عاملون سوريون في الزراعة.. إصابات بلا مظلة حماية

عناء ومشقة طريق يبدأ مع طلوع الشمس ورحلة ساعة ونصف للوصول لمكان العمل، هكذا بدأت اللاجئة السورية نوارة عبيد حديثها، والتي تعمل برفقة بناتها الثلاث في الزراعة في احدى المزارع في المفرق بعد قدومها للأردن في عام 2013، فتعمل على مدار الساعة دون توقف يتعامل خلالها صاحب المزرعة معهن على أن يتم انجاز العمل وإتمامه بنفس الجهد بلا أي استثناءات.

تقول نوارة إن بناتها يساعدنها في العمل بعد وفاة زوجها لتأمين حياتهن، وهن جميعا لا يدرسن وخرجن من المدارس منهن ابنتها ذات الـ 10 أعوام، فبذلك حرمن من التعليم من أجل العمل بالإضافة إلى أن أي إصابة قد تتعرض لها هي وطفلاتها يتحمل تكاليفها هي نفسها ولطالما تعرضت لإصابات وتهالكت صحتهن الجسدية.

يتعرض المزارعون السوريون في الأردن لعدد من الانتهاكات لحقوقهم وإصابات العمل الناتجة عن انعدام سبل السلامة في عملهم وداخل المزارع وعدم مراعاة أصحاب المزارع لبيئة عمل المزارعين وما قد يصيبهم نتيجة العمل لساعات طويلة وتحت أشعة الشمس وبأجور متدنية.

أحمد العليوي أيضا مزارع سوري دخل الأردن في عام 2013 ويعمل في الزراعة من وجوده في سوريا في إحدى المزارع في مأدبا، ويقبض راتبه على عدد الساعات التي يعمل بها في نهاية الأسبوع.

يقول العليوي أن المزارعين السوريين مجبرون على تشغيل أبنائهم معهم لصعوبة الحياة ولتأمين الحياة فالجميع يعمل الكبار والصغار دون التفريق في العمل بين الشباب والفتيات، إذ يعمل معه أبنائه التسعة في جني المحاصيل للمساعدة في المصاريف المالية المنزلية، "إلا أننا دوما معرضون للإصابات خلال لعمل".

شمل القانون المعدل لقانون العمل رقم 48 لسنة 2008 عمال الزراعة تحت مظلة القانون، فمنها ما يتعلق بالإجازات إذ يحق للعامل إجازة مرضية مدفوعة الأجر لمدة 14 يوم في السنة الواحدة بناء على تقير طبي من الطبيب الذي يعتمده صاحب العمل، ويجوز تمديد هذه المدة إلى 14 يوم أخرى بأجر كامل.

وبحسب وزارة العمل، فإن عدد العاملين في القطاع الزراعي من السوريين 105 آلاف عامل مصرح لهم لدى الوزارة منذ 2016 ولغاية شهر آذار/ مارس 2022.

وتلفت المديرة التنفيذية لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ليندا كلش لوجود إشكالية في تلقي الشكاوى من قبل السوريين لعدم تقديمهم لأي شكوى وحتى تسييرها في مساراتها الطبيعية، وبذلك لا يوجد عدد أو إحصائية واضحة لأن القطاع الزراعي قطاع غير منظم ولا يوجد إثباتات للانتهاكات لعدم وجود ضمان اجتماعي ولا ترخيص للمنشأة وهو من أكثر الإشكاليات الموجودة بالإضافة للإصابات واستغلال بالأجور وبالتالي صاحب العمل يكون عليه شكوى مركبه.

وتضيف كلش في حديث لـ "سوريون بيننا" أن السلامة المهنية في الزراعة قد تكون غير موجودة لوجود الأفاعي وأيضا استنشاق المبيدات الحشرية والتي لها أبعادها على مدى السنوات على البالغين وعلى الأطفال.

إستمع الآن

 

إصابات بلا مظلة حماية

ما يتعرض له المزارعون في عملهم من انتهاكات ومخاطر لم يغب عن الشابة السورية رغدة موسى والتي تعمل في إحدى المزارع في الرمثا تعرضت لحاله تسمم أثناء عملها في الزراعة، فهي تعمل في جني المحاصيل وزراعتها برفقة اشقاءها ووالديها، "تعرضت للعديد من الوعكات الصحية أثناء عملي في المحاصيل من التواء في الساق وحالة تسمم بسبب العمل اثناء رش مبيدات لمحاصيل مجاورة في نفس المزرعة التي أعمل بداخلها"، تقول رغدة.

وتشتكي رغدة من أن السيدات يتعرضن لوعكات صحية أكثر من الرجال لخصوصية حياتهن الشخصية والظروف التي يمرون بها وخاصة في الحديث عن التعرض لضربات الشمس والاغماء أثناء العمل لعدم وجود فترات استراحة كافية بين ساعات العمل التي تتجاوز 8 ساعات باليوم. والعمل تحت أشعة الشمس دون وجود أي سبل للسلامة الصحية داخل المزارع من أصحاب العمل.

وعلى الرغم من أن نظام عمال الزراعة المعدل لسنة 2021 كفل حق العمال بالحد الأدنى من الأجور والإجازات والحماية من إصابات العمل وإشراك العمال بالضمان الاجتماعي بالإضافة لإلزامية توفير سبل السلامة وسكن للعامل وعدم زيادة ساعات العمل وبحالة الزيادة عن 8 ساعات تعتبر ضمن العمل الإضافي، إلا أن هذا النظام لا يزال غير معمول به رغم إقراره.

ويوضح مدير بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة حول إصابات العمل أن العمال غير مشتركين بالضمان وحتى ما قبل تأجيل الحكومة تنفيذ الضمان حتى عام 2023، كانت الآلية غير فعالة ونعلم بأن آلية عمل العامل في القطاع الزراعي متقطعة غير منتظمة، لذلك يجب توفير آلية معينة لشموله في الضمان الاجتماعي لحمايته من إصابات العمل.

ويؤكد على أن وزارة العمل وعلى الرغم من إقرار نظام عمال الزراعة فلا تزال لا تطبقه بالإضافة لعدم وجود فرق تفتيشية على المزارع.

 

المزارعون بين الضمان والعمل

بحسب الضمان الاجتماعي فإن للعامل أو العاملة الحق في تقديم الشكوى الى مؤسسة الضمان الاجتماعي عن طريق الموقع الالكتروني الخاص في المؤسسة أو الاتصال بمركز الاتصال الموحد أو مراجعة أي فرع من فروع المؤسسة. ويستطيع المؤمن عليه والخاضع لقانون الضمان الاجتماعي التقدم بطلب العلاج في حال لم يقم صاحب العمل بالتبليغ عن أصابته خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر من تاريخ وقوعها إذا لم تقم المنشأة بإشعار المؤسسة بها. في وقت لم يصل للمؤسسة من خلال منافذها سواء البريد الالكتروني أو مركز الاتصال الوطني أي شكاوى تخص الافراد السوريين حتى نيسان 2022.

من جانب آخر الناطق الرسمي باسم وزارة العمل جميل القاضي يقول إن قانون العمل يتعامل مع العمال جميعا دون تمييز في الحقوق والواجبات، وأن الوزارة من خلال 170 فريق تفتيش تقوم بزيارات دورية للمزارع والمنشآت الزراعية والتأكد من مدى التزامها بأحكام القانون واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

ومن ناحية إصابات العمل، أوضح القاضي أن هناك نوعان تتعامل معه الوزارة وذلك بحسب عدد العمال إذ يكون من خلال متابعة التزام صاحب العمل بشروط السلامة المهنية، ومن ثم التعامل مع الإصابات بعرضها على لجان طبية ودراسة نسبة التعويضات وحجم التعطل الحاصل، مؤكدا على حق العامل بتقديم شكوى لدى الوزارة حتى ولو لم يملك تصريح عمل.

 

أضف تعليقك