هل ينزع اتفاق وقف النار فتيل البارود في درعا؟
في الوقت الذي أعلنت فيه فصائل الجبهة الجنوبية ( 49 فصيلا)، مقاطعتها للجولة الخامسة من مفاوضات أستانة 5 في العاصمة الكازاخية في 5 تموز\يوليو، كانت كل من روسيا وأمريكا والأردن تضع في العاصمة الأردنية عمان اللمسات النهائية لاتفاق ثلاثي يعلن وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا (درعا والقنيطرة) ليخرج إلى النور في التاسع من تموز\يوليو.
اتفاق غامض في تفاصيله، كان عنوانه الأبرز "وقف إطلاق النار على طول خطوط تماس اتفقت عليها قوات الحكومة السورية والقوات المرتبطة بها من جانب، وقوات المعارضة السورية المسلحة". كما نقل الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية في 7 تموز\يوليو.
مصادر متطابقة في المعارضة المسلحة السورية وأخرى في النظام السوري، أكدت لـ"عمان نت" أن بعض جوانب الاتفاق تتضمن "سحب النظام السوري لحلفائه من الميليشيات الإيرانية وحزب الله بعيدا عن الحدود الأردنية وحدود الجولان المحتل، بعد أن احتشدت هذه المليشيات في أيار\مايو لإعادة السيطرة على حي المنشية ودرعا البلد، بينما بقيت قضية السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن عالقة دون حل".
وطالما شكلت درعا المتاخمة للحدود الشمالية الأردنية (13كم عن الحدود) مصدر قلق للسلطات الأردنية، وبوابة لتدفق اللاجئين السوريين، ومصدرا لتساقط القذائف على القرى الأردنية بشكل متذبذب كان آخرها في 15 تموز/ يوليو 2017 مخلفة إصابة واضرار مادية.في معبر جابر الحدودي.
لكن ليس هذا هاجس الأردن الوحيد القادم من درعا، فقد استطاعت السلطات الأردنيّة على مدار الأعوام الماضية المحافظة على قاعدة درعا خالية من "داعش"، بالتّعاون مع فصائل مدعومة من "غرفة الموك"، إلا أن هذه القاعدة كسرتها فصائل إسلامية متطرفة بايعت تنظيم الدولة في 2016 تحت اسم جيش خالد بن الوليد الذي يبعدكيلومتر واحد عن الحدود الأردنية.
الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، محمد أبو رمان، يرى في حديث الـ"مدن" أن "هذا الاتفاق الثلاثي يشكل مصلحة استراتيجية للأردن، ويمهد لإقامة مناطق آمنة في الجنوب السوري، والأردن من عرابي هذه الفكرة لجملة من الأسباب أبرزها: فشل الهدنة ووقف إطلاق النار يهدد الأمن الأردني بصورة مباشرة من خلال تدفق المزيد من اللاجئين، أو انهيار الجيش الحر وبروز داعش، و اقتراب الاشتباكات من الحدود الأردنية وتأثر القرى الأردنية بسقوط القذائف".
يعتقد أبو رمان أن الاتفاق الثلاثي (الروسي الأمريكي الأردني) "خرج بمنطقة آمنة مصغرة تشمل درعا وريفها والقنيطرة، في وقت كانت فكرة المنطقة الآمنة في السابق تشمل البادية السورية أيضا (جنوب شرق الأردن) الا أن الأمريكيين والروس قاموا بتقاسم أماكن النفوذ هناك وحدد الأمريكيون مناطق نفوذهم 30 كيلو غرب قاعدة التنف، بينما تمدد الروس باتجاه السويداء".
يقول الباحث إن "لا مشكلة لدى الأردن حول ماهية الجهة التي تسيطر على معبر نصيب الحدودي او من يراقب وقف إطلاق النار، شريطة أن لا تكون قوات ايرانية".
ولم يكن بند إبعاد الميليشيات الإيرانية وحزب الله عن الحدود مطلبا أردنيا فقط، وحسب ما تسرب لـ"عمان نت" من معلومات، التقت الأردن وإسرائيل على هذا المطلب، مع "حصول إسرائيل على تعهد ببقاء جميع الفصائل بعيدة عن حدود الجولان مسافة 20-30 كيلو متر".
الخبير العسكريّ الأردنيّ اللواء الطيّار المتقاعد مأمون أبو نوّار لـ"عمان نت"، يجزم أن "إسرائيل شاركت في اللقاء الثلاثي بعمان، لتكون أبرز الرابحين بحصولها على المنطقة العازلة تعطيها ميزة دفاعية خصوصا بوجود نظام إنذار مبكر لديها من الصواريخ، كما حافظت بالوقت ذاته على الجولان آمنة".
وحسب أبو نوار، " دفعت إسرائيل الاتفاق بشكل قوي، خصوصا مع تزايد النفوذ الإيرانية في الجنوب السوري، وتشكيل الطريق البري الذي يربط طهران بدمشق، إذ تتخوف إسرائيل من وجود قواعد لإيران وحزب الله بالقرب من الجولان المحتل".
وكانت صحيفة "هآرتس"الإسرائيلية قد كشفت في 19 نيسان/ أبريل عن مخطط لإقامة منطقة عازلة على الحدود الفاصلة بين الجولان المحتل وسوريا والأردن.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، دعا مسؤولين أمريكيين ودوليين إلى أخذ إقامة منطقة عازلة بعين الاعتبار.
على صعيد آخر، يرى أمين عام حزب الوحدة الشعبية الأردني، سعيد ذياب (حزب يساري)، أن " الخطر الحقيقي على الأردن لا يكمن في تواجد الميليشيات الإيرانية وحزب الله بالقرب من الحدود، إنما يكمن الخطر في فصائل داعش وجبهة النصرة".
ويتهم ذياب في تصريح لـ"عمان نت"، "النظام الأردني بافتعال خطر المليشيات الشيعية لتبرير استمراره التدخل في الشأن السوري"، معتقدا أن "خطر وجود حزب الله وإيران يهدد الكيان الصهيوني".
تنظر فصائل الجبهة الجنوبية بعين الحذر إلى الاتفاق، ويشكك قائد بارز في الجبهة من جدية النظام في الالتزام بالهدنة، وقال القائد إن الجبهة الجنوبية تقوم برصد وتوثيق خروقات يومية للهدنة من خلال مكتب خاص للتوثيق والإحصاء.
* هذا التقرير يأتي ضمن مشروع "إنسان"