اتحاد الطلبة: دور حيوي وتحدّيات راهنة

الرابط المختصر

يُعدّ اتحاد الطلبة جزءًا أساسيًا من الحياة الجامعية، حيث يلعب دورًا محوريًا في تمثيل صوت الطالب والدفاع عن حقوقه، فضلًا عن مساهمته في تطويره على الجانب الأكاديمي والاجتماعي، وهو ما يؤكد عليه الطلاب والمدرّسون والإداريون في كلّ من الجامعة الأردنية وجامعة اليرموك.

ظهر اتحاد الطلبة في دورته الحالية التاسعة والعشرين، بعد فترة انقطاع طويلة فرضتها جائحة كورونا على الجامعات، مما أدى إلى عدم امتلاك معظم الطلاب تجربة سابقة مع نشاطات الاتحاد، وهو ما يوقع على عاتق الاتحاد الحالي مسؤولية كبيرة منذ يوم انتخابه. هذا ما أشار إليه الأستاذ موفق البطاينة، مساعد مدير الدائرة الثقافية والفنيّة في عمادة شؤون الطلبة بجامعة اليرموك.
 

ويعبّر محمد الخطيب، عضو اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية والإداري في كتلة أهل الهمّة، عن الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الاتحاد بعد خمسة أعوامٍ من الغياب، ويُظهر مخاوف الطلبة من فرض الجامعة قيودًا وسياسات جديدة، خاصةً أنّ غالبية الأعضاء الجدد لم يسبق لهم العمل في الاتحاد، معتبرًا أن من الضروري وجود طلبة ذوي خبرة بتاريخه، لضمان عدم تقييد دوره في المستقبل.
 

أثّر غياب النشاطات الطلابية والانتخابية خلال السنوات الماضية سلبًا على البيئة الجامعية، حيث تلاحظ الدكتورة نماء البنّا من كليّة الشريعة في الجامعة الأردنيّة، فرقًا ملحوظًا بين الطلبة السابقين والحاليين في مستوى النشاط والأداء العام، مفسرة ذلك بنقص التجربة والخبرة التي يوفرها الاتحاد.
 

ويشير البطاينة إلى أن غياب الاتحاد في السنوات الماضية أثر على قدرة الجامعة على متابعة هموم الطلاب، بموجب الحلقة المفقودة التي كان يملؤها الاتحاد، مما اضطر كل طالب لحل مشكلته بمفرده، موضحًا أن الزِّحام يعيق الحركة.


 

اتحاد الطلبة ودعم مصالح الطّلاب
 

طالبة الجامعة الأردنية فرح شحادة تتوقع من المرشحين الذين صوتت لهم، أن يكونوا على دراية بما يحتاجه الطالب كونهم طلاب أيضًا، وأن ينقلوا هذه الاحتياجات إلى الجهات المعنيّة. 
 

وترى ذكرى الحوامدة، عضو اتحاد الطلبة في اليرموك، أن أي مجتمع، سواء كان جامعيًا أو خارجيًا، يحتاج إلى تمثيل فعّال للشريحة المتلقية للعملية التعليمية، نظرًا لأنّه من غير المنطقي الاستماع فقط من الجهات التي تقدِّم المعلومة، دون الاستماع إلى المستفيدين منها.

ويقول الخطيب إنه على الرغم من أن الاتحاد يُعدّ الممثل الرئيس للطالب أمام إدارة الجامعة، إلا أن هذا التصور لا يعكس الهدف الأسمى له، إذ أن العديد من الطلاب يعتقدون أن دور الاتحاد يقتصر على الجوانب الأكاديمية والخدماتية فقط، حيث يُنظَر إليه أحيانًا كجهة مختصة بفتح الشعب الدّراسية، مشددًا على أن الاتحاد يجب أن يتجاوز هذه الجوانب ليشمل أبعادًا برامجية وسياسية تعبّر عن مزاج الشارع الطلابي، خصوصًا في ظل الظروف السياسية والحزبية الراهنة.

الدكتور محمد محروم، مساعد عميد كلية الإعلام لشؤون الجودة في اليرموك، يتوقع أن يتطور دور الاتحاد الطلابيّ في التأثير على القضايا المحلية، بعد صدور نظام العمل الحزبي في الجامعات، بما في ذلك القضايا السياسية والاجتماعية. 

من جانبها تعدّ البنا الجامعة صورة مصغرة للمجتمع الخارجي، وبالتالي يجب تهيئة الطلاب بشكل جيد لممارسة حقوقهم السياسية وتقييم البرامج الانتخابية، والدور الأكبر للاتحاد في هذه التهيئة، بمساعدة الطلاب على ممارسة حقهم في إبداء الرأي وتحسين نظرتهم لذاتهم.


 

الانتخابات الطّلابية ونسب التصويت 

 

"لو لم أكن مرشحة، لما اهتممت بالتصويت على المستوى المحلي، لأنني لم أقتنع بالأفكار أو الأشخاص، حيث أن أغلبهم لم يقدموا برامج واضحة ولم يكن لديهم أي سجلّ حافل"، هذا بحسب ما قالت الطالبة في جامعة اليرموك، مريم البطوش. 
 

وتُضيف الطالبة بيسان من الجامعة الأردنية، أنّ البرامج الانتخابية التي شاهدتها لم تهدف إلى تحقيق حقوق الطلاب بقدر ما ركزت على البناء الفردي، وهو ما يعد مسؤولية الكتل الطلابية وليس مجلس اتحاد الطلبة برأيها، على سبيل المثال، عندما سألت أحد المرشحين عن برنامجه الانتخابي، كانت إجابته ببساطة: "تخيلي يوم لبستي بنطلون أبيض وقعدتي على كرسي عليه حبر، أنا هدفي هو تغيير هاد الكرسي".
 

وينوّه الخطيب: "هؤلاء الطلبة هم من نطمح للوصول إليهم وزيادة وعيهم بأهمية الاتحاد، لتشجيعهم على المشاركة في الانتخابات مستقبلاً، بغض النظر عن تصويتهم لنا أم لا، هدفنا هو زيادة نسبة المشاركة وتحقيق تمثيل أكثر دقة، الأمر الذي يمنح الاتحاد الشرعية والقوة أمام إدارة الجامعة"، مشيرًا إلى أن نسبة الطلاب الذين لم يدلوا بأصواتهم تصل إلى نحو 50%، بالنّسبة للجامعة الأردنية.

 

ويذكر الخطيب أن التدخلات في الانتخابات أدت إلى تشكيل اتحاد طلبة وهيئة تنفيذية لا تعكس إرادة الطلاب الحقيقية، لكنه يؤكد استمرارهم بالعمل بجهد وشرعية اكتسبوها من الشارع الطلابي.
 

أمّا بالنسبة لنتائج عملية الفرز، توضح الحوامدة أنها لا تشكك في صحّتها، لكن من المعروف أن جامعة اليرموك، بوجودها في قلب مدينة إربد، تتأثر بالنظام العشائري السائد في المنطقة، مؤكدة اعتزازها بالأصل العشائري، إلا أنها تدرك تأثير هذه العوامل على مصداقية التعبير عن الرأي، حيث صوّت بعض الطلاب لأبناء عشيرتهم بغض النظر عن كفاءتهم.

 

وتدعو الحوامدة الجميع إلى التحلي بالوعي الكافي لاختيار المرشحين بصدق وأمانة، دون تحيز؛ لأن هذه أمانة سنُحاسب عليها.
 

من جهته يؤكد البطاينة أن العمادة في جامعة اليرموك بذلت جهدًا كبيرًا لضمان شفافية ونزاهة العملية الانتخابية، مما ساهم في نجاحها الكبير، حيث شهدت نسبة اقتراع قاربت 50% رغم ضيق الوقت المتاح.

 

تحديات تواجه الاتحاد 
 

الإجراءات البيروقراطية التي تفرضها عمادة شؤون الطلبة أو الكليات تحاول دائمًا البحث عن أخطاء في الكتب الرسمية المقدمة، وهذه الثقافة في التعامل مع الاتحاد تشكل تحديًا كبيرًا، حيث تعرقل تقدمه وتؤثر سلبًا على فعالية عمله، بحسب الخطيب.

 

وتعتقد البطوش أنه يجب تنظيم وقفة جدية لتوجيه تعليمات الاتحاد، لأن بعض القوانين تحد من صلاحياته وتجعل دوره يبدو وكأنه تابع لعمادة شؤون الطلبة بدلاً من كونه جهة مستقلّة.

 

بدَوره يُظهِر محروم أن التحديات المالية تظلّ من أبرز التحديات التي تواجه الاتحاد بعد إزالة كافة الحواجز الأُخرى، ولكنه يتوقع أن يكون لاتحادات الطلبة تأثير كبير في المستقبل القريب، في ظلّ الدعم الملكي المتوقع.

 

وفي الختام يؤكّد الخطيب أنّ الجامعة تساهم بشكل أساسي في صقل شخصية الفرد، إذ تمثّل فرصة لتطوير وتشكيل الأفكار والمبادئ، بينما يصبح من الصعب تغييرها بعد التخرج، لافتًا إلى جدوى تجربة الاتحاد في منح الطالب المهارات والقدرات اللازمة ليكون فردًا مؤثرًا، قادرًا على خدمة دينه ووطنه وأمته.