الزراعة المائية في مخيم الأزرق للاجئين.. قصة نجاح وسط الصحراء
بأنابيب بلاستيكية يصلُ قطرها لأربع إنشات هناك في مخيم الأزرق للاجئين السوريين تمكن اللاجئ السوري عبد الغني خلف/40 عام، من تحقيق مشروع الزراعة المائية في المخيم بعد أن لجئ إليه عام 2016 من محافظة حلب السورية.
وبدعم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين استطاع الخلف تطبيق مشروع الزراعة المائية بعد محاولات عديدة بدأت عام 2018بعد زيارة قام بها الدكتور السوري مؤيد المسلماني من جامعة شفيلد/البريطانية، للمخيم بهدف التعريف بتقنيات الزراعة المائية وفوائدها والتدريب عليها كونها تتناسب مع الظروف الصحراوية للمخيم والذي يفتقر للمؤهلات الزراعية كندرة مصادر المياه وسوء التربة الغير قابلة للزراعة.
يقول الخلف، إنه بقي على تواصل مع المسلماني عن طريق تطبيق "الواتس آب" ليتقن تقنيات الزراعة المائية وبعد ستة أشهر وببعض الأدوات والمواد البسيطة كالبذور والمحاليل والأجهزة الخاصة بالزراعة تمكن الخلف من النجاح في زراعة بعض أنواع الخضروات والورقيات كالخس والملفوف والفلفل بالماء دون الحاجة للتربة.
وبعد هذا النجاح حصل الخلف على الدعم المادي من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إضافة لتكلفيه ببناء أربع أنظمة إنتاج في المخيم؛ ليدرب من يرغب من سكان المخيم على تعلم تقنيات الزراعة المائية ليضم مخيم الأزرق اليوم سبعة خطوط إنتاج قائمة وصل أصحابها للاكتفاء الذاتي في إنتاج بعض الخضروات والورقيات.
وتقوم الزراعة المائية على تخطي فكرة الزراعة بالتربة؛ ليتم استبدالها بوسط زراعي آخر وهو الماء الغني بالمحاليل المغذية والأملاح بنسب محددة يتم مراقبتها بأجهزة خاصة تُخلط في خزان ويتم تثبيتها على هيكل معدني لتتصل بأنابيب بلاستيكية تثقب بثقوب توضع فيها جذور النباتات بعد تثبيتها بإسفنج وبمسافات مختلفة يتم ثقب الأنابيب حسب نوع النبات لتقوم المضخات بضخ الماء الغني بالعناصر والأملاح بشكل مستمر داخل النظام ليحصل كل نبات على حاجته من هذه العناصر.
وللزراعة المائية ميزات لعل أهمها توفير المياه فهي تستخدم في الواقع مياهًا أقل من الأنظمة القائمة على الزراعة باستخدام التربة وذلك لأن الزراعة المائية نظام مغلق لا يخضع لنفس معدلات التبخر التي تتعرض لها الأنظمة الزراعية التقليدية، ويمكن تصفية المياه المستخدمة في أنظمة الزراعة المائية، وإعادة ملئها بالمغذيات، وإعادتها إلى النباتات مرة أخرى بحيث يتم إعادة تدوير المياه باستمرار بدلاً من إهدارها.
وبالرغم من وجود سبعة خطوط إنتاج قائمة على الزراعة المائية في المخيم يمتلك أصحابها حديقة صغيرة تضم أنواعا مختلفة من الخضروات والورقيات وحتى الأزهار إلا أنّ هناك جملة من التحديات تعيق نجاح أو استمرار بعضها.
"بدأت هذه التحديات بداية مع جائحة كورونا والتي كانت تقف عائقاً في توسع وانتشار هذا المشروع بسبب إيقاف التدريب وتحويله عن بعد والتأخر في الحصول على الدعم والمواد من المنظمات بسبب إغلاقها في بداية الجائحة؛ ليتم بعد ذلك التغلب على هذا التحدي وتبقى الظروف البيئية هي العائق الأكبر لنجاح وتوسع هذا المشروع، فدرجات الحرارة المرتفعة وانتشار الغبار في البيئة الصحراوية يحتاج الكثير من التقنيات الحديثة ليتم تجاوزها وزيادة الإنتاج" يقول الخلف.
ويضيف الخلف في حديث لــ"سوريون بيننا" أن "المشروع يقوم على بعض التقنيات والأدوات البسيطة جداً المعاد استخدامها كبعض العبوات البلاستيكية التي تثبت بها جذور النبات، فالخلف أقام خط الإنتاج الخاص به بهذه المواد الأولية وعلى الرغم من فاعليتها إلا أن المشروع يحتاج لتقنيات وأدوات حديثة ليتوسع أكثر وينتشر ويتم زراعة أنواع جديدة من النباتات في هذا الوسط."
وفي وسط صحراء المخيم يحلم الخلف أن تمتلك كل عائلة في المخيم خط إنتاج خاص بها تتكمن من خلاله من توفير احتياجاتها من بعض الخضروات كالخيار والفلفل والخس والكثير من الورقيات، فالظروف البيئية القاسية ليست وحدها التي يعاني منها اللاجئين داخل المخيمات فالاقتصادية والمعيشية تفوقها في بعض الأحيان.
إستمع الآن