وزير التجارة السابق يوسف منصور أن وصول اللاجئين السوريين كان بمثابة هدية للاقتصاد المحلي وسوق العمل.

وقال:" لدينا عمال ماهرون جدا، أطباء إلخ، وغير ماهرين، والمهارات المتوسطة غير متوفرة،

 الإخوة السوريون لديهم مهارة في العمل المتوسط"، داعيا الشركات إلى الاستفادة من هذه المهارات لتنويع الاقتصاد."

"من الممكن الاستفادة من وجود اللاجئين لتوفير الخير للجميع. إنهم لا يصنعون وظائف لأنفسهم فحسب، بل للأردنيين أيضا".

وفي إطار استجابته للأزمة، أطلق صندوق "مدد" مشروعا "مكاني" بالتعاون مع اليونيسف لتوفير مساحة آمنة للأطفال والشباب للوصول إلى فرص التعلم وحماية الطفل والخدمات الحيوية الأخرى.

ومن الأمثلة على الاندماج الناجح للاجئ سوري في سوق العمل الأردني تيماء، التي تعمل مستشارة اجتماعية في أحد هذه المراكز. 

وأكدت تيماء إن حياتها تغيرت إلى الأبد بعد انضمامها إلى المركز.

"في كل حياة، هناك نقطة تحول. وفي حياتي، نقطة التحول هي مشروع مكاني. سمح لي أن أرى الإيجابية مع كل معنى للكلمة. لقد سمح لي بالبحث عن حلمي، أحب مساعدة الناس".

في الوقت الراهن، تركز تيماء على بناء حياتها ودعم عائلتها. كما أنها حريصة على رد الجميل للأردن لإعطائها فرصة جديدة للحياة.

وقالت "انا ممتنة لمساعدة الاردنيين. أريد مساعدة الناس بقدر ما تم تقديم المساعدة لي. أريد أن أكون إيجابية وأن أساعد الناس."

أضف تعليقك