غادر ملايين السوريين بيوتهم وبلادهم مرغمين عٌقب اندلاع الأزمة السورية مطلع عام 2011 ليكون الأردن الوجهة الأولى التي قصدها السوريون لقربها الجغرافي وحدودها المشتركة مع الأردن، فضلًا عن تداخل العلاقات المجتمعية بين الشعبين.
وأنشأت السلطات الأردنية يوم 29 من شهر يوليو 2012 مخيم الزعتري وهو أول مخيم للاجئين السوريين في الأردن يبعد 85 كيلو مترًا شمال شرق العاصمة عمان وعلى بعد عشرين كيلو مترًا من بلدة الزعتري في محافظة المفرق.
وبعد عشرة أعوام على إنشاء المخيم تغيرت ملامحه سريعًا فالطرق الرملية العشوائية أصبحت اليوم شوارع بأعمدة كهربائية وحلت الكرفانات مكان الخيام وظهر عدد من المحال التجارية البسيطة المصنوعة من الكرفانات ومن بعض ألواح الصفيح، كما توفر نظام مياه يربط جميع المنازل في المخيم بشبكة مياه وشبكة صرف صحيّ مما يضمن توفير المياه للاجئين بشكل آمن؛ اليوم أصبح المخيم مدينة مترامية الأطراف داخل محافظة المفرق كما جاء على لسان فاطمة وهي لاجئة من مدينة درعا السورية وتسكن المخيم منذ ما يقارب العشرة سنوات.
تقول فاطمة: "احنا أول ما أجينا على المخيم عشنا بالخيام وكانت عيشة الخيمة كثير صعبة وخاصة مع برد ومطر فصل الشتاء وحرارة الصيف المرتفعة ويلي زاد من صعوبة الوضع دورات المياه يلي كانت مشتركة بين كل اللاجئين بالإضافة لمطبخ مشترك والبنية التحتية يلي كانت غير متوفرة، أما اليوم المخيم أصبح أفضل حالًا تبدلت الخيام بالكرفانات يلي وفرت نوع من الخصوصية لكل عائلة وموصولة بمياه كنا بداية ننقلها من خزان واحد مشترك بين كل سكان المخيم".
وتضيف: "الحمد لله البنية التحتية أصبحت أفضل اليوم في طرق وبعض أعمدة الكهرباء يلي بتوصل كهرباء للكرفان من ال ساعة12ظهراً حتى الـ 11 ونصف مساءً، إضافة لوجود مدارس لكل المراحل التعليمية والمستشفيات والمراكز الصحية وبعض العيادات التي تقدم خدماتها على مدار 24 ساعة مما ساعد من العيش في بيئة المخيم الصحراوية الصعبة".
يُذكر أنَّ مخيم الزعتري يعد من المخيمات شبه النموذجية من ناحية الخدمات العامة، ومن ناحية قدرة المنظمات الدولية للوصول إلى اللاجئين، وتقديم الخدمات إليهم بشكل معقول مقارنة ببقية مخيمات اللجوء السوري في الأردن إذ يضم المخيم 32 مدرسة تعمل بنظام الفترتين، صباحية للإناث ومسائية للذكور، بالإضافة إلى ثمانية مراكز صحية ويتم تحويل بعض الحالات الطبية لخارج مستشفيات المخيم إذا دعت الضرورة لذلك.
كانت هذه الأرض خالية من السكان وهي امتداد للصحراء والبادية الأردنية لكنَّ وجود السوريين حولها لمكان حيٍّ، وخاصة سوق المخيم والذي يضم ما يزيد عن ألف محل تجاري متنوع ليصبح مصدر رزق للاجئين إذ وفر العديد من فرص العمل لساكنيه ومكان للتسوق وتلبية جميع احتياجات السكان وتصله البضائع من خارج المخيم ومن جميع المحافظات الأردنية وبأسعار تتناسب مع أوضاع ساكنيه.
وتستذكر فاطمة ذكريات أسواق سوريا الشعبية في شارع الشانزليزيه وهو أحد أهم معالم مخيم الزعتري: "المخيم أصبح مجتمعنا نمارس فيه عاداتنا ومهاراتنا وأهمها التجارة والدليل على ذلك سوق المخيم الذي يضم جميع أنواع المحال التجارية من ملابس وأحذية ومكاتب ومطاعم وخاصة مطاعم الحلويات التي تتميز بصناعة الحلويات السورية والتي تذكرنا بأسواق سوريا الشعبية".
وتشير إلى أنَّ " المخيم يضم صيدليتين توفران كل ما يحتاجه السكان من أدوية ومستلزمات طبية بالإضافة إلى سوق للخضار والفواكه الطازجة تصل بشكل يومي لسوق المخيم".
لتكمل حديثها: "سوق المخيم اليوم يوفر كل ما نحتاجه من سلع غذائية وغيرها من مستلزمات الحياة وخاصة في شهر رمضان المبارك وفي الأعياد ليكتظ بها وبساكنيه فلا حاجة للخروج لخارج المخيم بهدف التسوق".
اللجوء مُر والأيَّام فيه صعبة وقاسية بالرغم من كل الجهود التي يتم بذلها من قبل السلطات الأردنية والمنظمات الدولية في تحسين أوضاع المخيم واللاجئين إلا أنّ هنالك جملة من التحديات يعاني منها اللاجئين كان أبرزها في مجال التعليم والصحة كما جاء على لسان يوسف أحد أبناء المخيم في حديثه لسوريين بيننا ويضيف أنه "على الرغم من أنّ المخيم اليوم أفضل حال مما كان عليه سابقا لكن مازالت هناك تحديات يعاني منها اللاجئين وخاصة في مجال التعليم والصحة، ليبدأ التحدي في مجال التعليم بعد اجتياز مرحلة الثانوية العامة بنجاح فقلة المنح الدراسية التي تغطي نفقات وتكاليف الدراسة كانت سببًا في إنهاء أحلام وطموحات كثير من الطلبة اللاجئين وخاصة في ظل ارتفاع تكاليف الدراسة وصعوبة الأوضاع المالية لسكان المخيم".
يوسف وغيره من اللاجئين السوريين يناشدون المجتمع الدولي بزيادة المنح الدراسية؛ ليستطيع الطلبة المتفوقين بالثانوية العامة من إكمال أحلامهم، وإنَّ التحدي في مجال الصحة يكمن في شح الدعم المقدم للمفوضية من المجتمع الدولي".
ويعدُ مخيم الزعتري الواقع فوق أرض صحراوية تبعد حوالي 10 كم عن نقطة التقاء الحدود السورية الأردنية، أكبر تجمع للّاجئين السوريين في العالم، حيث يعيش في المخيم قرابة 78 ألف لاجئ، وفق إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.