الإعلام البيئي: دعامة أساسية لتعزيز وعي الشباب الأردني بالقضايا البيئية
في ظل التحديات البيئية المتزايدة، بات الإعلام البيئي ضرورة ملحة لنشر الوعي وتعزيز الفهم العام للقضايا البيئية وتأثيراتها على حياتنا اليومية إذ يُعد هذا النوع من الإعلام وسيلة حيوية لإبراز دور الشباب في إيجاد حلول مستدامة، وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في المبادرات البيئية، سواء من خلال العمل التطوعي أو الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة وإدارة الموارد الطبيعية.
ويسهم الإعلام البيئي في تعزيز الوعي بأهمية السياسات البيئية ويحفز الشباب على الانخراط في الحوار المجتمعي والسياسي لضمان مستقبل بيئي مستدام للأردن، وهذا ما حاولت مؤسسات الدولة والمبادرات الفردية إبرازه خلال السنوات الأخيرة.
رئيس مجلس إدارة جمعية البيئة الأردنية، الصحفي علي فريحات عرف هذه النوع من الإعلام "الإعلام البيئي بمفهومه الحديث هو إعلام تنموي يلعب دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة ويهدف إلى تحفيز الجمهور للمشاركة الفعالة في رعاية البيئة، لكنه يعاني من غياب استراتيجية إعلامية بيئية ويظل إعلام مناسبات يظهر عند ظهور المشاكل والأزمات البيئية ثم يختفي " .
تنشئة الإعلاميون الشباب
الناشطة في مجال المناخ، المهندسة سعاد طلافحة فتؤكد لعمان نت على ضرورة توفير مناهج وتدريبات متخصصة للطلبة الشباب في الكليات الإعلامية الجامعية، لتوجيه الإعلام نحو تغطية الانتهاكات البيئية والأحداث والجهود العالمية لمواجهة التغيرات المناخية.
وتشير إلى أن التمويل والدعم المقدم للإعلام البيئي محدود، وأن المحتوى الإعلامي البيئي لا يزال غير جذاب للجمهور، وهذا أحد أهم المعيقات.
وتشجع الطلافحة على ضرورة تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للصحفيين في مجال البيئة وتغير المناخ لتحسين مهاراتهم ومعرفتهم، مشددة على أهمية توفير زمالات صحفية في المؤسسات الإعلامية الرائدة، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الإعلامية والجامعات والمراكز البحثية لتوفير معلومات وبيانات موثوقة ودقيقة. لما من شأنه تحسين جودة التغطية الإعلامية للقضايا البيئية، ورفع مستوى الوعي البيئي لدى الشباب، مما يساهم في تحقيق تنمية مستدامة ومستقبل أفضل للأردن.
تبنت عدد من مؤسسات المجتمع المدني خططًا وبرامجًا لتعزيز الإعلام البيئي لدى الشباب الأردني ف ربى أبو زغد مسؤولة الاتصال والإعلام في هيئة أجيال السلام تقول " انطلقنا ببرامج ترفع الوعي المجتمعي وتحديدًا بين الشباب، وتبني قدراتهم في مجال قيادة المبادرات البيئية وكسب التأييد لقضاياهم وتوصياتهم، وعلى رأس ذلك برنامج صَوْن الذي ننفذه بالشراكة مع يونيسف ووزارة الشباب ووزارة البيئة
البيئة.
وظفنا الإعلام من أجل تناول هذه القضية الحساسة بشكل واعي وشبابي ومبسّط للجميع ولدينا برامج إعلامية لصناعة المحتوى الإبداعي المتعلق بالمناخ بقيادة شبابية إلى جانب تدريب صحفيّات وصحفيين على كيفية تناول هذه القضية الحساسة أمام الجمهور، وأطلقنا برامج متنوعة تعتمد على أداة الإعلام من أجل السلام، وقد تناولنا فيها القضايا المناخية من وجهات نظر شبابية، بحسب أبو زغد.
من جهته يشير الناطق الإعلامي باسم وزارة البيئة، أحمد عبيدات، إلى أن " الإعلام البيئي المحلي غير متخصص، وأن الوزارة تعقد ورش تدريبية وتثقيفية للصحفيين والإعلاميين، وتسعى للتنسيق مع الجامعات والكليات التي تدرس تخصصات الإعلام، بالإضافة إلى التعاون مع وزارة الاتصال الحكومي".
ولفت إلى أن الوزارة أطلقت الخطة الوطنية للتوعية البيئية والتي تهدف لرفع درجة الوعي والتثقيف البيئي لدى كافة المواطنين والمؤسسات العاملة، بهدف تأسيس فكر توعوي بيئي آمن يشكل خارطة طريق لتحقيق برامج تنموية استثمارية مستدامة.
ويؤكد عبيدات على أن وزارة البيئة تعمل أيضًا على إشراك الشباب في الكثير من البرامج والفعاليات الدولية والوطنية، مشيرة إلى ترحيبها بالمبادرات الشبابية في المجال المناخي والبيئي من مشاريع وبرامج وأوراق سياسات وفعاليات و على سبيل المثال، تعاونت الوزارة مع وزارة الشباب لعقد مؤتمر الشباب المحلي للتغير المناخي السنوي، مما يعزز مشاركة الشباب في القضايا البيئية.
مؤشرات ودراسات
بحسب دراسة أعدّها الدكتور محمد أبو رمان والدكتور وليد الخطيب بعنوان "الديمقراطية وحقوق الإنسان: الشابّات والشباب في الأردن 2023"، فإن غالبية الشباب الأردني، بنسبة 66% من عينة البحث، يوافقون تمامًا أو يميلون إلى الموافقة على عبارة "تزايد الوعي بالقضايا البيئية في المجتمع في السنوات الأخيرة". كما أن 68% يوافقون تمامًا أو يميلون إلى الموافقة على عبارة "أنا قلق على البيئة". هذه الأرقام تبرز مدى اهتمام الشباب الأردني بالقضايا البيئية وحاجتهم إلى مصادر موثوقة للمعلومات والتوجيه.
كما أظهر استطلاع الباروميتر العربي أن 80% من البالغين الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن نقص الوعي لدى المواطنين يساهم بشكل كبير في التحديات البيئية.
وأكدت دراسة بعنوان "دور البرامج الإذاعية في التوعية البيئية من وجهة نظر الشباب الأردني 2020" على قلة البرامج البيئية المتخصصة والافتقار إلى الإعلاميين المتخصصين في المواضيع البيئية .
ورغم هذا الوعي المتزايد، ما يزال الإعلام الإعلام البيئي يواجه تحديات كبيرة، ويرى مختصون ومسؤولون أنه لم يرقَ بعد إلى المستوى المطلوب. وأبرز هذه التحديات ضعف نقل وتوجيه الرسائل الإعلامية البيئية للجمهور، خاصة الشباب، وقلة الموارد والإمكانيات.