في عتمة اللّجوء والبصر .. أبو غسّان يُنير بألحانه أرض الغّربة-فيديو

في عتمة اللّجوء والبصر .. أبو غسّان يُنير بألحانه أرض الغّربة-فيديو
الرابط المختصر

مُمسكاً بريشته مغمضَ العينين، يبدأ أبو غسّان من درعا العزف ليتبعه ابنه حسن في الغناء، وسطَ عتمة فُرضَت على الأب بعد أن فقدَ بصره وأصبحت يد ابنه تقوده في أرجاء بلد اللجوء.

أبو غسان الذي فقد أحد أبناءه في أحداث الأزمة السورية، لجأ إلى محافظة الرمثا حين استشهدت الأذن التي اعتادت سماع ألحانه وكلماته على أرض الوطن.

في عام 1985 فقد بصره الذي كان يتلاشى شيئا فشيئاً طوال السنوات السابقة، ليبقى متفرّغاً بحسب وصفه للفن وكتابة الكلمات التي تتغنّى بالوطن الذي لم يلبث أن لفَظهُ إلى البعيد.

" لا يعيقني العمى عن العزف والغناء" يقول أبو غسان مربّتاً على عُوده وكأنه يريد الثّناء على صديق عتمته الموحشة، ويضيف: " على الأقل لا شيء يشغلني عن هذا".

وحول المواضيع المغنّاة يشير أبو غسّان إلى أن الثورة والاغتراب هي الأهمّ بالنسبة لديه، فهو يسعى بأن تصل كلماته وتسجيلاته إلى الشعب السوري في الداخل.

ويقول :" على الفنّان أن يواكب ما يحدث حوله ولا يغضّ الطرف عن ذلك، فهو إن لم يكتب أو يغنّي عمّا يجول في خاطر محتمعه فلن يرتقي بفنّه أبداً".

إلى جانب أبو غسّان يجلسُ ابنه حسن ذو السبعة عشر عاماً متنقّلاً بأصابعه على البيانو، ليصحب والده في أغنياته، لتهرب عيناه بين فينةٍ وأخرى إلى النافذة المقابلة مستذكراً ماضياً ليس ببعيد.

على استحياء تخرج العبارات من فم حسن الذي كبر سريعاً منذ اندلاع الأزمة في سوريا، ويُقبل على الأردن متمنّياً العودة والوقوف في ساحة المظاهرات والغناء من جديد.

" تأقلمتُ سريعا مع المجتمع الأردنيّ، لكنّ قلب اللاجئ يبقى معلّقاً في وطنه"، ويصمت الشاب الصغير مستذكراً شيئاً من درعا التي تركها خلفه.

يقول حسن أنه لم يقدّم شيئاً لوطنه بعد، وأن الكلمة المغنّاة هي سلاحه الوحيد في ابتعاده عن سوريا، وأن اللاجئ أينما كان يجب أن يقدّم شيئاً لبلده وإن كان بسيطاً.

" حين أهمس بأغنية تصف جمال درعا تحتنق العبرة في داخلي، لكنني أمنّي النفس بالعودة قريباً"، يقول حسن مهيّأً البيانو الذي يترجم أوجاع هذا اللاجئ الشاب إلى ألحان.

وعن وضعه المعيشي يشير أبو غسّان إلى أن أن اثنين من أبناءه يعملان "عُمّال بناء " بعد دوامهما في المدرسة وأن المساعدات المقدّمة من المفوضية والجمعيات المعنيّة لا تغني ولا تسمن من جوع.

وفي محاولة لمساعدة أبناءه  يُحيي أبو غسّان حفلات وأعراس للأردنيين والسوريين على حدّ سواء، لكن المقابل المادّي لذلك كلّه يبقى " بسيطاً " على حدّ وصفه.

بتناغم واحد تعزف أصابع الأب والابن معاً، معلنةً عن غربة وحنين للوطن الذي ستعود إليه الحناجر يوماً ما لتصدح بالغناء فرحاً بالحرية.