تشهد خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية تراجعا ملحوظا ومستمرا في التمويل، الأمر الذي ينعكس سلبا على اللاجئين السوريين والمجتمعات المحلية المستضيفة من حيث تقديم الخدمات المختلفة، أبرزها التعليم والصحة والعمل؛ التي تحدث فرقا في واقع حياة اللاجئين والمجتمعات المحلية.
اندماج ناقص بحجم العجز
ووفق البيانات التي نشرتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي مطلع شهر تموز؛ فقد بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية 235 مليون دولار للنصف الأول من العام الحالي، من أصل 2.28 مليار دولار، وبنسبة وصلت إلى 10.3 في المئة، وهو ما يؤثر على عملية اندماج اللاجئين في المجتمعات المستضيفة.
ويرى الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش أن اندماج اللاجئين السوريين في الأردن ناجح إلى حد كبير، لكن يظل هذا الاندماج ناقصا بحجم عدم الاستجابة.
ويضيف أن "التأهيل في خطة الاستجابة للاندماج سيتراجع وهذا سيقلل من فرص اللاجئين في إيجاد أنشطة أو أعمال وشراكات مع عائلات وأسر من المجتمعات المحلية، الأمر الذي يقلل من نوعية هذا الاندماج. "
ويشير الناشط الاجتماعي السوري، إبراهيم أبو جود، الذي يعيش في محافظة اربد منذ نحو 10 سنوات، إلى تراجع تقديم الخدمات الصحية، خاصة العمليات الجراحية وأدوية الأمراض المزمنة.
"في تراجع كبير بفرص العمل والتطوع في المنظمات، بدأ قبل جائحة كورونا وازداد تدريجيا، هناك تفكير بالعودة إلى سوريا لدى الكثيرين نتيجة الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل، خاصة اللاجئين من محافظة درعا السورية، وهذا يرتبط بالأوضاع في الداخل أيضا" يضيف أبو جود.
ويرى عايش أن تراجع الخدمات المقدمة، ستؤثر في مرحلة لاحقة على العلاقات بين اللاجئين السوريين والمجتمعات المحلية المستضيفة لهم.
"العجز سيقلل إلى حد كبير من طبيعة الخدمات التي تقدم للاجئين وأبناء المجتمع المحلي المستضيف ونوعيتها، خاصة في مجال التعليم والصحة والمياه وخدمات البلدية، لا شك أن النتائج سلبية على جميع الأطراف، اللاجئين والمجتمع المحلي والحكومة" يقول عايش.
آثار سلبية في سوق العمل
رئيس مركز بيت العمال، حمادة أبو نجمة، يقول إن من أهم انعكاسات العجز في خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، هو انخفاض عد اللاجئين السوريين الحاصلين على تصاريح عمل، مشيرا إلى أن هذا العدد مازال ينخفض أكثر فأكثر.
ويضيف أن هذا ينعكس على أهمية تنظيم العاملين السوريين في سوق العمل من حيث الحقوق والواجبات.
"إذا ما كانوا حاصلين على تصاريح عمل يكون عملهم غير قانوني، رغم أنهم معفيين من الرسوم، وهذا يؤدي إلى أن الحمايات القانونية غير متوفرة لهم بسبب عدم شمولهم في قانون العمل والضمان الاجتماعي ولا يتمتعوا بالحمايات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية وهذا يؤثر على أصحاب العمل أيضاً" يقول أو نجمة.
وبدأ الأردن عام 2016 بمنح اللاجئين السوريين تصاريح للعمل بالسوق المحلي الأردني، ضمن المهن المسموح للعمالة الوافدة وغير الأردنيين العمل بها، وذلك استجابة لالتزامات الأردن الدولية وفقا لمؤتمر لندن الذي عقد عام 2016.
ووفق بيانات نشرتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فقد بلغ عدد تصاريح العمل الممنوحة للاجئين السوريين العام الماضي 62197، بينها 31 ألف تصريح مرن.
تراجع مستمر في الالتزام بالتمويل
ويقول الخبير حسام عايش، إن الالتزامات بخطة الاستجابة لم تصل إلى نسبة مئة في المئة في السنوات السابقة، مشيرا إلى أن "هناك تراجع مستمر في الالتزام وتسارع في عدم هذا الالتزام."
"في هذا العام ربما تكون الأزمة الأوكرانية أحد أسباب تراجع دعم الخطة، إذ توجهت الدول لتمويل أوكرانيا وبالتالي تخفيض الاهتمام فيما يتعلق بالالتزامات الأخرى" يضيف عايش.
العجز في تمويل الخطة بلغ حتى منتصف العام الحالي 2.045 مليار دولار، وبنسبة 89.7 بالمئة من إجمالي حجم الخطة.
وتوزعت قيمة تمويل الخطة للعام الحالي على 83.4 مليون دولار لبند دعم اللاجئين، ونحو 59.9 مليون دولار لدعم المجتمعات المستضيفة، فيما مولت الخطة بند الاستجابة لجائحة كورونا بنحو 4.7 ملايين دولار، والبنية التحتية وبناء القدرات المؤسسية بنحو 86.9 مليون دولار، في حين لم يمول بند دعم الخزينة بأي مخصصات، وفق بيانات الوزارة.
وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي، ناصر الشريدة، أهمية مساندة المجتمع الدولي للأردن من خلال توفير الدعم المباشر للحكومة للحد من الأثر الكبير الذي سببته أزمة اللجوء السوري على الاقتصاد الوطني الأردني.
وجاء ذلك خلال لقاء مع مساعد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون العمليات رؤوف مازو، يوم الثلاثاء، للوقوف على الآثار الاقتصادية للأزمة السورية على المجتمعات المستضيفة.
وأشار الشريدة، إلى الجهود الحكومية لتحديث خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2023- 2025 بالشراكة مع منظمات الأمم المتحدة والدول المانحة حيث تعتبر هذه الخطة مرجعية لتحديد احتياجات الحكومة للحد من أثر استضافة اللاجئين السوريين ودعم المجتمعات المستضيفة ودعم الخزينة.
وسجل الدعم الدولي للاجئين السوريين تراجعا خلال السنوات الأخيرة، إذ تمت تلبية 62% من الاحتياجات في 2016، وانخفضت النسبة إلى 50% في 2019، وسجلت انخفاضا آخر عام 2021 لتبلغ النسبة 30.6% فقط.
ويعيش في الأردن نحو 675 ألف سوري مسجلا لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بينهم نحو 133 ألفا داخل المخيمات، فيما تقول الحكومة إن 1.3 مليون سوري في المملكة.